ذكرت أخبار صحافية خلال الأيام القليلة الماضية عن أنّ الرئيس السوري بشار الأسد تولى شخصياً الإتصال برئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ليبلغه أن سوريا تدعم خياراته /لكن المطلوب منك الصمود فقط حتى نهاية هذه السنة وعندها ستكون أمور المنطقة وسوريا ولبنان قد بدأت تتبلور /.

وهذا الخبر الذي لم تبادر أيّ جهة إلى نفيه يأتي متوافقاً مع كلام سمعه عون من حليفه حزب الله في الآونة الأخيرة أكثر من مرة ويشير إلى أنه ما كان مستحيلاً قبل سنة ونيف صار ممكناً الآن وهو الأمر الذي عبرت عنه مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالقول / نحن على عتبة مسار سوري جديد /.

فالعماد عون يراهن على تطورات إقليمية ودولية قد تساعد النظام السوري على تحقيق تقدم ضد المعارضة السورية مما يجعله في موقع المنتصر الذي يمكنه من فرض شروطه ، الأمر الذي يرى فيه عون أملا في إمكانية مساعدته على إزالة العراقيل التي تحول دون انتخابه رئيساً للجمهورية.

إلاّ أنّ هذا الأمل الذي يراهن عليه عون لا يبدو أنه أكثر من وهم ولا يقارب الحقائق الميدانية في شيء مع استحالة إمكانية الانتصار لفريق على الفريق الآخر في سوريا. وبالتالي فإن الأمور ستذهب في نهاية المطاف نحو تسوية سعودية ايرانية وهذا خطأ عون أنه دخل على خط الرهان على انتصار طرف على الطرف الآخر ، فيما كان الأولى به أن يبقى على مسافة واحدة من كافة الأطراف .

وإذا كان من حق عون الرهان على التطورات والتحولات الإقليمية والدولية التي يتوهم أنها قد تفتح أمامه طريق بعبدا ، لكن لا يحق له تعطيل المؤسسات وخصوصاً رئاسة الجمهورية لأنّه بذلك يدخل البلد في فوضى دستورية قد تستجلب فوضى أمنية ، فضلاً عن أنّ كل الحجج التي عزاها عون لتعطيل نصاب جلسات مجلس النواب لانتخاب الرئيس سقطت مع كلام الرئيس الأسد وحزب الله . والسبب هو الرهان على التطورات الخارجية .

وهذا يؤكد على أنّ المعطل الأساسي لإنتخاب الرئيس هو محور الممانعة الذي يتلطى بالإصرار على ترشيح العماد عون فيما هو في الحقيقة يريد حرقه وإبقاء الرئاسة في لبنان معلقة بغية ربطها مع الرئاسة السورية .

وفي كلمته بمناسبة 13 تشرين أول أكد عون أن الوقت يعمل لمصلحته خلافاً لمّا يروج أخصامه ، إلاّ أنّ خطابه كان خالياً من أيّ مضمون سياسي يتصل بموقفه من الحكومة والحوار ، وهذا يشير إلى أنّه لا زال واقفاً في خانة انتظار تسوية الربع الساعة الأخيرة قبل الذهاب إلى خطوات مواجهة عملية .

والأولى بالعماد عون أن يعيد حساباته وأولوياته للحد من خسائره السياسية ، وأيّ رهان على الدور الروسي في سوريا لقلب الطاولة في لبنان هو رهان خاسر ووهم وانتحار، لأن حسابات موسكو تختلف عن حسابات طهران وحلفائها ، وهي لن تعادي العالم لتحقيق رغبات إيران بل ستأخذ في الاعتبار مصالح كل اللاعبين وفي طليعتهم السعودية كما أخذت في الاعتبار المصلحة الإسرائيلية خصوصاً مع الاستحالة عن تحقيق انتصار روسي يعتد به في سوريا.....