قبل كل شيء:

إيران ليست «عُش آل محمد»، ليست «جنة الزهراء». كما تقولون في المجالس المغلقة، في قروبات الواتساب، وراء الجدران، بقلوب خائفة؛ لئلا يطالكم التخوين. أنا كنت أفعل ذلك قبل أعوام طويلة، كنت أظن بأنها عُش آل محمد، بأنها جنة الزهراء وبأن الحسن والحسين يكنون لها أعمق درجات الحب والولاء بعد أن وضعوا في تربتها آخر وصاياهم الثمينة.

الأرض التي نحب:

المتطرفون يغلقون عقولنا؛ لإخراسنا. أعني يريدون أن يقولوا كلامًا بدلاً عنا. إنهم لا ينتظرون موافقتنا، بل يغتالون حريتنا بأقصى درجات البشاعة والعنف، لو فكرنا فقط بالرفض، أو استخدام أفواهنا التي جعلوها عاطلة كي نطرح أسئلتنا المقلقة. فمتي يأتي اليوم الذي يمكننا أن نصرخ بقوة، بثبات:

(كفاكم... كفاكم)

نريد أن نطلق كلامنا الذي قتلتموه لأعوام بسبب خرافاتكم المضحكة والمخيفة. كفاكم نريد أن تعرفوا بأن هذه الأرض، هي أرض أجدادنا التي نحب، نريد أن نخبركم بأننا خرجنا منها وإليها نعود. لا مصافحة لكم أو لغيركم الذي يتحين الفرص لسلب أماننا وأرضنا وعقولنا، تحويلنا لمجرد اتباع، يمشون إلى كربلاء حفاة!.

هل فكرت بنا؟:

ماذا قدمت لنا إيران؟ أو بالأحرى: ماذا نريد نحن من إيران؟. إذا كان ما يريده الشيعي العربي زيارة أضرحة الأئمة، فهل ساعدته؟. هل مهدت الطريق؟. هل تحاشت أي ما من شأنه أن يعوق تأدية الشيعة لشعائرهم الدينية؟. هل وضعت شيعة العرب في حساباتها حينما وقفت عدوًا إستراتيجيًا للمملكة وللحكام العرب؟. منذ عهد الخميني: حينما زعم أنه سيقوم بتطهير مكة، - على حد قوله-؟. بالتأكيد لا، أعيدها لك أيها الشيعي العاقل مرة أخرى: قطعًا لا. عندما اشتعلت الحرب مع العراق، الضلوع في المحاولة الفاشلة لاغتيال أمير الكويت، عندما استغلت حادثة رافعة الحرم، وتدافع الحجاج في منى، لإدانة المملكة وتهديدها، هل فكرت بنا؟. جميعنا نذكر خروج الإيرانيين قبل مدة قريبة في مظاهرة لرفض دخول أي عربي. واليوم، حينما انقض الهمج على سفارتنا في طهران وقنصليتنا في مشهد، هل غفل الإيرانيون عن ردة فعل محتملة لبلادنا؟ هل شكّل شيعة السعودية والخليج رقمًا في حساباتهم؟. بل كيف من الممكن أن يعود عليهم هذا الفعل الهمجي بالنفع؟ العقلاء يعرفون الجواب سلفًا، لكن المتطرفون لا يعرفون، بل يتغافلون؛ ليخدعوا البسطاء. نعلم أننا مجرد حصان للامتطاء في نظرهم، نرصف لهم الطريق للاستيلاء على المنطقة ثم ينحرونه بخبث وهم مبتسمون أثناء الوصول. لا فرق بينها أبدًا عن الدول الاستعمارية في أهدافها، لكنها فقط أكثر دهاء. إنها، على رقعة الشطرنج، تضحي بالجنود، بالدم الرخيص، الذي وللأسف هو نحن. اختطفت الوضع البحرين، دخل درع الجزيرة منهيًا للأزمة؛ لتختبئ خلف الكلام المزيف وشعارات الحسين لأن تلك الشعارات تخدم مصالحهم فقط لا لشيءٍ آخر. حرضت أفرادًا سمتهم «حزب الله الحجاز»؛ ليقتلوا الأبرياء من الجنسيات المختلفة. زجّت باللبنانيين في خصومات ومعارك أثقلت كاهل لبنان، والمنطقة، زجّت بهم لاجتياز حدود سوريا والمشاركة في حرب ليست حربهم، وحين تساقط القتلى، اختفت خلف الكلام، كلام بلا لون ولا رائحة. كلام لا يعيد الموتى ولا يجفف دموع الثواكل.

