اما وقد دخل الاتفاق حول الملف النووي الايراني حيز التنفيذ بين ايران واميركا والدول الكبرى ، فانه آن الاوان لان نبدأ جميعا التفكير بهدوء وبعيدا عن الضجيج الاعلامي والسياسي بالتداعيات المستقبلية لهذا الاتفاق والذي سينقلنا الى مرحلة جديدة على المستوى الايراني والعربي والاقليمي والدولي، مما يستدعي البحث في كيفية التعاطي العملي والواقعي مع هذه التداعيات.

ولقد بدأنا نشهد الاثار الاولى والسريعة للاتفاق من خلال تراجع اسعار النفط ودخول ايران مجددا الى الاسواق العالمية وهذا سيكون له تداعيات فكرية واجتماعية وسياسية سواء بالنسبة للداخل الايراني او للقوى الحليفة لايران في المنطقة.

ومن الاثار العملية للبدء بتطبيق الاتفاق اطلاق سراح عدد من المعتقلين الاميركيين في ايران وبالمقابل اطلاق عدد من الايرانيين المعتقلين في ايران وكذلك كيفية الانتهاء من قضية القوارب الاميركية التي دخلت المياه الايرانية والاطلاق السريع للبحارة الاميركيين من قبل ايران بعد اتصالات مباشرة وسريعة بين المسؤولين الايرانيين والاميركيين، وكل ذلك يذكرنا بنهاية ازمة الرهائن في لبنان في الثمانينات من القرن الماضي والتي انتهت بعد انتهاء الحرب العراقية – الايرانية ودخول صدام حسين الى الكويت وبدء تطبيق اتفاق الطائف في لبنان.

واما على الصعيد الاقتصادي فسنكون امام وقائع جديدة ويفترض بخبراء الاقتصاد ان يتحدثوا بعمق عن هذه التداعيات سواء على المستوى الايراني او الخليجي او الاقليمي او الدولي ، وقد لاحظنا امس التراجع السريع في البورصات الخليجية ، وكل ذلك يتطلب اعادة نظر بكل الاداء العربي في المرحلة المقبلة.

ومن الناحية السياسية والاستراتيجية فان التداعيات كثيرة وقد شهدنا بعضها في الاشهر القليلة الماضية من خلال انطلاق الحوار الدولي – الاقليمي بشأن الازمة السورية وصدور قرار مجلس الامن حول سوريا وبدء البحث الجدي حول المفاوضات بين النظام السوري وقوى المعارضة وكل ذلك بعد التدخل الروسي العسكري في سوريا ، وفي العراق نشهد تطورات عسكرية وامنية وسياسية مهمة، في حين ان السعودية تحاول استيعاب التداعيات عبر ردود فعل متعددة ، وفي اليمن وليبيا مساعي الحوار والحلول مستمرة رغم العقبات الكثيرة، وسنشهد ايضا المزيد من التداعيات في المرحلة المقبلة.

اما عن العلاقات الاميركية – الدولية – الايرانية فهي لا تزال في بداياتها والصراعات لا تزال قائمة حول بعض الملفات لكننا امام اوضاع جديدة سيكون لها تاثيرا على الداخل الايراني وعلى دور ايران في المنطقة والصراع مع الكيان الصهيوني ودور حزب الله في المستقبل. هذه اشارات اولى حول ما بعد الاتفاق حول الملف النووي الايراني والبدء بتنفيذه والآتي اعظم.