مزيدا من الضغط العربي على لبنان يترافق مع إرباك حكومي حول كل شيء

 

السفير :

يعبّر بيان «كتلة الوفاء للمقاومة»، أمس، بشأن قرار مجلس التعاون الخليجي تصنيف «حزب الله» بأنه «منظمة إرهابية»، عن قراءة حزبية هادئة: «هو قرار طائش عدواني مُدان.. يتحمل النظام السعودي مسؤولية صدوره وتبعاته، وهو يتلاقى في شكله ومضمونه مع توصيف العدو الإسرائيلي لحزب الله».
لم يكن الإعلان السعودي مفاجئاً للحزب ولا ما جرى في مؤتمر وزراء الداخلية العرب أو ما سيجري في القمة الإسلامية الاستثنائية الخامسة بشأن فلسطين يومي الأحد والإثنين المقبلين في العاصمة الإندونيسية، ولا بعدها في القمة العربية المقبلة وغيرها من المنتديات العربية والإسلامية.
منذ أن بدأت ترتسم معالم التسوية السياسية في سوريا، خصوصاً بعد التدخل العسكري الروسي، كان الهاجس الذي يقض مضاجع «حزب الله» يتمحور حول ما يمكن أن يقدم عليه السعوديون والأتراك في محاولة من الإثنين معاً أو من أحدهما للتعويض عن فشل كل «مشروعهما السوري». وُضعت كل الاحتمالات على الطاولة، وكان من ضمنها أن يلجأ السعوديون الى محاولة إلزام الخليجيين جميعاً بقرارات لا تتوقف فقط عند حد توصيف «حزب الله» أنه «منظمة إرهابية».
النقطة الثانية وربما الأساس تتمحور حول عدم وجود ضوابط للصراع الجاري على السلطة في السعودية بين «المحمديْن» (بن نايف وبن سلمان)، فإذا كانت «المملكة» نفسها تدفع في سياستها وأمنها ونفطها وموازنتها وخصوصاً العسكرية، أثمان هذا الصراع المفتوح على مصراعيه، فكيف الحال مع دول الخليج المغلوبة على أمرها، والتي عبّرت في مناسبات مختلفة، أمام مسؤولين عرب ودوليين، عن وجود إرادة سياسية لديها بإقامة علاقات حسن جوار مع جارتهم الخليجية إيران.. ولكن.
باستثناء البحرين، وبعض مفاصل الإمارات، ندر أن تجد دولة خليجية توافق السعودية على خروجها عن أطوارها. هو مسار بدأ مع تسلم الملك سلمان العرش، أي نجاح ابنه ولي العهد الثاني بالقبض على ختم الديوان الملكي.. حتى إشعار آخر.
برزت في مرحلة معينة مناقشات سعودية أمام مسؤولين دوليين: هل نُبرم صفقة مع إيران ويكون ثمنها استقرار منطقة الخليج.. وحسم معركة العرش؟
لا تبدو الظروف ناضجة لمثل هذه الفرضية، بسبب احتدام الصراع بين «المحمديْن». بلغ النقاش سؤالاً ثانياً: هل يمكن لـ «المواجهة» (يتحدث عنها وزير داخلية لبنان باستمرار) أن تفرض موازين قوى جديدة تجعل السعودية تجلس الى طاولة تسويات الإقليم؟
المعضلة الكبرى حالياً افتقاد المملكة لـ «الضوابط»، وتحديداً «الحكمة» التي لطالما ميّزت سياسات من توالوا على العرش منذ زمن تأسيس الدولة حتى يومنا هذا. هذه النقطة، هي مبعث القلق عند أوساط دولية وإقليمية، خصوصاً أنها يمكن أن تؤدي الى انزلاق السعودية الى مطارح خطرة، سياسياً وأمنياً ومالياً، بدليل التخبط في ملفات النووي الإيراني واليمن وسوريا والعراق ولبنان.
ولا يكون عاقلاً من يقول إن أحداً من حلفاء السعودية في لبنان يمكن أن يجد تفسيراً لتشجيع الرئيس سعد الحريري على العودة الى لبنان، قبل أن ترمى بوجهه، وبشحطة قلم، خطوة من نوع إلغاء المليارات الأربعة لتسليح الجيش وباقي المؤسسات الأمنية.
وما يسري على هذا القرار، يسري على قرار السعودية وضع قناة «المنار» وعدد من أسماء المحسوبين على «حزب الله» على لائحة الإرهاب، وذلك في عز مبادرة الحريري الهادفة إلى ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وما يسري على لبنان، يسري على اليمن، عندما نجد أن حليف السعودية الأول (علي عبدالله صالح) صار عدوها الأول، وعندما نجد مدناً ومحافظات تسقط بيد حلفاء السعودية اليوم، وتصبح معقودة النصاب لـ «القاعدة» وأخواتها في اليوم التالي. ثم من يملك تفسيراً للاندفاعة السعودية لقتال «داعش» في سوريا، فجأة، وعبر قاعدة أنجرليك التركية؟ ألا يصح طرح سؤال بريء من نوع أن «داعش» موجود في العراق منذ سنة ونيف، وهو يشكل تهديداً للحدود السعودية، فكيف شكلت تحالفاً إسلامياً دولياً لقتاله في سوريا ولم تقرر قتاله في العراق؟ وما معنى إعلان قيادة «حزب الله» عن وجود أدلة تظهر تورط الأمن السعودي في تفجيرات حصلت في لبنان والعراق واليمن.. وســوريا؟
الفاتورة بين «حزب الله» والسعوديين مفتوحة منذ زمن تأسيس المقاومة في بداية الثمانينيات. الدليل أن «البصمات السعودية» كانت واضحة في تمويل جريمة محاولة اغتيال المرجع السيد محمد حسين فضل الله في العام 1985، عندما كان يُطلق عليه لقب «المرشد الروحي لحزب الله». وقتذاك، كانت أهداف الجريمة التي أوقعت مئات الضحايا في حي بئر العبد الشهير، أميركية ـ إسرائيلية، لكن بأدوات لبنانية وعربية، وكان المقصود إنهاء حالة كاملة، بدليل ضخامة الانفجار الذي دمر منطقة بكاملها.
مرت العلاقة بين السعودية و «حزب الله» بمحطات كثيرة، وبرغم التباينات في محطات عدة، تمكن «الناظم السوري» من ترسيم حدود العلاقة بين «الحريرية السياسية» والمقاومة، والدليل تجاوز مراحل عدوان تموز 1993 ومحاولة إدخال الجيش الى منطقة عمل «اليونيفيل» في السنة نفسها وعدوان «عناقيد الغضب» في ربيع العام 1996، وصولاً الى «إنجاز التحرير» الذي لطالما قيل لقيادة «حزب الله» إنها ستدفع ثمنه من رصيدها العربي والإسلامي عبر محاولة «شيطنة» المقاومة ودمغها بـ «الإرهاب».
ولطالما أبرزت تلك المحطات وجود إرادة لدى الطرفين بـ «التعايش» وعدم قطع خطوط التواصل، حتى أن عدداً من قادة الحزب زاروا السعودية بعد الرابع عشر من شباط 2005، في إطار المساعي الهادفة الى لمّ الأزمة السياسية التي نشأت بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

