هل تتحمل مسؤولية الاجرام كاملاً تلك العصابة التي يطلق عليها اسم { داعش } دون غيرها ؟!! أم أن للبيئة التي أدت لنشوء هذا التيار و ترعرعه في أحضانها خلال المرحلة الجنينية مسؤولية أيضاً ؟!    

        فمما لا شك فيه أنه تلاقحت جملة معطيات و أدت لإنتاج مولودٍ أطلق عليه اسم { داعش } ...

و لا يخفى على مدقق أن معظم أخصام داعش أسوأ من داعش , لأن كثيرين يتحدثون صبح مساء عن مساوئ داعش و ضرورة القضاء على هذا التيار , و في نفس الوقت يصب حراكهم و عملهم في خانة تقوية هذا التيار , و ايجاد المبررات لاستمراره و بقائه على قيد الحياة فاعلاً و مؤثراً !!

  - داعش : تستمد قوة من كل ساستنا الذين يحتكرون المناصب السياسية , و يستثمرونها في مآربهم الخاصة .  

- داعش : تنمو في المناطق التي يوجد فيها أنظمة دكتاتورية , فطبيعة الاستبداد تنتج ظواهر كداعش .  

- داعش : تتضاعف شرعيتها مع زج الدين بالدولة , و تالياً فتصبح طرفاً من الاطراف التي تنادي بالحكم باسم الله .  

- داعش : تتصاعد مع كل تدخل خارجي في منطقتنا , و مع كل عمالة من أبناء وطننا مع القوى الخارجية .  

- داعش : آخذة باتساع رقعة انتشارها مع ازدياد السطحيين و المتخلفين من رجال الدين في أمتنا الاسلامية .  

                 { الحرب الحقيقية على داعش }     

    لا أتصور أن مدمرات الغرب و سلاح العرب قادران على القضاء على داعش , داعش لا تموت بصاروخ , و لا بأسلحة مادية , لأن داعش تيار ديني , ينطلق من مفاهيم و معتقدات , لذا تكون الحرب عليه من نوع آخر .

    و من الاشكال التي يتم القضاء بها على داعش :

  1 - اعتماد الأنظمة المدنية : تطالب داعش بإعادة الخلافة الاسلامية و عليه فالحرب عليها تبدأ من السعي لتأسيس أنظمة مدنية , تفصل بين الدين و الدولة , و تحافظ على الدين في إطاره الطبيعي , كونه علاقة شخصية مع الخالق ... و هذا رد عملي على الفكر الاجرامي الداعشي الساعي للمتاجرة باسم الدين و الله .  

2 - التجديد الفقهي : كما أن المساعي الحميدة في مجال التجديد الفقهي و الديني هي أبلغ رد على ذلك التيار الذي يسمم عقول المؤمنين بنصوص تعود لأكثر من 1400 عاماً , و تصلح لذلك الزمان و المكان ... فالتيار الداعشي ينمو في ظل انتشار الثقافة الدينية التقليدية التي تقف عند حرفية النصوص .  

3 - إلغاء الدكتاتوريات : إن الانظمة الدكتاتورية المنتشرة في بلاد العرب هي إحدى المسببات لولادة داعش , و عليه فإن القضاء على هذه الانظمة يمثل حرباً مباشرة و فاعلة على الارهاب الآخذ بالانتشار و التوسع .  

و أخيراً ليت كل منا يقوم بواجباته للقضاء على التخلف و الجهل المنتشر في بلادنا , و لمحاربة الاحتكار و التسلط المعمول بهما في أنظمتنا و أحزابنا , و لعصرنة الدين و محاولة فهمه بطريقة واعية و موضوعية ..., و حينها نكون نخوض حرباً حقيقية على داعش و أضرابها , و عندها لن نكون أسوأ من داعش !!  

 

 

(بقلم الشيخ محمد علي الحاج العاملي مدير عام حوزة الامام السجاد العلمية)