أوقفت النيابة العامة التمييزية النائب السابق حسن يعقوب، بعد التحقيق معه لنحو ست ساعات من قبل فرع المعلومات بناء على استنابة قضائية، بشأن علاقته بعملية خطف هنيبعل معمر القذافي بالتنسيق مع مجموعة داخل الأراضي السورية قبل نحو اسبوعين.
وفاجأ فرع المعلومات النائب السابق يعقوب بوثائق اتصالات تظهر تورطه بالعملية، كما واجهه بإحدى المواطنات السوريات (فاطمة هـ.) تولّت مهمة التنسيق بينه وبين المجموعة الخاطفة من العاصمة السورية.
وبرغم إنكار يعقوب اي صلة له بالمجموعة الخاطفة، أصدرت النيابة العامة التمييزية قرارا بتوقيف يعقوب «في ضوء تضارب بالمعلومات والأدلة الأولية التي تكونت».
عائلة يعقوب وصفت التوقيف «بالسياسي»، وقال شقيقه الدكتور علي يعقوب إن قرار التوقيف «مستغرب وغير مسؤول وستكون له تداعيات سلبية، ومن يلعب بالنار سترتد عليه».
وقال يعقوب: «من يحاول إخضاع الجبل سنشهر بوجهه سيف الحق وسنسمي الأشياء بأسمائها»، وأضاف: «التوقيف يحظى بدعم سياسي»، سائلا: «هل أُوقِف لأنه يطالب بإطلاق سراح والده الشيخ محمد يعقوب؟».
من جهته، قال محامي النائب السابق يعقوب، ناجي أيوب إن العائلة لديها ملء الثقة بالقضاء، مطالبا «بإطلاق سراحه فورا وبتحقيق عادل وشفاف بعيدا عن الخلافات السياسية».
وفي معلومات لـ «السفير» فإن جهات وفصائل ليبية متعددة بدأت، منذ اللحظة الأولى للإعلان عن تسلم الجهات الأمنية اللبنانية للقذافي، «اتصالات غير رسمية بأحد المعنيين القضائيين بملف اختفاء الإمام السيد موسى الصدر، في محاولة لفتح فجوة رسمية لبدء مفاوضات التسليم، أو لتأمين وعد بالتسليم قبل طرح الموضوع بصورة رسمية».
وعلمت «السفير» أن الجهات اللبنانية المعنية لا زالت في طور دراسة الملف من جوانبه القانونية المختلفة. وتجمع الآراء اللبنانية القضائية الرسمية على حق لبنان باستنفاد الإجراءات كافة واستكمال الاستجواب مع القذافي، وإن كانت تباينت في تقدير الموقف السياسي من طلب الاسترداد المقدم من النائب العام السوري.
وكان وزير العدل اللواء أشرف ريفي أصدر بياناً أعلن فيه عن «توجيهه كتابا للنائب العام التمييزي طلب فيه فتح تحقيق فوري في قضية خطف القذافي والاستماع الى كل من لديه معلومات تتعلق به، تمهيدا لكشف هوية المتورطين والتحقيق معهم ليصار الى توقيفهم أمام القضاء المختص».
ورد ريفي على اتهام المحامية بشرى الخليل له أنه «شريك في خطف القذافي»، وقال في بيانه: «بالأمس راهن البعض على بشرى سارة للنظام السوري، من خلال قبول تسليم المدعو القذافي الى نظام خابت رهاناته والرهانات عليه، إلا أن ما فات هؤلاء أن لبنان اليوم يرتكز على قضاء يعمل على أسس العدالة والسيادة المفقودة لديهم، وهو ما أفقدهم صوابهم فراحوا يوزعون التهم يمنة ويسرة، ظنا منهم أننا ما زلنا نعيش في زمن الوصاية حين كان أزلامهم يقدمون الطاعة لهم غب الطلب». واعتبر ريفي أن قراره «استند الى أحكام القانون اللبناني ومبدأ السيادة، وهذا في ذاته يشكل سابقة خطيرة عند أصحاب الولاء للخارج، وحافظ على رمزية قضية إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه، وقدسيتها ووطنيتها، وهذا ما سبب خوفا لدى بعض الحالمين بإبقاء هذه القضية ضمن دائرة المذهبية الضيقة، هم أنفسهم الذين أخافهم الإمام المغيب بخطابه المنفتح وبلغته التي تخطت حدود الطائفة لتبلغ الوطن والأمة على حد سواء».