النهار :

لعل وزراء حكومة "المصلحة الوطنية" أنفسهم لم يتنبهوا الى المصير الذي آل اليه وضع لبنان في ظل مسلسل الأزمات الخانقة التي تعتصره من خلال مفارقة ولا أغرب تمثلت في مساواة أزمة حصاره عربياً وخليجياً على نحو غير مسبوق، واقتراب أزمة النفايات من نهايات ستكون مفجعة سياسياً وحكومياً واجتماعياً ان لم يترجم وعيد رئيس الوزراء تمام سلام بما يتجاوز تعليق جلسات مجلس الوزراء الى اعلان فشل الحكومة كلاً. هذا المصير القاتم لا تزال تفصل بينه وبين المحاولة الاخيرة لاخراج حل المطامر من خرم مماحكات القوى السياسية شعرة لأن المعطيات التي تملي الاسراع في بت حل أزمة النفايات الاسبوع المقبل حداً أقصى بدت أشد ضغطاً من أي وقت سابق وما لم يحصل "الاختراق" المتأخر نحو ثمانية أشهر هي عمر هذه الكارثة فإن الحكومة آيلة الى الانهيار لا محال، علماً ان مجمل المناخ الخانق في البلاد بات ضاغطاً بقوة من أجل انفراج في مكان ما بما يشكل جرعة انعاش وخروج من شرانق العجز والتأزيم والاحتقانات.
تبعاً لهذه الصورة السوداوية لم يكن غريباً ان تتسارع محاولات التوصل الى استكمال اللمسات الجارية على الحل الموقت للنفايات والتي يساهم في الدفع نحو انجازها زعماء سياسيون من أبرزهم الرئيس سعد الحريري الى جانب الرئيس سلام الذي مضى في الضغط أمس عبر جلسة مجلس الوزراء لاتمام الاتفاق السياسي على الحل الذي أمل في التوصل اليه خلال أيام. لكن سلام قرن حديثه عن قطع اللجنة الوزراية المكلفة ملف النفايات ثلاثة ارباع الطريق نحو الحل المرحلي بتحذير من الامر "يتعلق بوجود الحكومة نفسها وجدواه"، معلناً انه لن يوجه دعوة الى عقد جلسة الاسبوع المقبل اذا لم يحل موضوع النفايات "وفي حال عدم التوصل الى مخرج خلال أيام فانه سيعلن فشل الحكومة وتالياً عدم وجود مبرر لاستمرارها".

الحل المرحلي
ومع ان مجلس الوزراء لم يتناول تفاصيل ما يجري العمل عليه في ملف النفايات، علمت "النهار" ان الاتصالات تتركز حالياً على الحل المرحلي للمطامر الظرفية باعتماد المساواة في توزيعها مناطقياً وقدراتها الاستيعابية وترجمة مبدأ الشركة بين الجميع في تحمل الاعباء وكذلك يستلزم الحل قراراً بالاجماع واداة تنفيذية. وتشير المعلومات الى ان الرئيس الحريري دخل بقوة على خط المساعدة لانجاز المخرج، كما ان وزير الزراعة أكرم شهيب يتولى عقد لقاءات مع المعنيين بعيداً من الاضواء لتذليل العقبات. ويقول مطلعون على هذه المساعي إن بعض القوى السياسية "يعيش على الخيط الرفيع الذي يربط السياسة بالنفايات" كدلالة على نوعية العقبات التي يجري التعامل معها.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الرئيس سلام لم يعرض أي شيء يتعلق بخطة طمر النفايات في جلسة مجلس الوزراء أمس وأكتفى بالقول إنها "تحتاج الى كم يوم لأخذ الموافقات عليها" مستعملا عبارة "أيام قليلة جداً" مما يوحي أن النتائج مرتقبة قبل الخميس المقبل. فإذا كان الجواب إيجابياً كان به وإذا لم يكن كذلك فلن يعلّق الرئيس سلام أعمال مجلس الوزراء، كما تردد سابقاً، بل سيستقيل من منصبه. ورجحت المصادر حسم الموضوع خلال 48 ساعة مع الاتجاه مبدئياً الى إعتماد ثلاثة مطامر أوردتها "النهار" امس، وهي: منطقة كجك بين أقليم التفاح وأقليم الخروب والكوستا برافا وبرج حمود.
ثم إنتقل مجلس الوزراء الى موضوع قرار وزراء الداخلية العرب ودول مجلس التعاون الخليجي تصنيف "حزب الله" منظمة ارهابية وذلك على النحو الآتي بحسب المصادر الوزراية:
1 - إقترح وزير الخارجية جبران باسيل مشروع بيان يصدر عن مجلس الوزراء "يمجد "حزب الله" المقاوم الذي دافع عن العرب وحرر أرض لبنان"، لكن أحداً من الوزراء لم يعلّق عليه، حتى أن وزيريّ الحزب حسين الحاج حسن ومحمد فنيش قالا إنهما لا يطالبان بصدور أي بيان عن الحكومة.
2 - برز شبه إجماع وزاري يشمل 8 و14 آذار والمستقلين على انتقاد ممارسات الحزب وسلوكياته.
3 - برز إجماع وزاري على الموافقة على عدم تصنيف الحزب تنظيماً إرهابياً.
4 - لم تكن مداخلتا الوزيرين الحاج حسن وفنيش مقنعتيّن لسائر الوزراء بالدفاع عن سلوك الحزب ولما إستخدم الحاج حسن عبارة "التواطؤ الخليجي مع إسرائيل" طلب الرئيس سلام شطبها من المحضر.
ولفتت المصادر الى ان الجلسة لم تشهد إية إحتكاكات، فيما رفض سلام الدخول في مناقشة جدول الأعمال. ولم تستبعد المصادر دعوة رئيس الوزراء الى جلسة إستثنائية قبل الخميس المقبل إذا ما إكتملت الموافقات على خطة طمر النفايات.

