إنّ ما يتردد من تحديد بعض القيادات لمواصفات رئيس الجمهورية ، خطير جداً ، فهذا المنصب الجامع لكل لبنان يخضع بالدرجة الأولى والثانية و .... العاشرة ، لمعايير وطنية لبنانية بحتة يحددها الدستور وليس الأحزاب ..

منذ اتفاق الطائف ويتعرض منصب الرئاسة للعديد من السرقات واستنزاف الصلاحيات ، و أبرزها التمديد والتعديلات التي طالت قوانين انتخاب الرئيس ، واليوم ومن بعد ما تمّ التحرش بالدستورية وببعبدا مرات عديدة في التاريخ اللبناني ، نجد طرحاً حزبياً بإمتياز قد ولد على الساحة ألا وهو "مواصفات موظف الرئاسة" !

 

وقبل التوقف عند سخافة هذا الطرح لا بد من توضيح نقطتين :

النقطة الأولى ، أنّ رئيس الجمهورية ينتخب نسبة لشروط محددة دستورية وليس "لمواصفات" استهلاكية !

النقطة الثانية ، وإن أخذنا جدلاً أنّ المرحلة اللبنانية الراهنة تتطلب رئيساً بمهارات اسثنائية ، فالطبقة السياسية الفاسدة والتي تسعى لمصالحها الشخصية هي آخر من تحدد المضامين ومن تطرح الشروط المستجدة .

وإلا إن قبلنا بهذا التعدي الحزبي للرئاسة ، لتحوّل رئيس بعبدا من رئيس جمهورية إلى رئيس حزب معين وإلى طرف لبناني مسيس !

 

إذاً ، من هنا تظهر بوادر الحوار والطاولة الخشبية ، ففي حين لم تستطع الطبقة اللاشرعية انتخاب رئيس لأكثر من عام ونصف ، نراها تسعى لشراء "رئيس سلعوي" ، فما يتم تداوله حول الطاولة من مواصفات لساكن بعبدا يسخّف المنصب ويدعه في بزار الأخذ والرد والبيع والشراء !

حتى يكاد أحد الأطراف المتحلقين حولها يقول "بدي رئيس قوي " ، ليجيبه الآخر "مشيها نص عنص " ، أو لربما طالب أحدهم برئيس "شبوبية" ليرد عليه صديقه " بس يا خيي الشيبة هيبة" !

 

هذه السخرية التي نالت من بعبدا ، لا تستهدف منصب رئاسة الجمهورية وإنما تنتقد ما أطلقته سلطتنا من موضة "معيبة" ليصبح رئيس الجمهورية بضاعة في الأسواق يتم جلبها نظراً لقائمة هم يحددون مقاييس خصرها وطولها ، بل ويا ليتهم بعد هذا الاستخفاف قد اتفقوا عليها ...

 

فحتى مزاد الصفات قد فشل و لم يستطع أن يستحصل إجماع أطماعهم ، ليقرر بري أخيراً أن يستخلص القواسم المشتركة من مواصفات الرئيس ، وكأن رئيس جمهورية لبنان أصبح "بيعة آخر موسم"