شكلت الانتخابات الإيرانية، على صعيدي مجلس الشورى (البرلمان) أو مجلس الخبراء - المجلس الذي ينتخب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية -، تطورا سياسيا وشعبيا مهما في إيران كونها الانتخابات الأولى بعد توقيع الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، والبدء بتنفيذه وكانت المشاركة الكثيفة مؤشرا مهما على اهتمام الرأي العام الإيراني بالانتخابات وسعيه لتشكيل قيادة مستقبلية لإيران، ورسالة دعم لخيار حكومة الرئيس حسن روحاني وحليفيه رئيس مجلس تشخيص المصلحة آية الله الشيخ هاشمي رفسنجاني والرئيس الأسبق الدكتور محمد خاتمي.

كما تؤكد الانتخابات على أهمية التجربة الفريدة لإيران، على صعيد ما يمكن تسميته الديمقراطية الدينية الشعبية، والتي تجمع بين حكم ولاية الفقيه  وحكم الشعب، وهي رسالة واضحة للخارج والداخل على حيوية الشعب الإيراني، وحضوره المهم في الساحة السياسية الإيرانية.

ويؤكد فوز الإصلاحيين الواضح في انتخابات مجلس الشورى أو انتخابات مجلس الخبراء وخصوصا في مدينة طهران، رغم ما تعرضوا له من تضييقات ومنع الترشح، على خيار الشعب الإيراني بدعم الاتفاق النووي ودعم حكومة الرئيس روحاني وسعي إيران لانتهاج سياسات جديدة من الانفتاح على الخارج، وهو مؤشر على قدرة الشعب الإيراني على إرسال رسالة واضحة وصريحة، على ما يريد من سياسات خارجية وداخلية وخصوصا تجاه العالم العربي أو على الصعيد الغربي.

لكن هل نحن أمام عهد جديد في إيران وكيف سينعكس هذا التحول على السياسة الخارجية لإيران؟

لا يمكن القول إننا أمام عهد جديد بشكل كامل لأن طبيعة اتخاذ القرار في إيران معقدة، وهناك عدة مؤسسات تساهم في القرار ومنها قائد الجمهورية الإسلامي السيد علي خامنئي، ومجلس الأمن القومي والحرس الثوري ومجلس تشخيص النظام، إضافة للحكومة ومجلس الشورى، ولا يزال قائد الجمهورية السيد علي خامنئي يلعب دورا مهما في تحديد السياسات الداخلية والخارجية، لكن ما جرى يؤكد أننا أمام وضع إيراني شعبي جديد وعلى القيادة الإيرانية أن تأخذ بعين الاعتبار المعطيات الجديدة مما سينعكس على سياسات إيران الانفتاحية وعلى الوضع الداخلي، كما أن ما جرى يعطي للرئيس حسن روحاني وللشيخ هاشمي رفسنجاني والرئيس الأسبق الدكتور محمد خاتمي دعما قويا في المستقبل.

ما تأثير ما جرى على الملفات العالقة في المنطقة؟ السياسات الخارجية الإيرانية لا تزال ثابتة، وهناك توافق بين مختلف الأطراف الإيرانيين على المواقف مما يجري في المنطقة، وإن كانت الانتخابات ونتائجها يمكن أن تساهم في تهدئة التوترات بين إيران وبعض الدول ولا سيما السعودية في حال تعاطت السعودية والدول العربية والإسلامية بإيجابية مع ما جرى وانتهجت سياسات جديدة وحوارية مع إيران.

أما على صعيد تأثير الانتخابات على الملف السوري؟ وعلى الوضع في العراق وملف حزب الله ولبنان؟ وعلى الصراع السعودي – الإيراني؟

لقد جرى اتفاق روسي- أمريكي لوقف النار في سوريا وإيران تدعم هذا الاتفاق والحل السياسي في سوريا، وأما في العراق فإن إيران تدعم الحكومة العراقية والشعب العراقي في مواجهة داعش ولن تتغير مواقف إيران، وأما على صعيد ملف حزب الله ولبنان، فإن هذا الملف من ثوابت السياسة الخارجية الإيرانية ولا أتوقع حصول تغيرات معينة مع التأكيد على دعم إيران لحصول انتخابات رئاسية وحصر القرار بيد حزب الله والأطراف اللبنانية.

أما الصراع  السعودي – الإيراني فهو  حتى الآن مستمر في المنطقة، وما جرى حول لبنان إحدى تجلياته والحل الوحيد هو العودة إلى الحوار والتواصل، وقد تشكل نتائج الانتخابات فرصة للسعودية لإعادة فتح باب الحوار مع إيران رغم صعوبة ما يجري.

إن مسؤوليتنا العربية أن نقرأ بعمق ما يجري في إيران عسى أن يشكل ذلك فرصة مناسبة لعودة الحوار العربي – الإيراني الحقيقي.

  عربي21