 

المستقبل :

غداة إدراج «حزب الله» على اللائحة الخليجية والعربية للمنظمات الإرهابية نتيجة ارتكابات الحزب العسكرية والأمنية من المحيط إلى الخليج وممارساته المنضوية تحت راية منظومة الفصائل الميليشيوية الإيرانية المتوغلة في الإقليم العربي، لم يَسع طهران الغارقة والمستغرقة في دماء العرب لتعزيز نزعتها التوسعية في المنطقة إلا أن تلوّح بتقويض الاستقرار اللبناني رداً على القرارات العربية، حسبما هدد نائب وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان بقوله أمس عبر التلفزيون الرسمي الإيراني: «وصف «حزب الله» بأنه جماعة إرهابية سيضرّ بالوحدة والأمن في لبنان». وعلى النسق التهويلي التصعيدي نفسه واصل «حزب الله» خلال الساعات الأخيرة تسطير مزيد من المواقف التخوينية للعرب عبر كتلتيه البرلمانية والوزارية، غير أنّ الكلام الذي أدلى به الوزير حسين الحاج حسن في مجلس الوزراء أمس واستنسخ فيه مفردات التخوين والتحريض والتهديد ضد المملكة العربية السعودية لم يجد آذاناً وزارية صاغية بل على العكس وجد نفسه معزولاً عن توجّه معظم مكونات الحكومة المتمسكة ببيانها الأخير المتضامن مع الإجماع العربي، فتقرّر في نهاية المطاف شطب كلام الحاج حسن التخويني للعرب من محضر الجلسة.
في الغضون، يواصل الرئيس سعد الحريري لقاءاته بزخم لافت على غير صعيد سياسي واقتصادي وشعبي دفعاً باتجاه تحصين الساحة الوطنية، وسط التشديد أمام زواره في بيت الوسط على خلاصة واحدة لخلاص الدولة تتمحور حول وجوب إنهاء الفراغ والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية باعتباره مفتاح الفرج والحل لكل الأزمات التي يتخبط بها البلد مؤسساتياً واقتصادياً واجتماعياً وحياتياً. وإذ برزت إشارة الحريري في حوار مع محطة «سي. أن. أن.» الأميركية بثته مساءً إلى أنه آثر على نفسه دعم ترشيح شخصية من 8 آذار للرئاسة بغية إنهاء الفراغ وإنقاذ لبنان، نبّه في هذا الإطار أنّ الدولة لن تستطيع مواجهة كل التحديات الراهنة والداهمة إذا لم يكن لديها «رئيس للجمهورية وحكومة جديدة»، متسائلاً عن أسباب منع إيران «حزب الله» من تأمين النصاب النيابي لانتخاب الرئيس. ورداً على سؤال رأى الحريري أنّ «حزب الله» من خلال معاداته العرب وتصعيده في وجه السعودية إنما يعكس كونه «يلعب دور الوكيل لإيران».
وفي إطار لقاءاته السياسية، التقى الحريري أمس سلسلة وفود أبرزها وفد «اللقاء الديمقراطي» الذي تحدث باسمه الوزير مروان حمادة مشيراً بعد اللقاء إلى «ضرورة تكثيف الجهود لانتخاب الرئيس»، ووفد «حزب الطاشناق» برئاسة النائب هاغوب بقردونيان الذي وصف الاجتماع بأنه «كان جدياً للغاية ومثمراً جداً». وليلاً استقبل الحريري وزير الخارجية جبران باسيل وعرض معه الأوضاع الراهنة.
مجلس الوزراء
بالعودة إلى جلسة مجلس الوزراء أمس، فقد انتهت إلى تأكيد رئيس الحكومة تمام سلام أنه لن يوجّه دعوة لانعقاد المجلس الأسبوع المقبل إذا لم يُحلّ موضوع النفايات خلال الأيام القليلة المقبلة، مع إشارته في مستهل الجلسة إلى أنّ اللجنة الوزارية المعنية «قطعت ثلاثة أرباع الطريق نحو الحل المرحلي المتمثل بالمطامر». وأفادت مصادر وزارية «المستقبل» أنّ السقف الزمني الموضوع للانتهاء من تحديد خارطة المواقع النهائية المزمع اعتمادها لطمر النفايات هو يوم الاثنين المقبل تمهيداً لوضع الحل المرحلي للأزمة على سكة التنفيذ.
وما عدا ذلك، أكدت المصادر أنّ جلسة الأمس «أخذت طابعاً سياسياً بامتياز»، موضحةً أنّ النقاش السياسي افتتحه وزير الخارجية حين توجّه إلى المجلس بطلب المشورة حول الموقف الواجب عليه اتخاذه في مجلس وزراء الخارجية العرب في تونس، عندها بادر الوزير الحاج حسن إلى طلب الكلام فباشر في توجيه الاتهامات التخوينية للمملكة العربية السعودية مكرراً اتهام دول الخليج العربي بالتعاون مع إسرائيل من خلال قرار تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية. وعلى الأثر توالت الردود من معظم أفرقاء الحكومة رفضاً لهذا الكلام التخويني، بحيث حذر الوزير ميشال فرعون من أنه «كلام يأخذ البلد إلى حرب»، متمنياً عدم تدوينه في محضر الجلسة، وهو ما وافقه عليه الوزير نبيل دي فريج الذي لفت إلى أنّ الحكومة معنيّة بحل مشاكل الناس وإنقاذ اقتصاد البلد وليست مهمتها الانخراط في معارك سوريا واليمن والعراق.
بدوره، توجه الوزير رشيد درباس إلى الحاج حسن متسائلاً: «هل نريد البلد دولة أو منبراً»، وذكّر برفض الرئيس الراحل فؤاد شهاب قطع العلاقات مع كوبا حرصاً على مصالح 300 لبناني كانوا حينها موجودين على أراضيها. وأضاف: «أدليتَ يا حاج على مسامعنا الأطروحة نفسها التي سمعناها من السيد حسن نصرالله لكن ما الفائدة منها طالما أن المجلس لن يتبنى هذا الكلام وأنّ نصف الشعب اللبناني يرفضه»، وأردف: «تتحدثون عن القصف السعودي لليمن وتتغاضون عن القصف الروسي لسوريا، وتتهمون المملكة من دون أي دليل بإرسال سيارات مفخخة إلى العراق بينما هناك أكثر من دليل على إرسال بشار الأسد الإرهابيين وارتكاب عمليات تفجيرية هناك بشهادة نوري المالكي نفسه»، مضيفاً: «إذا استمر التصعيد والتصعيد المقابل فلن ننتهي، لذلك أطلب هدنة كلامية ولندع رئيس الحكومة يعمل».

