لا أعتقد أن المشكلة الحاصلة اليوم بين لبنان وبين الدول العربية مجتمعة , تُعالَج بطريقة التسخيف  , والشتيمة , ونبش التاريخ , ونشر السيئات , كما يفعل بعض الاشخاص المُعتاشين على ضفاف القوى السياسية الكبرى أو على هوامشها المُهملة , هؤلاء الاكثر حماسة في السب والشتم , هم بقايا  الأحزاب اليسارية اللبنانية المندثرة بسبب إخفاقهم السياسي  , فهم لم يقدموا لأحزابهم شيئا بالاصل , وأحزابهم قد تلاشت لأنهم كانوا هم يمثلونها , وألآن يصطفون على عتبات الاحزاب الاسلامية كافة , ويعربشون على جدران الشعارات التي خانوها من زمن طويل , ويمارسون هواياتهم الفارغة من المضمون الفكري والسياسي , بهدف راتب شهري قد يكون زهيدا , أو يتوسلون شهرة عند جمهور القوى الحاكمة اليوم .

  فعلى القوى السياسية الاساسية في لبنان ومن باب الحرص على لبنان وإستقراره داخليا , وتحسين صورته خارجيا , وحفظا  لموقعها ودورها أن تمنع هؤلاء من التصدر على شاشات التلفزة , لأنهم يخدمون الفتنة , ويصبون الزيت على النار , وأن تحدد هي نوع العلاج الناجع لهذه المشكلة .

اما إذا كانت هذه القوى هي التي تطلب منهم هذا الدور الفتنوي التحريضي , فنكون قد دخلنا في نفقٍ مُظلم أعده لنا أعداء الوطن ومن يتربص بنا شرّ الدوائر , ولتتحمل مسؤولية خطابهم الفتنوي التحريضي .

منذ أن إستعرت المشكلة بين العرب وبين لبنان , وانا أتابع بعض الاعلاميين الذين إعتادت الفضائيات إستضافتهم وخاصة عندما لم تجد من تستضيفه ممن يمثل القوى رسميا , وأتابع مواقع التواصل الاجتماعي , وأرى حماسة هؤلاء المنتمين إدّعاءً إلى ما يسمى قوى 8 آذار وقوى 14 آذار , وجُلّهم أو كلهم لا ينتمون فكريا وثقافيا إلى القوى المتصارعة  , أي إلى ( حزب الله وتيار المستقبل ) ومن خلال التناقضات في مصطلحاتهم السياسية والقومية , وتكرار ما مضى من حوادث لها ظروفها ومعطياتها السياسية التي إنتهت , لأن أصل الصراع تحوّل من حيث الاسباب والاهداف , تشعر وكأنك تعيش فترة الحرب اللبنانية الاهلية التي كانوا هم روّادها ,هذا يعني أنهم مسكونون بفكر رجعي تقليدي لا ينتمي إلى مفهوم الصراع الحالي .

اليساري الفلاني , أو الفتحاوي العلتاني , أو الانعزالي التاريخي , أو قاتل الابرياء في السبت الاسود , أو اللحدوي الحدودي , أو صديق الاجتياح عام 1982 م , هؤلاء معروفون بالاسماء والتفصيل جميعا ومن كل الانتماءات التاريخية المتناقضة , مُستأجرون من قبل القوى السياسية الحاكمة , كيف يمكن لهؤلاء الفاشلون المحملون بكل عُقد الماضي أن يُقاربوا صراع اليوم , وخاصة أن الصراع قد تلبّس بلبوس الدين والمذهب .

فلبنان الآن  أمام تحدٍّ خارجي متمثل بالهجمة العربية الأولى من نوعها في تاريخ لبنان والعرب , بوصفه صديقا لهم وهم دائما يتغنون به ولطالما كانت بيروت عاصمتهم الثانية , وهذا التحدي خطير لأنه لا يعرف أحد مداه , لذا يتطلب من القوى السياسية أن تكون على قدر المسؤولية والوعي الكافي ,  وأمام تحدٍّ داخلي متمثل بهذه الاصوات الفتنوية التي تسعّر أوار الفتنة و والذين هم الاعداء الحقيقيون للدولة وللوطن , لأن أعداء الداخل أشدّ فتكا من أعداء الخارج وهنا لا بد من الحذر الواعي كي لا نقع في مقولة " جبنا الاقرع حتى يُوَنسنا , كشف عن القرعة وفزعنا " .