وكما مع كلّ شهيد...رواية الصراع  بين الثنائية الشيعية تتجدّد، وفي ذكرى "القادة الشهداء" اليوم يشهد الفيسبوك حربا شرسة بين جمهوري حركة أمل وحزب الله، سيّما أن الشهيد راغب حرب هو واجهة يفتخر بها ليس كلا الحزبين فحسب إنما لبنان كلّه.

وإن كان هذا الصراع على الشهداء الذي يظهر جليا في كل مرة يتبنى حزب الله فيها شهيدًا من شهداء أمل يؤكد أن الشرخ بينهما أكبر من شهادة إلا أنه يبقى المؤكد أن لو كان راغب حرب على قيد الحياة لتخلّى عن كلاهما.

فالذي رغب بأن تتحرر أرض لبنان من العدو الصهيوني والذي دفع ثمن الوحدة دمًا ها هو اليوم يتحوّل بشخصه إلى قاعدة للصراع بين حزبين يبدو أنهما نسيا معنى الشهادة الحقيقية والتحق بعضهم بجهاد المناكفات السياسية والبعض الآخر بجهاد "قتل الأطفال" حيث وجهوا سلاحهم إلى الداخل السوري الشقيق متجاهلين العدو الأساسي الذي لأجله ضحى راغب وقصير ومواسي وغيرهم..

صحيح ان كلا الحزبين تحت مسمّى المقاومة يتصارعان على الشهداء لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هذه هي المقاومة التي أرادها الشهيد راغب حرب؟ فالإنطلاقة المشرّفة للمقاومة اللبنانية تحوّلت عن مسارها عندما وجّهت سلاحها إلى الداخل لتدافع عن رجل ديكتاتوري ظالم بحق شعبه ومجرم بحق مواطنيه، معتبرة أن الدفاع عن جمهورية اسلامية همّها تمديد نفوذها في الشرق الاوسط وتحويل لبنان الى ولاية لها هو جهاد بحد ذاته ومتناسية ان الجهاد يكون فقط بقتال العدو الاسرائيلي وتحرير لبنان منه.

ولعلّ روح راغب الآن تنظر بتحسّر إلى جسده الذي ذهب هدرًا ودماءه التي سالت لأجل قضية تحوّلت اليوم إلى قضية مصالح بحتة بعد أن كانت وطنية بامتياز، ولو عاد راغب إلى الحياة لقال لكم "أنا ورفاق الدرب أكبر من حزب الله وحركة أمل، لأنكم يا إخواني إندمجتم ولهثتم وراء مصالحكم الضيّقة ونسيتم القضية الاساسية. ولا بدّ في هذا السياق أن نذكر أن الصراع على الشهداء بين حركة أمل وحزب الله الذي أضاع حقّهما ليس سوى دليل على الإنكماش الفكري والعقلي حيث أن في الأوقات الماضية لم يستشهد راغب لا لرفع اسم الحزب ولا الحركة عاليا إنّما استشهد لأجل لبنان.

ولكن ماذا نقول؟ هذا التاريخ المشرّف لحزب الله من وجهة نظرهم وللجمهور الأخضر أيضَا إنما يعود إلى اعتبارات عدة نذكر منها:. أنه في مرحلة ما كان الشهداء يقاتلون لأجل الوطن ولأجل القضية فرغم أنهم حركيين في الصميم إلا انهم كانوا يقبلون بمساعدات من حزب الله الذي لم يكن لوجوده ثقلا على الساحة اللبنانية، حتى أن بعض الأشخاص المنتمين للحزب كانوا يقاتلون تحت راية أمل فهم يحبّون حزب الله لكن لأجل الوطن يقاتلون مع أمل.

وانطلاقا من هنا فإن الخلاصة تتمثّل بأن في ذلك الوقت كانت دماءهم وطنية ولبنانية فقط.