الديار :

برغم معنوياتنا العالية وعزة نفسنا وكرامتنا وثقتنا بالنفس، اصبت بحزن كبير عندما اتخذ وزراء داخلية دول عربية مع تحفظ بعض الوزراء، قرارا بأن حزب الله حزب إرهابي تماماً كما تدّعي إسرائيلي وراعيتها اميركا.
حزن كبير اصابني، لان طعنة الخنجر جاءت من العرب لحزب قدم اكثر من 10 آلاف شهيد وعشرات آلاف الجرحى والتضحيات، لتحرير سيادة لبنان وتحرير الجنوب اللبناني سنة 2000. ولم يهتم احد من الدول العربية، باستثناء سوريا لدعم المقاومة لتحرير الجنوب، وتفرج العالم على جنوب لبنان مقتطعاً من السيادة اللبنانية، الى ان حرره حزب الله، حزب المجاهدين الشرفاء.
أية هدية اكبر لنتنياهو وإسرائيل التي تضطهد اللاجئين الفلسطينيين في الضفة وغزة وتحاصرهم اكثر من تلاقي اللهجة العربية تماما وتكلمها اللغة الإسرائيلية بأن حزب الله إرهابي، وهل وصلنا الى زمن التحالف العربي - الإسرائيلي ضد قوى الممانعة والمقاومة ضد المخطط الصهيوني - الأميركي للسيطرة على المنطقة وجعل إسرائيل القوة الأساسية، لتهيمن علينا وتسيطر على مصيرنا؟


ان وصف حزب الله بأنه إرهابي، هو تشجيع لإسرائيل لشن حرب على المقاومة ورفع الغطاء العربي عن حزب الله وإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل للهجوم على لبنان وحزب الله. فهل هذا ما يريده العرب، ان تشنّ إسرائيل بضوء اخضر عربي هجوما على المقاومة التي لا نخاف على قوتها وقوة ردعها للعدو الإسرائيلي؟ وهذه المرة ستدفع إسرائيل ثمنا باهظا في عدوانها على لبنان من ضرب مطار بن غوريون في تل ابيب الى ضرب مرفأ حيفا، الى ضرب الكيان الاقتصادي الصهيوني لفلسطين في كل بنيته التحتية وفي كل اماكنه وردعه على الحدود مع فلسطين المحتلة وتدمير دباباته وهجومه البري، وانشاء الله نسقط له طائرات هليكوبتر عديدة ونلحق به هزيمة نكراء ليتعلم الكيان الصهيوني ان ارض لبنان غير سائبة، بل ان مجاهدينا نذروا انفسهم لله وقدموا ارواحهم في سبيل الدفاع عن لبنان. وهم مستعدون للقتال حتى آخر لحظة لهزيمة إسرائيل والحاق الردع من قبل المقاومة لجيش العدوان الإسرائيلي. حتى أوروبا لم تعتبر حزب الله حزباً إرهابياً، بل اعتبرت الجناح العسكري فيه، وان اعلان حزب الله إرهابياً هو ضرب للوحدة اللبنانية، فالطائفة الشيعية الكريمة هي تشكل نسيجاً كبيراً من النسيج الاجتماعي اللبناني المؤلف من الطائفة السنيّة الكريمة والدرزية الكريمة والطائفة المسيحية الكريمة، ونحن لا نستطيع ان نعيش الا في وحدة وطنية بين الشيعة والسنّة والمسيحيين والدروز، في سبيل بقاء لبنان في استقرار اجتماعي وأمني وسياسي واقتصادي. وحزب الله يشكل ركنا أساسيا في الحكومة اللبنانية وكتلة نيابية هامة انتخبها الشعب اللبناني بملء ارادته. ولذلك فهذا التوصيف لحزب الله يمسّ الوحدة الوطنية اللبنانية، فهل العرب يريدون تقسيم لبنان، وهل يريدون فتنة تقع في لبنان، ام يريدون ان تنفجر الحكومة وتستقيل، ام يريدون مقاطعة بقية الطوائف لحزب الله، وهو أمر لن يحصل؟ باذن الله، ستبقى الوحدة الوطنية اللبنانية قوية ومتينة، لأننا نحن نؤمن بأن المقاومة هي شرفنا وعزتنا، وهي التي دافعت عن لبنان في وجه إسرائيل، والحقت الهزيمة بإسرائيل في حرب 2006. وهذا الامر نور عربي شعّ على العالم العربي عندما انهزم الجيش الإسرائيلي امام مقاومة حزب الله، وانتهى الجبروت الإسرائيلي الى استقالة رئيس وزراء إسرائيل أولمرت ووزير دفاعه ورئيس اركانه، وأعاد الجيش الإسرائيلي كل مناوراته، ليفعل المستحيل كي يربح في الحرب القادمة على المقاومة، لكن مقاومة حزب الله رغم انشغالها بجبهات في سوريا، فانها قادرة على ردع إسرائيل والحاق الهزيمة بها، وفقا لما وعدنا به سماحة السيد حسن نصرالله. وهو دائما صاحب الوعد الصادق، وهو دقيق في ما يعلن ويقول، وهو المطلع على قوته وقوة المقاومة وقوة حزب الله، وهو يعرف كيف يردع إسرائيل من خلال التجارب السابقة التي انهزمت فيها إسرائيل امام حزب الله.

 

الجمهورية :

