حقّق حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات النيابية التركية المبكرة أمس، مفاجأة فاقت أفضل توقعات قياداته، اذ سجّل نتيجة مقنعة ستُتيح للرئيس رجب طيب أردوغان استعادة «سلطان» التفرّد بالحكم.

ونجح أردوغان في رهانه على إعادة الانتخابات، لمحو صفعة تلقاها في الانتخابات التي نُظِمت في حزيران (يونيو) الماضي وحرمت حزبه من الغالبية البرلمانية، للمرة الأولى منذ تسلّمه الحكم عام 2002.

وغيّر الناخبون توجهاتهم في شكل مفاجئ، مرجّحين الاستقرار الذي اعتادوا عليه خلال حقبة الحزب الواحد، على رغم اتهامات وجّهتها المعارضة للحكومة والرئيس، باستغلال هذا الوضع لتأسيس «ديكتاتورية».

وبدا واضحاً أن الناخب قرر معاقبة «المتطرفين» سياسياً، وعلى رأسهم حزب «الحركة القومية» الذي خسر نحو نصف أصواته، بعد رفضه تشكيل حكومة ائتلافية مع المعارضة، وامتناعه عن التعاون مع المعارضة في انتخاب رئيس للبرلمان، وتعاونه آنذاك مع «العدالة والتنمية».

وحافظ «حزب الشعب الجمهوري» اليساري العلماني على أصواته، فيما تراجعت أصوات «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، متأثراً بأسوأ موجة عنف تشهدها تركيا منذ سنوات، بعد «حرب» متجددة بين القوات الحكومية و «حزب العمال الكردستاني» أوقعت مئات القتلى، وهجومين انتحاريَّين استهدفا ناشطين أكراداً وأسفرا عن 130 قتيلاً.

وبعد فرز 88 في المئة من الأصوات مساء أمس، نال «العدالة والتنمية» 49.5 في المئة، في مقابل 22 في المئة لـ «حزب الشعب الجمهوري» و11 في المئة لحزب «الحركة القومية»، فيما يُرجّح أن يحصل «حزب الشعوب الديموقراطي» على 10.5 في المئة، وهذه نتيجة ستتيح له دخول البرلمان، لكنها أدنى بنحو ثلاث نقاط من النتيجة التي حققها في انتخابات 7 حزيران.

وتفتح هذه النتائج الباب على تساؤلات كثيرة حول مستقبل العلاقة بين أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، زعيم «العدالة والتنمية». فالأخير سيعتبر هذا الإنجاز نصراً لزعامته وتعويضاً عن خسارة اقتراع حزيران، وانطلاقة متعثرة لحكمه، فيما سيرى الرئيس التركي أنه صاحب الرأي الصائب في الامتناع عن الاستسلام مبكراً لتشكيل حكومة ائتلافية، والاحتكام إلى انتخابات جديدة، في ظروف سياسية مختلفة أوجدتها «الحرب» على «الكردستاني» والهجمات الانتحارية التي تبنّاها تنظيم «داعش».

ويتوقع بعضهم ان يشهد حزب «الحركة القومية» بزعامة دولت بهشلي نقاشات ساخنة بعد هزيمته الكبرى، مع احتمال انقسامه أو استقالة زعيمه.

وإذا تكرّس الفوز المريح لـ «العدالة والتنمية»، ستعود تركيا إلى السياسة الخارجية التي انتهجتها قبل انتخابات حزيران، خصوصاً في ما يتعلق بالحرب السورية، ومواصلة دعمها التيارات الإسلامية في الشرق الأوسط.

ورجّح قيادي في «حزب الشعب الجمهوري» ألا يُشكَّل ائتلاف حكومي بعد الانتخابات، فيما أعرب قيادي في «حزب الشعوب الديموقراطي» عن «خيبة» من نتيجة الاقتراع. لكنه أبدى ثقته بتجاوز نسبة 10 في المئة من الأصوات والتي تتيح للحزب دخول البرلمان.

وأطلقت قوات الأمن غازاً مسيلاً للدموع لتفريق متظاهرين أكراد في مدينة دياربكر جنوب شرقي تركيا، احتجوا على نتائج الانتخابات.