ووضع ريفي هذا الاتهام «بعهدة نقيب المحامين في بيروت وأعضاء مجلس النقابة لجهة ما تضمنه من اتهام مباشر لوزير العدل بالتورط في عملية الخطف، في سابقة خطيرة تمس أسمى المبادئ التي تقوم عليها مهنة المحاماة».
وختم ريفي بيانه معتبرا أن «الاتهام يفتقر الى الحد الأدنى من الجدية ولا يرتكز على أي أساس واقعي أو قانوني، مؤكدا «أن القرار الأول والأخير والكلمة الفصل تبقى للقضاء اللبناني في إبقاء المدعو القذافي قيد التوقيف أو إطلاق سراحه، أما تسليمه الى السلطات السورية فهو حلم لن يبصر النور».
رَدُّ الوزيرِ ريفي على اتهام المحامية الخليل اعتبرته الأخيرة طبيعيا، «فأنا من حقي أن اتهمه وهو من حقه الرد او الادعاء عليّ». وأضافت الخليل لـ «السفير» إن بيان ريفي «تضمن كلاما سياسيا يعكس فيه موقفه الشخصي من النظام السوري، أما من الناحية القانونية فإن قضية القذافي تقع تحت أحكام القانون الدولي وليس اتفاقية العام 1951 الموقعة بين لبنان وسوريا». وأوضحت أن «الاتفاقية تتحدث عن تسليم مجرمين، في حين أن القذافي محمي بالاتفاقية الدولية المتعلقة باللاجئين من الدول التي تشهد نزاعات وحروبا». ولفتت إلى أن القذافي «لديه صفة من سوريا باعتبارها الدولة الحامية، ووفقا للقوانين الدولية، فإن سوريا ملزمة بالقيام بما قامت به لاسترجاعه، لكن المفاجأة أن ريفي رد على الطلب السوري مستندا الى اتفاقية العام 1951 التي لا صلة لها بالقضية».
وأعربت الخليل عن اعتقادها بأن ريفي «ارتكب مخالفتين: الأولى، انه لم يرسل الطلب السوري الى النيابة العامة التمييزية وفقا للاتفاقية الموقعة بين البلدين والتي عليها أن تدرس الطلب وتقرر رفض الطلب أو قبوله. والثانية، انه رَدَّ مباشرة ببيان سياسي ينطوي على مزايدة طائفية وسياسية غير مبررة».
مصادر قانونية معنية اعتبرت كلام الخليل عن طعن بقرار المحقق العدلي زاهر حمادة بتوقيف القذافي تنقصه الحجة القانونية، «فالقذافي وَقَّع على محضر أقواله ومن ضمنها تأكيده بأنه لا يريد محامي دفاع عنه بعد أن انتقل من استجوابه بصفة شاهد الى مدعى عليه».

اعتصامات وقطع طرق
ما إن أُعلن خبر توقيف النائب السابق حسن يعقوب في مقر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في الأشرفية، حتى بادر عدد من أقاربه وأصدقاء العائلة للتجمع هناك، فيما سُجل نزول عدد من مؤيديه إلى شوارع عدد من البلدات البقاعية، فيما دعت عائلة يعقوب إلى اعتصام يقام الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم أمام قصر العدل في بيروت.
وقد عززت قوى الأمن الداخلي من إجراءاتها الأمنية في محيط المديرية وفي منطقة فرن الشباك. ورشحت مصادر معنية أن يتطور التحرك الى خطوات تصعيدية في حال لم يُطلق سراح يعقوب.