وقَع مجلس الوزراء مجدّداً في الشلل نتيجة دوّامة أزمة النفايات، وربَط الرئيس تمّام سلام مصير الحكومة مباشرةً بحلّ هذه الأزمة، حيث قال إنّه لن يكتفي بتعليق الجلسات، إنّما سيقلب الطاولة على الجميع ويُقدم على الاستقالة. وترافقَ هذا الكلام مع استمرار مفاعيل القرارات الخليجيّة ضد «حزب الله»، واتّهام إيران بأنّها تضرب استقرار لبنان، وترحيب الحزب بموقف وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر وزراء الداخلية العرب. ووسط زحمة الملفات خَرقت زيارةُ رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل إلى الرئيس سعد الحريري في «بيت الوسط» الجمودَ السياسي، حيث عرَضا للأوضاع السياسية الراهنة. طغى ملف العقوبات الخليجية على «حزب الله» وتصنيفه إرهابياً على بقيّة الملفات، وسرقَ الضوء من جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس على وقعِ عدم حسمِ ملف النفايات الذي يتطلّب بعض الوقت، كما يبدو، لحلّه، أو إنّ هذه الأزمة ستنفجر مجدّداً وتفَجّر معها الحكومة.
ولعلّ كلام الرئيس سلام أنّ هذا الملفّ بات بمثابة فضيحة وطنية، يعكس مدى التردّي الذي وصلت إليه معالجة الملفات الحياتية والمعيشية والاقتصادية في البلاد.
وما يزيد الوضع سوءاً، استمرار سياسة التعطيل وشلُّ المؤسسات، ومقاطعة بعض الكتل لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية، ما يشكّل عائقاً أساسياً أمام انتظام عمل المؤسسات، وضرباً للشراكة الوطنية في الحكم.
وعلى رغم التصعيد الإقليمي، وقرار الخليج بالمواجهة، ومساندة الدوَل العربية للسعودية في تصَدّيها لمدّ النفوذ الإيراني، إلّا أنّ هذه التوتّرات لم تُترجَم مزيداً من التشنّج في بيروت، بل إنّ تيار «المستقبل» و«حزب الله» يستمرّان في بناء مداميك الحوار واستكماله من حيث توقّفَ في الجلسة ما قبل الأخيرة، وسط معلومات عن نجاح الاتصالات لإعادة ترتيب البيت الداخلي ولجمِ التوتّر السنّي- الشيعي.
الجسر
وفي هذا السياق، أكّد عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر لـ«الجمهورية»، أنّ «تيار «المستقبل» سيكون حاضراً بكامل أعضائه المشاركين في جلسة الحوار الثنائية مع «حزب الله» في 16 آذار الجاري، على عكس الجلسة الأخيرة، وسيكون الحوار تحت عنوانَي تخفيف الاحتقان السنّي- الشيعي، وإيجاد حلّ لأزمة الفراغ الرئاسي».
وأوضَح الجسر أنّ «موقفَنا من التطورات الخليجية والعربية سيكون وفقَ السقف الذي حدّده المشنوق في مؤتمر وزراء الداخلية العرب، وهو سيحضر الحوار، والأحداث الأخيرة ستشكّل حافزاً لاستمرار الحوار وضبط الشارع».
إيران و«حزب الله»
وفي أوّل ردّ إيراني، حذّرَت طهران من قرار دوَل الخليج. وقال نائب وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان إنّ «هؤلاء الذين يصِفون «حزب الله» بالإرهابي يستهدفون سواءٌ أكان عمداً أم لا، أمنَ لبنان واستقرارَه».
ولم يتأخّر ردُّ «حزب الله» أيضاً على القرارات، إذ رأت كتلة «الوفاء للمقاومة» أنّ «القرار الخليجي طائشٌ وعدواني». ودانَت «ما تَضمَّنه بيان مجلس وزراء الداخلية العرب لجهةِ وصفِ «حزب الله» بأنه إرهابي»، مبديةً ارتياحَها لاعتراض المشنوق على هذا الوصف «التزاماً بموقف الحكومة اللبنانية».
من جهته، أكّد المشنوق خلال كلمةٍ ألقاها أمام مجلس وزراء الداخلية العرب في تونس، أنه «من الظلم اتّهام جميع اللبنانيين بالخضوع للسياسة الإيرانية». وأوضَح لاحقاً أنه «قبل المجيء إلى تونس تحدّثتُ مع سلام في الخطوط العريضة والخطوط الحُمر التي لا يمكن تجاوزها، وتشاورتُ مع الحريري في مسألة الفصل بين الأوصاف التي يمكن أن تُطلَق على «حزب الله».
مجلس الوزراء
وفي هذه الأجواء، عَقد مجلس الوزراء جلسةً عادية في السراي الحكومي، وعرَض سلام لآخر ما توصّلت إليه جهود اللجنة الوزارية المختصة بمعالجة ملف النفايات الصلبة، لافتاً إلى «أنّ اللجنة حقّقت تقدّماً في عملها، وقطعَت ثلاثة أرباع الطريق نحو الحلّ المرحلي المتمثّل بالمطامر».
ونفى ما تردَّد في وسائل الإعلام عن وجود فكرة لتعليق عمل مجلس الوزراء، معتبراً أنّ «الأمر أبعدُ من مجرّد تعليق للعمل الحكومي، وإنّه يتعلق بوجود الحكومة نفسها وجدواه».
وأشار إلى أنّه «لن يوجّه دعوةً إلى عقد جلسة الأٍسبوع المقبل إذا لم يُحلّ موضوع النفايات». وأضاف: «في حال عدم التوصّل إلى مخرج خلال أيام فإنّني سأعلِن فشلَ الحكومة، وبالتالي عدمَ وجود مبرّر لاستمرارها».
نقاشات الجلسة
وعلمت «الجمهورية» أنّ سلام أبلغَ أمس الأوّل لجنة النفايات نيّته تأجيلَ جلسة مجلس الوزراء إلى حين الاتفاق على حلّ الملف، كونه سبقَ وقال إنّ هذه الجلسة (جلسة الأمس) ستكون حاسمة، لكنّ الوزراء المشاركين في اللجنة طلبوا منه عدم التأجيل كونه سبقَ ودعا إلى الجلسة، وربّما يفهم التأجيل أنّه تعَثّر، في وقتٍ يتقدّم النقاش في اللجنة وبابُ الاتفاق على المطامر وشيك.
فأجاب سلام المجتمعين: «لم أعد قادراً على التحمّل، لقد عُدنا إلى تفعيل عمل الحكومة بعدما أنجَزنا ملف الترحيل، أمّا وقد فشلنا في الترحيل فلا أستطيع الدعوة إلى جلسات لمجلس الوزراء إذا فشلنا أيضاً في الاتفاق على المطامر».
وتراجَع سلام عن التأجيل مشترطاً التوصّل إلى اتفاق على النفايات للعودة عن قراره. واللافت أنّ سلام لم يهدّد فقط بتعليق الجلسات إنّما بتطيير الحكومة، الأمرُ الذي اعتبرَته مصادر وزارية أسلوباً عاليَ السقف لحضّ كلّ القوى السياسية على العمل والاتفاق، لأنّ الأمور لم تعُد تُحتمل.
وأكدت المصادر أنّ «إطاحة الحكومة غير واردة وغير مطروحة في النقاش السياسي، بل على العكس، فإنّ حكومة سلام أخذت جرعات دعم إضافية لاستمرار بقائها، من الجميع، وآخر المواقف الواضحة بهذا الشأن أتت على لسان الحريري».
وعلمت «الجمهورية» أنّ «الاتفاق على ثلاثة مطامر أنجِز ولم يعُد هناك عراقيل أمامه، والبحث يقتصر الآن على مطمر «كجك» في الإقليم، وهو مطمر يراعي الشروط وبَعيد عن الأحياء السكنية، وتجري اتصالات لتأمين توافق القوى السياسية حوله».
القرارات الخليجية
ولم يستطع مجلس الوزراء إبقاءَ نوافذه مقفَلة في وجه عاصفة إدراج «حزب الله» على لائحة الإرهاب، فهو لم يصدّق كيف تجاوَز قطوع موقف الوزير باسيل الأخير ليجدَ نفسَه مجدداً أمام موقف المشنوق، فخلصَ إلى أنْ لا الخارجية ولا الداخلية تستطيعان العبورَ على وحدة لبنان والسلم الأهلي إلى إجماع العرب.
وفي التفاصيل، أنّ النقاش في هذا الملف بدأ بمداخلةٍ لوزير «حزب الله» حسين الحاج حسن اتّسَمت بلهجة حادّة وصَف فيها قرار مجلس التعاون الخليجي بالمسيء والمتماهي مع إسرائيل، فيما رفضَ وزراء «المستقبل» هذا التوصيف، وبدأ نقاشٌ ساخن حول الأزمة المستجدّة منذ توتّر العلاقات بين لبنان والسعودية.
وتوالت المداخلات التي تَدخّلَ فيها سلام أكثر من مرّة لضبط سقف النقاش الذي لم يصل إلى حدّ التصادم بسبب المشترَك الوحيد بين الجميع وهو رفضُ تصنيف «حزب الله» بالإرهابي.
وتلقّفَ الوزير محمد فنيش تصعيد الحاج حسن، وأكّد حرصَ «حزب الله» على الحكومة، مثمّناً موقفَ المشنوق، واصفاً إيّاه بـ«الإيجابي».
وقال إنّ الأمور الخلافية نُعبّر عنها في الخارج. أمّا وزيرا «التيار الوطني الحر» جبران باسيل والياس بو صعب، وانطلاقاً من رفض مبدأ الشتاء والصيف تحت سقف واحد، سألا عن الفرقِ بين موقفَي باسيل والمشنوق، خصوصاً بعدما سمعا توصيفاً من وزراء «14 آذار» لموقف المشنوق بأنّه بطوليّ.
من جهةٍ ثانية، علمت «الجمهورية» أنّ سلام لم يقبَل بعد باستقالة وزير العدل أشرف ريفي، لكن وزيرة العدل بالوكالة أليس شبطيني وقّعَت بعض المراسيم والأوراق بالوكالة، من دون أن تتسلّم المهام رسمياً.
خليل
من جهته، أوضَح وزير المال علي حسن خليل، أنّ «موقف الحكومة من السياسة الخارجية عبَّرنا عنه بوضوح ضمن البيان الذي أصدرناه حول هذه المسألة. وعلينا إعادة النظر في نقطة يجب أن تكون محطّ إجماع، وهي الرفض الحاسم لتصنيف «حزب الله» بالإرهابي».

