رحل قبل أيام قليل بعد معاناة مع المرض السيد علي  الحسيني وهومناضل سياسي وإعلامي وإسلامي منذ أكثر من أربعين سنة ، بدأ نشاطه الإسلامي في أجواء حركة المحرومين وتتلمذ على يد الإمام موسى الصدر وتولى موقع رئيس المكتب التربوي في الحركة لفترة طويلة وكان من الطلاب الناشطين في الجامعة الاميركية في أواخر السبعينات واوائل الثمانينات وعرف عنه الجدية والنشاط والعلاقة الرائعة مع الإدارة والأساتذة والطلاب بحيث قدم صورة رائعة عن الإنسان المتدين والملتزم .

ولكن بعد بروز التباينات داخل الحركة في مرحلة ما بعد الإجتياح الإسرائيلي للبنان انتقل للعمل في إطار المقاومة المؤمنة مع ثلة من المجاهدين والمقاومين واستمر في عمله لفترة طويلاً مناضلاً ومقاوما ً، لكن بعد حل المقاومة المؤمنة عاد للعمل السياسي والتنظيمي في حركة امل حيث تولى عدة مواقع سياسية وتنظيمية لكنه لم يجد انه قادر على الاستمرار في هذه المسؤولية لانه كان لديه ملاحظات عديدة على الاداء السياسي والتنظيمي، ففضل الابتعاد عن العمل السياسي المباشر والتوجه للعمل الاعلامي في تلفزيون العالم كمشرف على البرامج السياسية مع استمرار عمله في الشأن العام في اطار مدينته الهرمل وفي بعض المواقع الثقافية والعملية وكان من ضمن مجموعة من الكوادر السابقين في الحركة التي كانت تلتقي وتتابع قضية الامام موسى الصدر وخطه وكذلك حمل فكر الامام الخميني والثورة الاسلامية وكان منفتحا على القوى السياسية الاخرى.

هذا النموذج من المناضلين الحقيقيين والبعيدين عن المصالح الذاتية والانانية والحريصين على تقديم الفكر الاسلامي والايماني بصفاء ومحبة ، لم يجد بعد رحيله اية جهة تتبنى قضيته ونعيه وتتولى الاهتمام بالاعلان عن تشييعه والحديث عن مآثره .

وقد شارك في تشييعه ثلة من رفاق دربه مع ابناء بلدته وبعض القياديين الحزبيين الحاليين او السابقين  من حركة امل وحزب الله، لكننا لم نقرأ خبر التشييع في وسائل الاعلام ولم يتم ارسال برقيات التعازي ولم تتوافد الوفود السياسية والشعبية الكبيرة لتقديم العزاء .

ولم يصدر خبر نعيه عن اية جهة سياسية او حزبية باستثناء خبر النعي من ضمن اخبار الوفيات وباستثناء نص عن مآثر الفقيد كتبه منسق تجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور، ولا ادري اذا صدرت مواقف او بيانات من حزب الله او حركة امل او الاطراف والقوى والجهات التي عمل معها او من ضمنها الفقيد الراحل.وان كانت رفعت بعض اللافتات في مدينة الهرمل تعزي بالفقيد وتنعيه من قبل شخصيات وجهات مدنية وعائلية وحزبية.

كل ذلك يؤكد ان هذا النموذج من المناضلين والمجاهدين والسياسيين من غير المرغوب بهم في الوسط السياسي والثقافي والاسلامي وان كان هؤلاء ينالون نصيبهم من حب الناس ورضا الله عز وجل ورحمة الله وجزائه في الاخرة.

هذه الكلمات لا تهدف الى الاساءة لاحد او من اجل ان يكرّم الفقيد الراحل السيد علي الحسيني وهو يستحق الكثير الكثير من الحب والتكريم ، ولكن الهدف من هذه الاشارة الحديث عن المعايير والاسس التي يتم على هذا اساسها الاهتمام بالمناضلين والمجاهدين، فاذا كنت حزبيا او منظما او تتبع جهة معينة او تملك الجاه والمال والمواقع فانت تستحق التكريم ، واما اذا كنت مناضلا صادقا ومخلصا فمصيرك للاسف النسيان والتجاهل ، لكن يجب التأكيد ان امثال هؤلاء لا ينتهون بل سيبقى عملهم ومآثرهم حاضرة في الدنيا والاخرة: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.