لكثرة ما دخل في معتقدات المسلمين وشرائع الإسلام من روايات كاذبة أو روايات نُقِلَت زائدة أو ناقصة    أو من دون معرفة ظروفها وتفرع عنها ومنها وبُنِيَ عليها فتاوى ومفاهيم وأفكار فإن المسلمين عامة    والشيعة بالتحديد يعتقدون بأن النبي ص أخبر بأنه بعد وفاته سوف يتحول المنكر إلى معروف والمعروف    إلى منكر وبأن الله سبحانه  سوف يبعث الإمام المهدي عج رجلا إصلاحيا لما تم تزويره وتحريفه في    الإسلام في عقائده وشرائعه وذلك نتيجة التفسيرات والتأويلات والروايات غير الصحيحة    وقد رُوِي عن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال في دعائه :   { وَجَدِّد اللهم بالمهدي ما امتحى من دينك ، وبُدِّلَ من حكمك ، حتى تعيد دينك به وعلى يديه جديداً غضاً    محضاًصحيحاً لا عوج فيه ولا بدعة }   المصدر : دعاء العهد مصابيح الجنان الشيخ عباس القمي    وفي دعاء آخر { اللهم جَدِّد بالمهدي ما بُدِّلَ من كتابك }   المصدر : منهاج العارفين في أعمال ليلة النصف من شعبان    وعلى كل تفسير وتأويل وتقدير فإننا نستطيع القول بأنه يقينا ليس كل ما تحت أيدي المسلمين من عقائد    وشرائع وفتاوى ومفاهيم هي جميعها بالتمام من الإسلام أوليس هذا القول بديهة لأولي الألباب ?

وفي    هذا الصدد يقول الشهيد السيد محمد باقر الصدر رض    من المتفق عليه بين المسلمين اليوم أن القليل من أحكام الشريعة الإسلامية لا يزال يحتفظ بوضوحه    وضرورته وصفته القطعية وقد لا تتجاوز الأحكام التي تتمتع بصفة قطعية من أحكام الشريعة خمسة    بالمئة من مجموع الأحكام التي نجدها في الكتب الفقهية ؟!؟! والسبب في ذلك واضح لأن أحكام    الشريعة تؤخذ من الكتاب والسنة ونحن بطبيعة الحال نعتمد في صحة كل نص على نقل أحد الرواة    والمحدثين -( باستثناء النصوص القرآنية ومجموعة قليلة من الروايات التي ثبتت بالتواتر واليقين  ) -  

 ومهما حاولنا أن ندقق في الراوي ووثاقته وأمانته في النقل فإننا لن نتأكد بشكل قاطع من صحة النص    ما دمنا لا نعرف مدى أمانة الرواة إلا تاريخيا لا بشكل مباشر وما دام الراوي الأمين قد يُخطئ ويُقَدّم إلينا    النص مُحَرّفاً وبخاصة في الحالات التي لا يصل إلينا النص إلا بعد أن يطوف بعدة رواة ينقله كل واحد    منهم إلى الآخر حتى يصل إلينا في نهاية الشوط وحتى ولو تأكدنا أحيانا من صحة النص وصدوره عن    النبي أو الإمام فإننا لن نفهمه إلا كما نعيشه الآن ولن نستطيع أن نستوعب جوه وشروطه واستبطان بيئته    التي كان من الممكن أن تلقي عليه ضؤًا ولدى عرض النص على سائر النصوص التشريعية للتوفيق بينه    وبينها قد نُخطئ أيضا في طريقة التوفيق فنقدم هذا النص على ذاك مع أن الآخر أصح في الواقع أو قد    يكون للنص استثناء في نص آخر ولم يصل إلينا الاستثناء أو لم نلتفت إليه خلال ممارستنا للنصوص    فنأخذ بالنص الأول مُغفلين استثناءه الذي يفسره ويخصصه فالإجتهاد إذن عملية معقدة تواجه الشكوك    من كل جانب ومهما كانت نتيجة الإجتهاد راجحة في رأي المجتهد فهو لا يجزم بصحتها في الواقع وإن    بدا  له صحيحا أو لخطأ في فهمه أو في طريقة التوفيق بينه وبين سائر النصوص أو لعدم استيعابه    نصوصا أخرى ذات دلالة في الموضوع ذهل عنها المجتهد أو عاثت بها القرون  المصدر كتاب اقتصادنا صفحة 417 دار التعارف للمطبوعات الطبعة 13 

بقلم الشيخ حسن مشيمش