اللواء :

علق الرئيس تمام سلام، عملياً، جلسات مجلس الوزراء، وربط الدعوة إلى جلسة جديدة للمجلس الاسبوع المقبل بالاتفاق على المطمر الرابع وتثبيت المطامر الثلاثة المتفق عليها لحل أزمة النفايات.
وكشفت مصادر السراي الكبير لـ«اللواء» ان موقف رئيس مجلس الوزراء الذي أبلغه للوزراء في الجلسة أمس، والتي احتل موضوع النفايات البند رقم واحد إلى جانب اعتبار دول مجلس التعاون الخليجي «حزب الله» منظمة إرهابية، وإعلان تونس بأن الحزب ميليشيا إرهابية أيضاً والصادر عن اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب، هو موقف جدي وعملي، وليس موقفاً «تكتيكياً» أو عابراً، فهو يرتبط بملف أصبح ملفاً وطنياً وبيئياً وحيوياً بالنسبة لكل اللبنانيين، وبالتالي لا يجوز عدم إنجاز هذا الملف وأن تتابع الحكومة عملها وكأن شيئاً لم يكن.
ونقل وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب عن الرئيس سلام قوله ان «صبره نفد»، وأن الموقف من يوم أمس وصاعداً هو: اما حل أزمة النفايات أو حل الحكومة.
وعليه، فإن هذا البند الإنمائي - السياسي (النفايات) أصبح بنداً ملازماً للاجندة السياسية، إلى جانب اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية لبنان وعدم انزلاقه إلى تداعيات التصعيد الإيراني - السعودي والحرب السورية، إضافة إلى حماية الاقتصاد اللبناني من زلزال الإجراءات الخليجية والعربية ضد «حزب الله» وحماية 300 ألف لبناني مقيمين ويعملون في المملكة العربية السعودية، من ضمن نصف مليون لبناني يعملون في دول الخليج، حيث بلغت تحويلاتهم المالية عام 2015 سبعة مليارات و500 مليون دولار، فضلاً عن الاستثمارات الخليجية في القطاعين العقاري والفندقي، والصادرات اللبنانية الزراعية والصناعية إلى دول الخليج التي تستقبل 75 في المائة من الصادرات اللبنانية.
الحريري مع الهيئات الاقتصادية
وحملت الهيئات الاقتصادية هذه المخاوف إلى رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري أمس، حيث حصلت مصارحة حول تردي الوضع الاقتصادي وما يمكن القيام به للخروج من هذا الوضع المتراجع إلى درجة الصفر، في ظل المخاطر المحدقة، والتي لا تخفي الهيئات الاقتصادية قلقها من الوصول إليها، ما لم تعالج العلاقة المتأزمة بين المملكة ولبنان قبل فوات الأوان.
وأكّد الرئيس الحريري امام الهيئات ضرورة التمسك بالامل لاجتياز هذه المرحلة الصعبة، معتبراً ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ينعكس إيجاباً على مختلف الصعد ولا سيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وأشار الحريري الذي ستكون له مقابلة الخميس المقبل مع المؤسسة اللبنانية للإرسالLBC, إلى «اننا تمكنا لغاية الآن من تجنيب لبنان دائرة الخطر الناجم عمّا يحصل حولنا»، معرباً عن مخاوفه من «انه إذا طال هذا الخطر ستكون له تداعيات على كل بيت في لبنان وتبعات سيئة جداً على البلد».
وأكّد اننا سننتخب رئيساً، وسنحاول المستحيل لإنجاز الانتخابات الرئاسية، مضيفاً: بالأمس ذهبنا إلى مجلس النواب، صحيح ان الانتخابات لم تحصل، لكن كانت هناك رسالة واضحة بنزول 72 نائباً، وكان ينقصنا فقط 14 نائباً من بينهم 4 نواب من كتلتنا، مطالباً الهيئات بالضغط على النواب الآخرين للمشاركة في الانتخاب، واصفاً أفعال بعض الأحزاب (في إشارة إلى حزب الله) بضرب علاقتنا مع دول مجلس التعاون بالأمر الخطير.
وفي هذا السياق، أكد الحريري، في مقابلة بثّت مساء أمس مع محطةC.N.N الأميركية، «أننا لا نريد أن يتحوّل لبنان إلى سوريا أخرى، نريد إنقاذ لبنان»، مشيراً إلى «أننا نحارب «داعش» ولكن إذا لم يكن لدينا رئيس للجمهورية وحكومة جديدة، فإن لبنان لن يستطيع الاستمرار في مواجهة التحديات»، متسائلاً: «لماذا تجعل إيران التي أجرت إنتخابات منذ عدّة أيام، حزب الله بأن يمنع من إنتخاب رئيس للجمهورية»، معتبراً أنه «من الأفضل أن يكون لدينا رئيس مع الاختلافات معه من استمرار الفراغ الكامل»، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية هي أن هناك قراراً سياسياً عند حزب الله بأن يأخذ لبنان إلى ما يريد على الصعيد الإقليمي، منتقداً الموقف الذي أخذه وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمر وزراء الخارجية العرب بعدم التصويت على القرار العربي بإدانة الهجوم على السفارة السعودية في طهران.
