من السابق لأوانه الاستسلام للشعور  بكابوس وصول ميشال عون إلى قصر بعبدا. فتبني رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لا يعني بالضرورة ابدا ان طريق عون أصبحت سالكة للوصول إلى القصر الجمهوري وأنه أصبح حكما رئيسا للجمهورية اللبنانية.

فالطريق ما زالت مليئة بالعراقيل والمطبات والالغام وحتى المفاجآت التي تجعل من سلوكها غاية في الصعوبة ان لم نقل أنها لا زالت مستحيلة. 

فالطموح الجامح لدى ميشال عون بتحقيق حلم هو أقرب للخيال وهو الفوز بمنصب الرئاسة الأولى جعلت على عينيه غشاوة بحيث لم يعد بإمكانه رؤية الأمور على حقيقتها. وفي أذنيه صمم حرمه من نعمة تمييز الأصوات وسماع ما يدور وما يجري من حوله. 

لا شك ان تبني جعجع ترشيح ميشال عون لرئاسة الجمهورية حدثا في غاية الأهمية في هذه اللحظة السياسية الحرجة سيما وأنه سيكشف ما إذا كانت هناك نية لدى حزب الله الذي يعرقل انتخابات رئاسة الجمهورية على مدى ما يقارب العشرين شهرا هي عمر الشغور الرئاسي في البلد بحجة التمسك بحليفه العماد عون باعتباره المرشح الأقوى على الساحة المسيحية. من تغيير موقفه بحيث يفتح الطريق أمام نواب كتلته البرلمانية للوصول إلى المجلس النيابي ويسمح لهم بحضور الجلسة المخصصة لانتخاب الرئيس ويحضهم على انتخاب عون ام أنه سيبتكر وكعادته حجة جديدة لتعطيل جلسة الانتخاب وينصح في فرض استمرار الشغور الرئاسي. 

ولعل أهم ما في الحدث أن جعجع تلا على عون في المؤتمر الصحفي المشترك بيانا لا يؤمن الأخير بأي كلمة فيه خصوصا أنه بيان يتضمن كل المباديء التي تنادي بها قوى الرابع عشر من آذار التي قامت من أجل إستعادة لبنان لحريته واستقلاله وسيادته. 

أما عون فإنه صفق لجعجع من دون أن يسمع اي كلمة قالها الأخير او يستوعب معنى الكلام الصادر عن رئيس حزب القوات اللبنانية ومغزاه. فكل همه كان محصورا في سماع تبني القوات اللبنانية لترشيحه للرئاسة. 

من الواضح أن سمير جعجع أراد من خلال تبنيه ترشيح عون خلط الاوراق السياسية على الساحة الداخلية اللبنانية. فقد أراد الرد على رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري الذي عقد اتفاقا مع رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الطامح بدوره لأن يكون رئيسا للجمهورية اللبنانية.  ومن الواضح أيضا أنه ما زال أمام عون الكثير من العراقيل والعقد التي تعترض طريقه إلى قصر بعبدا. وأهم هذه العقد موقف حليفه اللدود رئيس حركة أمل الرئيس نبيه بري وموقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي يعارض بشدة فوز عون بالرئاسة. ومن الخطأ الاعتقاد ان حزب الله بوارد الضغط على بري او جنبلاط او سواهما من أجل التصويت لعون. 

يبقى السؤال الأهم هو هل يمكن لحزب الله السماح بعقد جلسة لمجلس النواب يتنافس فيها سليمان فرنجية وميشال عون على الرئاسة؟ في وقت بعيش اللبنانيون على وقع فضيحة إطلاق المحكمة العسكرية سراح ميشال سماحة المدان بنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان ومحاولته قتل لبنانيين لإثارة فتن طائفية ومذهبية.