أدلّة موثقة لدى شعبة المعلومات أدت الى توقيف النائب السابق حسن يعقوب، منها الإتصالات التي أجراها قبل وبعد عملية خطف هنيبعل القذافي، مع مرافقيه، إضافةً إلى اتصالات أجراها مع فاطمة مسعود.

 

وتكشف مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" أنّ القصة بدأت عبر السيّدة فاطمة هـ. أ، وهي زوجة أحد ضبّاط الجيش السوري الذين قتِلوا في سوريا، والتي تربطها علاقة معرفة بهنيبعل، وفاطمة كانت صِلة الوصل بين هنيبعل والنائب السابق حسن يعقوب، الذي كانت تطلب منه أن يتوسّط لها لدى "حزب الله" لكي تدفعَ بعض الجهات الإيرانية أموالاً كانت لزوجها معهم.

تضيف المصادر أنّ فاطمة أرادت مساعدة هنيبعل على الدخول إلى لبنان لتخليص بعض المعاملات التي تخصّه، فلجَأت إلى يعقوب الذي أبدى استعداداً للمساعدة طالباً الاجتماع بهنيبعل، ومساعدته في معرفة أيّ معلومات قد تكون بحوزته، عن اختفاء الإمام الصدر ورفيقيه، وساهمَت فاطمة عن حسن نيّة بترتيب هذا التواصل.

وتشير المصادر إلى أنّ يعقوب توَجَّه إلى دمشق للقاء هنيبعل مع مجموعة من سيارتين، وتمّ استدراجُه للنزول من فندق "شيراتون" حيث تمَّ وضعُ كيس في رأسه، ووضعُه في صندوق إحدى السيارتين، ومن ثمّ اقتياده إلى لبنان عبر الخط العسكري، كلّ ذلك بغير عِلم النظام السوري، وبغير قصدٍ مِن فاطمة الأسد التي فوجئَت بالخطف.

بعد وصول هنيبعل إلى الاراضي اللبنانية وتعرُّضه للضرب الشديد، وانكشاف أمر الخطف، وضَع الخاطفون القذافي في أحد المنازل في إحدى البلدات البقاعية، وتمَّ إبلاغ شعبة المعلومات، التي استلمته، من دون أن تقوم بأيّ مداهمة لتحريره من خاطفيه.

وتشير المصادر إلى أنّه بناءً على هذه المعطيات المثبَتة بالأدلّة والاعترافات وتحليل داتا الاتصالات ووجود شرائط مسجّلة، تمَّ توقيف النائب السابق يعقوب، الذي يخضَع للتحقيق في خطف هنيبعل، أسوةً بالتحقيق الذي يجري مع هنيبعل نفسِه في قضية الإمام الصدر، الذي روى في إفادته أمام القضاء بعضَ ما يعرفه عن القضيّة.

اعترافات فاطمة ه.

ونقلت مصادر مواكبة للتحقيقات لـ"الأخبار" قولها إن "فاطمة ه. تربطها صداقة بهنيبعل، وبيعقوب، كل على حدة. تعرفت إلى هنيبعل عبر أخته عائشة، فيما ربطتها بيعقوب علاقة ودّ واحترام بعد أن آزرها الأخير عند استشهاد زوجها في الحرب السورية. حتى إنه ألقى كلمة في حفل تأبينه".

ونقلاً عن إفادتها للأجهزة الأمنية، أقنعها يعقوب بأن في استطاعته "مساعدة هنيبعل الذي طلب دعمها في حل مشكلات لديه". وتجزم الصديقة المشتركة بأنه "لم يخطر ببالها القاسم المشترك بين صديقيها، والد هنيبعل (معمّر القذافي) أخفى والد يعقوب (الشيخ محمد يعقوب مع السيد موسى الصدر الصحافي عباس بدر الدين".

هنيبعل نفسه أكد خلال إفادته بأن اسم يعقوب "لم يعن له شيئاً استثنائياً أكثر من كونه سياسياً لبنانياً" قالت المصادر. وبدأت الاتصالات بين الرجلين، عبر فاطمة، قبل ثلاثة أشهر من الخطف. "وعد يعقوب بتقديم القذافي إلى شخصيات لبنانية" بحسب فاطمة.

مطلع الشهر الجاري، حُدّد الموعد على طريق المزة في دمشق حوالى الساعة الثامنة والنصف ليلاً، بطلب من يعقوب. "ترك هنيبعل سيارته وسائقه وصعد إلى السيارة التي أرسلها يعقوب وتوجه مع الأشخاص الذين كانوا بداخلها نحو طريق غير مأهول، إلى أن توقفوا وأنزلوه ووضعوه في صندوق السيارة ثم ساروا به نحو البقاع".

بعد مرور ساعات على الموعد، اتصلت فاطمة وزوجة هنيبعل للاطمئنان عليه، لكن هاتفه كان مقفلاً. بعد اتصالات عدة، أجاب يعقوب قائلاً إن "هنيبعل بخير وبأيد أمينة". وقالت إن يعقوب وعدها بأن يجعل هنيبعل يتصل بزوجته. مرّت الأيام على فاطمة وهي تتأرجح بين الاطمئنان والريبة، إلى أن شاهدت التسجيل على وسائل الإعلام. عندها أدركت "الفخ الذي نصبه يعقوب"، فقررت البوح بما تعرفه، متّهمة يعقوب بتوريطها.

المصادر تحدثت عن شخص علم بعملية الخطف بعد أيام، وبالمكان الذي يحتجز فيه هنيبعل، فسارع إلى "دهم" المكان حيث وجده مقيّداً، وحاول انتزاعه من أيدي خاطفيه، قبل تسليمه إلى فرع المعلومات. وبحسب المصادر، رفض الخاطفون تسليمه إلى ذلك الشخص، محاولين إقناعه بـ"استخدام هنيبعل للتفاوض عليه لقاء فدية تبلغ مليوني دولار، يتقاسمونها معه".

وفي هذا السياق، كشفت المحامية اللبنانية بشرى الخليل في حديث لصحيفة "عكاظ" السعودية إن "هناك بعض المعلومات التي تشير إلى تورط النائب يعقوب بعملية الإختطاف، وهي العملية التي وفقا لمعلوماتي حصلت في لبنان وليس في سوريا، بل تم إستدراج هنيبعل إلى لبنان وهنا في الأراضي اللبنانية حصلت عملية الإختطاف".

وحول تفاصيل العملية، لفتت الخليل الى أنه تم "استدراج القذافي إلى مكان منعزل في لبنان عبر امرأة متزوجة من شخص قد قتل في مرحلة سابقة من آل الأسد ، وهي لبنانية الأصل من الشمال، وقد أوحت إليه أن جماعة لبنانية قادرة أن تحقق له ما يريد في مسألة تخص ليبيا، وعندما استدرج إلى هذا المكان في لبنان تم تقييده ووضعه في صندوق سيارة حيث نقل إلى مكان آخر".

وأفادت مصادر قضائية لصحيفة "النهار" أن "التحقيق الاولي في ملف اختطاف هنيبعل معمر القذافي سيأخذ مداه لدى فرع المعلومات ليستمع الى كل من تحوم الشكوك حول تورطهم في عملية الخطف".

وسيكون أمام النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود خيار من إثنين: إما أن يترك يعقوب بسند إقامة بعد انقضاء المهلة القانونية للتوقيف، وإما أن يدعي عليه ويوقفه بجرم "إما الإشتراك أو التحريض أو التدخل" ويحيله الى المحقق العدلي في قضية اختفاء الإمام السيد موسى الصدر، بقرار معلل.

 

المصدر: وكالات