باسيل في «بيت الوسط»
ومجمل هذه المواضيع كانت بين الرئيس الحريري والوزير باسيل في حضور نادر الحريري، خلال زيارته مساء أمس «بيت الوسط».
وعلمت «اللواء» أن الزيارة تأتي في إطار التواصل بين تيّار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، حيث تحتل انتخابات الرئاسة مكاناً دائماً بين الطرفين، في ظل رهان الرابية على تبدّل في ما خصّ ترشيح النائب ميشال عون.
وتطرق اللقاء إلى السياسة التي يمكن أن يعتمدها لبنان في ما خصّ جملة استحقاقات مقبلة، وهو الأمر الذي أثاره الوزير باسيل في مجلس الوزراء، مقترحاً تخصيص جلسة لمناقشة الخطوط العريضة للموقف الذي سيتخذه لبنان في هذه الاستحقاقات.
تجدر الإشارة إلى أن المناقشة التي حصلت في مجلس الوزراء، أمس، لم تكن فقط على خلفية الموقف الذي اتخذه الوزير نهاد المشنوق في اجتماع تونس أمس الأول، بل على أساس أجندة الاجتماعات العربية والإسلامية خلال شهري آذار ونيسان، فيومي الأحد والإثنين المقبلين تعقد في جاكرتا القمة الإسلامية وقد دُعي لبنان لحضورها، والخميس في 10 الجاري يعقد مجلس وزراء الخارجية العرب إجتماعاً في مقر الجامعة في القاهرة، بالإضافة إلى القمة العربية التي ستعقد في موريتانيا أوائل نيسان المقبل، والتي يرجح أن تؤجل إلى مطلع تموز المقبل.
ومع أن موعد زيارة باسيل كان مقرراً منذ مُـدّة، فإن هذه الأجندة لم تكن موضع بحث مفصّل، بخلاف موضوع الاستحقاق الرئاسي والذي ظهر من خلال المداولات بين الرجلين أن المواقف بقيت على حالها من دون تغيير يذكر، إلا أن الطرفين إتفقا على إبقاء الاتصالات مفتوحة.
والطاشناق
وسبق زيارة باسيل «لبيت الوسط» لقاء جمع الرئيس الحريري مع وفد من حزب «الطاشناق» لم يخلُ من نقاش حول موضوع ضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي، حيث رأى عضو الوفد النائب هاغوب بقرادونيان أنه ما يزال يحتاج إلى نضوج أكثر، إلا أن توافقاً حصل بالنسبة إلى ضرورة حصول الانتخابات البلدية، حيث شدّد الرئيس الحريري على المناصفة في بلدية بيروت.
ونفى بقرادونيان أن يكون حزبه موافقاً على فتح مطمر برج حمود للنفايات، لكنه أشار إلى موقف إيجابي شرط الاطلاع على اقتراحات الحكومة بهذا الخصوص والمهل الزمنية المعتمدة.
واللافت أن بقرادونيان أجاب حين سُئل عمّا إذا كان الطاشناق سيستمر في مقاطعة جلسات انتخاب الرئيس: عندما يصل عدد النواب الحاضرين إلى 84 نائباً عندها من المؤكد أن الوزير آرتور نظريان، الذي كان حاضراً في اللقاء، وأنا سنكمل النصاب ليصل إلى 86 نائباً.
مجلس الوزراء
وأكد مصدر وزاري لـ«اللواء» أن مجلس الوزراء لم يناقش أي بند من بنود جدول الأعمال وأن الكلام انحصر بمسألة النفايات وقرار مجلس التعاون الخليجي حول «حزب الله»، مشدداً على أن الجلسة كانت هادئة، وأن المناقشات حول هذين الموضوعين بقيت في الإطار السياسي وإن تخلله كلام قاسٍ إنما لم يخرج عن إطار المنطق، حيث أن قرار مجلس التعاون الخليجي تمّ تناول أسبابه من خلال الحجج والبراهين، بعد أن قدّم الوزير حسين الحاج حسن عرضاً مسهباً حول سياسة «حزب الله» من إيران إلى البحرين فسوريا والعراق واليمن، وهو ما لقي ردود فعل من معظم الوزراء، من دون أن تحصل أي مناكفات أو مقاطعة للكلام.
وفي المعلومات أن مداخلة الحاج حسن أدت إلى إحداث تأزم في الجلسة، لا سيما عندما اعتبر أن الإجراءات السعودية ضد لبنان سببها المفاوضات التي تجري تحت الطاولة مع إسرائيل، مما دفع الوزراء رشيد درباس ووائل أبو فاعور ونبيل دو فريج وغيرهم إلى مقاطعته دون إكمال كلامه، وطلبوا سحب هذا الكلام من محضر الجلسة.
وفي الوقت الذي أكد فيه الحاج حسن بأن «حزب الله» لا يريد أن يحرج مجلس الوزراء بأي بيان يصدر عنه وأنه بإمكانه أن يتحدث خارج مجلس الوزراء، تحدث الوزير باسيل فقال إننا قادمون على حضور مؤتمرات كثيرة ونريد أن نعرف ما هو الموقف الذي نتخذه، وهو كان قد أعدّ بياناً مكتوباً، إلا أن هذا الأمر لم يبحث على الإطلاق، ومرّ مرور الكرام في الجلسة.
وأكد المصدر الوزاري أن ما من وزير قبل بوصف «حزب الله» بالمنظمة الإرهابية، لكن في الوقت ذاته لم يقبل معظم الوزراء بأن يبقى الحزب على سياسته، وهذا الأمر ردّ عليه وزراء الحزب بالتأكيد على أن دوره جاء لرفضه الاضطهاد في بعض الدول وتحدثوا عن التدخل التركي في الشؤون السورية.

