إذا كان الإعلان المباغت، من الرياض، عن انضمام لبنان الى تحالف اسلامي بقيادة السعودية ضد الإرهاب، قد ولّد “هزات ارتدادية” في بيروت شعر بها الرئيس تمام سلام في السرايا، إلا أن رئيس الحكومة يبدو هادئ الأعصاب في التعامل مع “المفاعيل الداخلية” التي ترتبت على المفاجأة العابرة للحدود.

وقال سلام لـ “السفير” في سياق سرده للوقائع، أن من حقه كرئيس للحكومة “أن يتخذ موقفاً مبدئياً وأولياً من الدعوة السعودية الى المشاركة في التحالف الاسلامي ضد الارهاب، ومن حق مجلس الوزراء لاحقاً أن يوافقني الرأي إذا أقنعته به، أو أن يرفضه إذا لم يقتنع، لكن حتى ذلك الحين كان لا بد من اتخاذ موقف، خصوصا ان مجلس الوزراء لا يجتمع، علما انه في حال الانتقال الى مرحلة عملانية، فستكون لها مستلزماتها الدستورية”.

وأضاف: لا أحد يستطيع ان يقيّدني ويمنعني من اتخاذ الموقف الذي أراه مناسبا وأتحمل مسؤوليته، استنادا الى موقعي وخصوصيتي، من دون ان يعني ذلك تجاوز دور الحكومة التي يعود اليها اتخاذ القرار النهائي والتطبيقي.

وتابع: لا يوجد في إطار التحالف الاسلامي ما يلزم لبنان بأي مشاركة عسكرية، ونحن أصلا ليست لدينا القدرة على خوض عمل عسكري، وهذا ما كنا قد أبلغناه للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية، إلا ان ذلك لا يمنع اننا نستطيع ضمن التحالف الجديد ان نقدم خبرات أمنية او ان نستفيد من خبرات كهذه، لاسيما ان أجهزتنا الامنية والعسكرية تخوض معركة مفتوحة ضد الارهاب. وأوضح سلام ان القيادة السعودية “اتصلت بي خلال فترة التحضير لإنشاء التحالف، وشرحت لي فلسفة هذا التحالف القائمة على اساس ان من واجب المسلمين، قبل الغرب، ان يتصدروا صفوف المواجهة ضد الارهاب، لانه يتلطى بالاسلام ويشوه صورته، وبالتالي فلا بد من تصحيح الصورة وتنقيتها”، مشيرا الى ان السعوديين أكدوا له ان هذه المواجهة ليست عسكرية فقط، بل هي ايضا فكرية، “وهم أبلغوني انهم سيستنفرون العلماء والمفكرين في العالم الاسلامي للمساهمة في تجفيف المنابع الفكرية للارهاب. فهل يصح أن أرفض دعم مثل هذه المقاربة؟”.

وأشار الى انه “ليس صحيحا ما أدلى به أحد الوزراء حول عدم جواز مشاركتنا في تحالف اسلامي لاننا لسنا دولة اسلامية ولا مسيحية”، لافتا الانتباه الى ان “لبنان عضو في منظمة المؤتمر الاسلامي ورئيس الجمهورية اللبنانية هو المسيحي الوحيد الذي يشارك في اجتماعات القمة الاسلامية”، ومشددا على انه “لا يجوز تحريك الحساسيات او الاصطياد في الماء العكر”. وحول المحاذير التي قد تترتب على مشاركة لبنان في تحالف تقوده السعودية التي تصنّف «حزب الله» منظمة ارهابية، أكد سلام “انها ليست المرة الاولى التي يحاولون فيها إحراجي مع الحزب، لكن هذه المحاولة لن تنجح كما فشلت سابقاتها، وأنا أعرف جيدا حدود الموضوع، ولا مبرر لأي لُبس على هذا الصعيد، خصوصا ان المقصود هو الارهاب الذي يمثله داعش وأخواته”.

وأضاف: “لقد سبق لي أن أكدت من الرياض، خلال احدى زياراتي اليها، ان حزب الله مكوّن أساسي في الحكومة اللبنانية ومجلس النواب. وحتى في عز الحملة التي شنها الحزب على السعودية، لم يحصل ان فاتحني المسؤولون فيها بذلك ولم يطلبوا مني شيئا، وهم يتجنبون فعل أي أمر يمكن ان يحرج لبنان”. وشدد سلام على ان “التجارب أثبتت انني لا أتنازل عن أحد في لبنان، وبالتالي فالهواجس المفترضة ليست مبررة”.ولفت الانتباه الى ان “السعودية كانت من أوائل الدول التي شعرت بالمخاطر التي تهدد لبنان نتيجة الارهاب، وهي سارعت الى مساعدة جيشه عبر الهبة العسكرية المعروفة، فأين الضير في ان نلتقي معها على التصدي لهذا الارهاب؟”.

وردا على سؤال عن سبب تكتمه على الاتصالات التي كانت تتم معه وعلى تجاوبه مع الاقتراح السعودي بانضمام لبنان الى التحالف الاسلامي، أجاب: “لقد تمنى عليَّ السعوديون عدم الكشف مسبقا عن الاستعدادات التي كانت تجري للإعلان عن إنشاء التحالف، منعا لأي تشويش عليه، وهذا الأمر انطبق ايضا على الدول الاخرى المشاركة فيه”.

توازيًا، سجّل إعتراض عوني عبّر عنه الوزير جبران باسيل مدعوماً من حزب الله إزاء الترحيب اللبناني بإعلان التحالف الإسلامي، واعتبرت مصادر حكومية لـ”اللواء” أن التحالف المعلن عنه هو ليس بمعاهدة، حتى إذا ما انضمّ لبنان إليه أو فكّر بالإنضمام إليها، يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء، أو إلى تصديق في مجلس النواب. وأشارت المصادر إلى أن موقف الرئيس سلام الذي أبلغه إلى الرياض هو من ضمن صلاحياته الطبيعية كرئيس لمجلس الوزراء، والذي فيه تأكيد لمواقف مبدئية في إطار السياسة العامة للحكومة. أما القرارات المصيرية التي يمكن أن تترتّب عن ترحيب لبنان بالتحالف الإسلامي الوليد فهي تحتاج إلى موافقة الحكومة عليها، كما تؤكد المصادر الحكومي