في إيران حقوق الإنسان قصيدة رثاء:

عتمة سجونها تحجب كتاب الرأي والمعارضين، شوارعها شهدت أعنف قمع لمظاهرات سلمية، الأحواز العرب والأكراد الأتراك يعانون عدم تساوي الحقوق والتهميش كأقليات. وسائل التواصل والقنوات الفضائية والصحف العالمية محجوبة، فقراؤها يوفرون أموالهم القليلة لدفع الضرائب، أو الخُمس إن صح التعبير. الموسيقى والفن والسينما كلها مؤدلجة، وما أتعس الفن حين يصبح في خدمة الأيدلوجيا، إنه يتحول لمريض يحاول أن يقنع الأصحاء بدواء ينقذهم. إنها في المركز الثاني على مستوى العالم في عدد الإعدامات، أعيدها لك أيها الشيعي العاقل، أعيدها لك أيها المتطرف: إيران في المركز الثاني على مستوى العالم في عدد الإعدامات عالميًا.

مشانق كثيرة وأبرياء:

إساءات الإيرانيين للإنسانية، للعنصر العربي لا تحتاج لإثبات لكن؛ لنسترجع الذاكرة قليلاً: «مرتضى مطهري» عالم ومفكر ومفسر للقرآن، قُتل في اغتيال مدبر بعد سحب رخصة التدريس منه، وتغييبه في السجون. «حسن لاهوتي أشكوري» رجل دين شيعي تم تصفيته عقب انتصار الثورة، تمت تصفيته بعد سجنه 4 أعوام مسمومًا في دمه. «صادق قطب زاده» تم إعدامه شنقًا بتهمة الانقلاب على حكومة الجمهورية الإسلامية، ليست الضحية أشخاصًا فقط بل دول أيضًا: زعزعة أمن سوريا، فوضى العراق، انقلاب الحوثيين في اليمن، والآن استغلال حادثة إعدام نمر النمر. وقائمة ممتدة من البشاعة في تاريخ إيران السياسي منذ الخميني وحتى اليوم. كل هذا من إخراج وتمثيل وإنتاج إيران، إنه فلم رخيص تحت عنوان «متى نستولي على المنطقة؟». والمؤسف أنه وعلى الرغم من كل ذلك يصدق الجهلاء، المتطرفون، المغيبين، أو سمهم ما شئت.

لستم فقط متعبون بل جميعنا:

أعلم جيدًا أنكم منهكون، مطالبون في أحيان كثيرة بإثبات وطنيتكم من المتطرفين في كلا الجانبين، أعني الجانب الأول الذي يتهمكم في ولائكم لهذه الأرض، والجانب الثاني الذي أن أعلنتم رفضكم علانية لإيران وتدخلاتها فإنكم ستعيشون في خطر وتهديد، لكن قولوا لهؤلاء بكل قوة واتزان:

إيران ليست بديلاً، لن تقدم لنا ما تقدمه مملكتنا من حماية، من أمن واستقرار، من إنسانية، من بعث أولادنا دون عنصرية عرقية أو مذهبية للخارج للدراسة في أرقى الجامعات، من محاكمات عادلة ليست كمحاكمة إيران لريحانة الجميلة، لريحانة التي حاول جندي سافل اغتصابها وحين قتلته حماية لشرفها قال لها القاضي هذا لا يستحق القتل فأجابت ريحانة بكل قوة: لأنك بلا شرف. حقوقنا ما زالت قائمة دون تمييز، الكثير منا يخرجون خارج الوطن ثم يعودون بسلام دون مشانق وتحقيقات، دون مساس للإنسانية، وأننا شيعة وسنة سندفع الضريبة إن صدقنا هؤلاء الطامعون، وأن المسألة مسألة وطن، مسألة وطن وليست مذهب أو طائفة.

 

كوثر الأربش