مرة جديدة تثبت هذه الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان اصرارها على تعطيل العمل المؤسساتي فيه خدمة لمصالحها المرتبطة بمشاريع إقليمية وذلك من خلال إغراق البلد بالمزيد من الفوضى والفساد والمماحكات السياسية.

وفيما هناك حرص دولي واقليمي على دعم آخر القلاع المؤسساتية في البلد وهي المؤسسة العسكرية كي تتمكن من القيام بواجبها في حفظ الأمن والاستقرار فيه وحماية الحدود من اعتداءات الجماعات الإرهابية. فإن بعض الأطراف الحزبية تعمد على التصويب على هذه المؤسسة محاولة الزج بها في خضم الصراعات السياسية الدائرة في البلد واخضاعها للمزايدات والخلافات المتصاعدة التي تحصل بين الافرقاء السياسيين.

وفي هذا الإطار فإن مصادر دبلوماسية معنية بدعم الجيش اللبناني ترى أن هناك لعب على حافة الهاوية يحصل في خضم التجاذب السياسي لا بل في الصراع السياسي الداخلي الذي يتسم بدرجة عالية من الخطورة على رغم التزام الافرقاء عدم تجاوز خطوط الاستقرار المرسومة حتى الآن.

 

وتبدي هذه المصادر أسفها لأن السياسيين وقعوا في المحظور لجهة إقحام الجيش في مسألتين متعاقبتين جرى حولهما تجاذب سياسي وإعلامي كبيرين.

الأولى التعيينات العسكرية التي جرى تداولها إعلاميا وسياسيا في مد وجزر خلال ما يزيد على الثلاثة أشهر على نحو مس بمعنويات الضباط وكاد يلهيهم عن مسائل أهم تقع على عاتقهم من خلال السعي إلى تسييس التعيينات الأمنية واخضاعها للمزايدات والمساومات أو للمطالب الفئوية.

أما المسألة الثانية فكانت التأخير في توفير الرواتب لأفراد الجيش اللبناني وضباطه وفرض أساليب غير معهودة من أجل تأمينها من خارج مجلس الوزراء. وهو أمر خطير قد يؤدي إلى إخضاع الجيش لمصالح السياسيين واهوائهم. وقد اضطرت قيادة الجيش إلى أخذ الأمور بيدها من أجل منع تقاذف السياسيين لموضوع رواتب عناصر المؤسسة العسكرية ومن أجل حصر المسأله وتسريع بتها وتاليا عدم تفاعلها داخل الجيش.

وفضلا عن ذلك فإن هناك محاولات للنيل من هيبة الجيش واستنزافه من خلال الزج به في ملاحقات لمجموعات خارجة على القانون بالاتجار بالمخدرات وتشكيل عصابات مسلحة وتحظى بدعم بعض الجهات الحزبية حيث تشكل لها غطاء يحميها من الملاحقات.

وعليه فإن على السياسيين وفقا لهذه المصادر الدبلوماسية المبادرة إلى حل خلافاتهم بعيدا عن المؤسسة العسكرية. سيما وأن الجيش هو المؤسسة الشرعية الوحيدة المتبقية والضامنة لاستقرار البلد والتي تقوم بواجبها والتي يقع على عاتقها حماية الحدود من أي اعتداءات خارجية.

لذا فالمطلوب في هذه المرحلة حماية المؤسسة العسكرية كأولوية بدلا من جعلها عنصرا من عناصر الصراع السياسي وهو أمر لا يبدو أن الدول المهتمة بقوة باستقرار لبنان واعتمادها على الجيش اللبناني ستتهاون في شأنه. وهناك نصائح للسياسيين لمحاولة التنافس وربما التلهي في أمور أخرى غير الجيش اللبناني لأنه بمثابة اللعب على حافة الهاوية..