"لا تراجع عن القرارات المتخذة التي يمكن أن تتصاعد إلا بتغير ملموس من الحكومة اللبنانية"، هذا ما أكدته المصادر المعنية بعدما لاحظت أن "كلام المحبة والتصريحات الاعتذارية لم تعد ترضي السعودية بل تريد أمراً ملموساً، كزيارة مسؤول ما للسفارة السعودية، في شكل اعتذار رسمي أو تغيير قرارات معينة ربما". هذه المعطيات تؤكد أن الحديث عن زيارة لا تعني اللبنانيين المتمسكين بالعلاقات مع السعودية أو الذين زاروها خلال الايام الثلاثة الماضية، بل يبدو أن التصويب هو على شخص وزير الخارجية جبران باسيل، خصوصاً أن المملكة لا تحمل رئيس الحكومة المسؤولية فهو لم يترك فرصة إعلامية إلا وعبر فيها عن "ارتكاب الخطأ" وعن دعمه للمملكة.

 

ما هو المطلوب؟ سؤال طرحته "النهار" على رئيس مجلس العمل والاستثمار في السعودية محمد شاهين فأجاب: "حصلت إساءة كبيرة وخيبة أمل، فهناك بلد اجنبي اعتدى على البلد العربي السعودية ولم يقف لبنان الشقيق مع المملكة أمام المحافل الدولية بل ضدها، علما أن حكام ايران أنفسهم أدانوا الاعتداء على السفارة السعودية، لهذا يجب أن نحدد المسؤولية بشخص وزير الخارجية، أما رئيس الحكومة فيرأس 24 رئيس جمهورية"، ويضيف: "المطلوب اعتذار من باسيل ويمكن ترتيب زيارة لمقر جامعة الدول العربية يقدم منها اعتذاره علناً إلى السعودية، وهذا ليس ضعفاً بل رجولة وبطولة بالاعتراف بالخطأ"، وتوجه إلى باسيل بالقول: "يا وزيرنا، انت وزير الخارجية والمغتربين ونحن المغتربين، انت مسؤول عن إبعاد الضرر عما يسيء إلى وزارتك ونحن جزء منها، وعندما يصل إلينا الضرر فإنه يطاول وزارتك، فاقدم على ما هو صحيح".

 

تأثير نفسي كبير

 

وتؤكد المصادر اللبنانية في السعودية أن "كل ما تم تداوله من قرارات سواء في شأن سحب الودائع أو ايقاف الرحلات والاستثمارات والتحويلات، سمعنا بها كما سمع بها اللبنانيون ولم يتبلغ أي لبناني بها، ولا حديث في الاوساط السعودية عن ترحيل لبنانيين، ولم تصل أي اشارة رسمية إلى أي لبناني في هذا الشأن، خصوصاً أن القرار الأول جاء على لسان مصدر مسؤول".

 

ولا تخفي المصادر امتعاضها من "استغلال القضية سياسياً"، مؤكدة "وجود مخاوف بين اللبنانيين لم يشعروا بها سابقاً"، ولافتة إلى "الغلط الواقع في عدد اللبنانيين في الخليج، فعددهم لا يتجاوز 500 ألف لبناني في الخليج ككل، أما في السعودية فيراوح بين 250 ألفاً و300 ألف"، وتقول ان "الجالية اللبنانية واقعة تحت تأثير نفسي كبير، بعضها بفعل اعتبارات جدية ومنطقية وأخرى بسبب الإفراط الاعلامي، ولكن الأمور جدية عموماً وتستدعي تصرفاً فعلياً من لبنان".

 

 

وعن احتمال اعتبار السفير اللبناني في الرياض غير مرغوب فيه، تقول المصادر: "كل الأمور واردة، وما يحكى عنه يندرج ضمن تدابير تتخذها الدول في ما بينها عندما تريد أن تعبر عن استيائها".

 

 3,5مليارات من السعودية إلى لبنان

 

ويؤكد رئيس مجلس العمل والاستثمار أن "5 مليارات دولار هي قيمة التحويلات السنوية إلى لبنان من المقيمين في دول الخليج، و3,5 مليارات منها فقط من السعودية وفق احصائيات المصرف المركزي"، مضيفاً ان "اللبنانيين في الخليج لا يمثلون أنفسهم فحسب بل يمثّلون أيضاً عائلاتهم، وبالتالي أي ضرر سيؤثر في ربع أو ثلث اللبنانيين وليس 500 ألف فحسب".

 

ويختم شاهين: "لا أحد يعلم بما يمكن أن يصدر من قرارات إلا الجهات الرسمية السعودية نفسها، وما ذكر في وسائل الاعلام ليس سوى اجتهادات وتوقعات، فلا يمكن معرفة القرار إلا بعد صدوره"