الاخبار :

لا يمكن إنكار سطوة آل سعود على الأنظمة العربية. لكن محاولتهم تحقيق «إجماع عربي» ضد حزب الله لم تنجح. فإلى جانب رفض قوى شعبية في عدد من الدول العربية لوصف حزب الله بالمنظمة الإرهابية، خرجت إلى العلن مواقف رسمية تتنصل من بيان وزراء الداخلية العرب

  

لم يكن المشهد السياسي اللبناني والإقليمي كما يشتهيه النظام السعودي تماماً. أول من أمس، أصدر آل سعود بياناً باسم دول مجلس التعاون الخليجي، صنّفوا فيه حزب الله منظمة إرهابية، ثم لجأوا إلى مجلس وزراء الداخلية العرب ليستحصلوا على قرار بـ«إجماع عربي»، دُسّت فيه كلمة «إرهابي» لوصف حزب الله.

لكن «الإجماع العربي» هذا بدا على شاكلة إعلان ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان منتصف كانون الاول الماضي عن تشكيل «تحالف إسلامي» لمكافحة الإرهاب، سرعان ما تلاشى بعدما أعلنت الدول الإسلامية الكبرى عدم معرفتها مسبقاً بأمر هذا التحالف المزعوم. ويوم أمس، ظهر أن «إجماع» أول من أمس في تونس لم يكن سوى «إجماع لآل سعود وحلفائهم». الدولة المضيفة لاجتماع وزراء الداخلية العرب، تونس، اعتبرت بيان وصف حزب الله بالارهاب لا يعبّر عن سياستها. وكذلك انسحبت الجزائر منه، فضلاً عن الرفض العراقي والتحفظ اللبناني. أما مصر، فأعلن مصدر في خارجيتها لـ«الأخبار» أنها لن تقطع علاقتها بحزب الله، واضعاً موافقة القاهرة على البيان في إطار تسليف النظام السعودي موقفاً تمهيداً لانتخابات الامين العام لجامعة الدول العربية. كذلك عبّرت روسيا عن رفضها لوصف حزب الله بالإرهاب. وفي الداخل اللبناني، استنفر البيان الصادر بطلب سعودي حلفاء حزب الله، جميعاً، رغم الحرج الذي يسببه موقع بعضهم. حركة أمل، التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أصدرت بياناً استنكرت فيه وصف المقاومة بالإرهاب. وكذلك فعل النائب سليمان فرنجية، الذي توقّعت بعض القوى السياسية أن يأخذ في الحسبان كونه المرشح الرئاسي الذي وافقت عليه السعودية، إذا به يخرج بموقف حاد: «حزب الله مقاومة ترفع رأس لبنان والعرب، ونأسف أن تُرجم من بيت أبيها، ما يُرضي عدونا الوحيد إسرائيل».


مصدر دبلوماسي مصري: قنوات التواصل مع حزب الله ستظل مفتوحة
كلام مشابه أورده وزير الخارجية جبران باسيل في بيان حمله إلى مجلس الوزراء، طالباً أن تتبناه الحكومة. وأدّى النقاش حول البيان إلى سجال عنيف في مجلس الوزراء، ما اضطر رئيسه تمام سلام إلى رفع الجلسة، بسبب غياب التوافق على مقترح باسيل. وعلمت «الأخبار» أن التيار الوطني الحر سيُصدر بياناً اليوم يدين فيه وسم حليفه بالإرهاب. وطوال يوم أمس، صدرت مواقف وبيانات مندّدة بـ»البيان السعودي» الصادر عن وزراء الداخلية العرب، من غالبية حلفاء الحزب، وبينهم بعض الذين صمتوا سابقاً إزاء الهجمة السعودية عليه.
خارج لبنان، أكّد وزير الداخلية العراقي محمد الغبان أمس أنه انسحب من جلسة وزراء الداخلية العرب في تونس أول من أمس، بعدما «فوجئنا بتوزيع قرارات على المجتمعين دون أن يطلع عليها أحد مسبقاً، ومن دون أن تُبحث في اللجنة التحضيرية كما جرت العادة. وأعلنا تحفظنا على منهجية الإملاء وهيمنة طرف على قرارات المجلس وجرّ الآخرين الى مواقف سياسية تحقق مصالح لطرف دون آخر، فضلاً عن تضمين البيان قرارات لنا وجهة نظر فيها». وأصدرت أحزاب وتنظيمات سياسية عراقية بيانات استنكرت فيها قرار وزراء الداخلية العرب. وإذا كان موقف العراق «طبيعياً»، لكون حزب الله شريكاً للقوات العراقية الرسمية والحشد الشعبي في مكافحة إرهاب تنظيم «داعش»، فقد صدر موقفان آخران بارزان يخرقان «إجماع آل سعود». الأول من الجزائر التي أعلن وزير خارجيتها رمطان لعمامرة تبرّؤ بلاده من بيان وزراء الداخلية في تونس، لافتاً إلى أن «حزب الله حركة سياسية عسكرية تعتبر عنصراً فاعلاً في الساحة السياسية الداخلية اللبنانية». ودعا إلى «احترام دستور لبنان والترتيبات التي يبنى على أساسها التعايش في هذا البلد».
أما الموقف الثاني فمن تونس، على المستويين الرسمي والشعبي. رسمياً، أعلن وزير الخارجية، خميس الجهيناوي، أن وصف حزب الله بالارهابي «ليس موقف تونس». أما شعبياً، فكان «الاتحاد العام التونسي للشغل» (المركزية النقابية) ونقابة المحامين (عضوا «الرباعي» الفائز بجائزة نوبل للسلام 2015) قد ندّدا بوصف وزراء الداخلية العرب حزب الله بالإرهابي. ووصف الاتحاد حزب الله بأنه «رمز المقاومة الوطنية»، معتبراً أن القرار ضده يأتي «في سياق هجمة تقودها قوى أجنبية وأخرى إقليمية لتقسيم الوطن العربي وتدمير قواه وتطويعه لصالح القوى الاحتكارية الصهيونية والرجعية». كذلك استنكر البيان الصادر من تونس كلّ من «حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد» و»حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي» ومنظمات «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» و»اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس» و»جمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية» و»الجبهة الشعبية» والاحزاب المشكلة لميثاق اتحاد القوى الوطنية والتقدمية التي اعتبرت قرار وزراء الداخلية العرب «طعناً في الظهر للمقاومة الصامدة في وجه الإرهاب التكفيري والصهيوني».