تحت عنوان ضم البطريرك بشارة الراعي إلى الوفاق المسيحي ـ المسيحي، ظهر تحرّك ملفت تجاه الكنيسة لتبنّي نتيجة هذا التوافق وهو ترشيح العماد ميشال عون لسدّة الرئاسة الأولى. 

سلسلة إجتماعات حصلت في الصرح البطريركي قبل عودة البطريرك الراعي من الفاتيكان إلى لبنان الأسبوع الفائت بين المطارنة الذين يشكّلون هيئة الأركان في بكركي، لا سيما المطارنة مظلوم وعلوان وصيّاح، إضافة إلى المطران مطر والسفير البابوي الكاردينال غابريال كاتشيا، تخلّلها مرافعة مستفيضة لنائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي، عن ضرورة تبنّي البطريركية لترشيح العماد عون من قبل الدكتور سمير جعجع. 

فالفرزلي يعتبر أن وصول عون إلى رئاسة الجمهورية في هذا المفترق التاريخي المهم في سيرة المسيحيين المشرقيين، هو إعادة الفريق السياسي المسيحي إلى الشراكة الوطنية الفعلية وإعادة التوازن السياسي والإداري إلى هيكلية الدولة بشقّها السياسي والتقريري، رافضاً إستيلاد النواب المسيحيين في كنف الكتل الإسلامية الكبيرة، كذلك أضاف أن الإضطهاد الذي لحق بالمسيحيين المشرقيين في العراق وسوريا، لا بد وأن يقبض ثمنه المسيحيون في لبنان من خلال العودة الفعلية للمشاركة في السلطة كشريك وليس كتابع.

في المقابل، فإن جواب الكنيسة ممثّلة بالمشاركين في هذه الإجتماعات لخّصه النائب السابق عبدالله فرحات كالآتي:

1 ـ تعتبر الكنيسة أن ترشيح العماد عون من قبل زعماء الموارنة ومن بكركي، سيؤدي إلى إصابة الطائفة المارونية في حال عدم نجاحه. من هنا يبحث البطريرك الراعي في هذه المسألة قبل اتخاذ أي قرار رسمي بدعم عون، مع العلم أنه يصرّ على حصول الإنتخابات الرئاسية بصرف النظر عن المرشّحين.

2 ـ إذا رشّح الزعيمان المارونيان الأقوى شخصية ثالثة مدعومة منهما، فإن هذه الشخصية، في حال فوزها بالرئاسة، ستكون قوية وفاعلة وقادرة على تأمين الشراكة، وعلى تحقيق النجاح الكبير للزعيمين، كما أنها إذا أخفقت في الوصول، فلن يُسجّل على الزعيمين أي انتكاسة شخصية.

3 ـ إن التوقيت في ترشيح الدكتور جعجع للعماد عون جاء متأخّراً بعض الشيء، لأنه لو حصل عندما رشّح الرئيس سعد الحريري العماد عون، لكانت أنجزت الإنتخابات الرئاسية.
وفي هذا الإطار، اعتبر الفرزلي، أن الضعف في الصلاحيات الدستورية الناتج عن التعديلات التي طرأت بعد اتفاق الطائف، تستدعي وصول زعيم بحجم العماد عون، قادر على تأمين الشراكة بشخصه، وعلى إيصال النواب وتشكيل كتلة نيابية مسيحية.

وبنتيجة هذه الإجتماعات المتلاحقة مع أركان الكنيسة، كشفت معلومات أن الإتفاق بين المشاركين فيها والسفير البابوي، قد ركّز على بلورة آلية تعاون مستدامة بغية الوصول أخيراً إلى إقناع الشريك السنّي بتأييد ترشيح العماد عون. 

وبالتالي، فقد بات واضحاً إصرار الكنيسة على التمسّك بتظهير الإتفاق المسيحي ـ المسيحي على أنه وثيقة توافقية لجمع الأطراف الإسلامية المتخاصمة ، وليس حلفاً موجّهاً ضد أحد، وكأن الكنيسة تسعى إلى تحويل دور المسيحيين إلى عنصر جمع وتوافق بين كل المكوّنات اللبنانية وصولاً إلى إخراج لبنان، وربما المنطقة، من خطر هذا الصراع الوجودي الذي يستهدف كل الأطراف، وتحديداً المسيحيين.

  لبيانون ديبايت