أجرى موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي تحليلاً استند فيه إلى ما نُشر على مواقع الكترونية عدة، ليخلص إلى أن "خطوة روسيا الكبرى" في منطقة الشرق الأوسط تتعدى سوريا، إذ تشمل العراق وخدمة مصالحها المختلفة، ومنها السياسية والاقتصادية والعسكرية.

 

وبدأ الموقع بنشر ما نقلته شبكة "فوكس نيوز" عن مصادر استخباراتية غربية بأن مستشارين عسكريين روس، وسوريين وإيرانيين أنشأوا خلية تنسيق في العاصمة العراقية بغداد، لمساندة الميليشيات الشيعية المدعومة إيرانياً، في قتالها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية - داعش" في شمال العراق.

وتأتي هذه الخطوة فيما تعزز روسيا وجودها العسكري في سوريا، وتطرح التساؤلات بشأن الدور، إن وجد، الذي ينوي الرئيس فلاديمير بوتين أن يؤديه في العراق.

واعتبرت مجموعة الشرق الاستشارية أنّه يمكن أن تنطبق حجة موسكو، بأنّها توفّر الدعم لمحاربة الارهاب، في ما يختص بتدخلها في سوريا على العراق أيضاً، موضحةً، أنّ بغداد قد "تدعو" الروس أيضاً إلى قتال "داعش" على أراضيها، عندها يمكن لروسيا التعبير عن الحاجة إلى ائتلاف أكبر لمحاربة ما يرونه تهديداً للأمن القومي.

وذكر الموقع أنّ هذا كلّه بدأ في أيار الماضي عندما التقى بوتين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لمناقشة مسالة نقل الأسلحة وتشارك المعلومات الاستخباراتية، بغية وضع حدّ لوجود "داعش" في العراق ووقف تقدمه باتجاه بغداد.

ولفت "بيزنس إنسايدر" إلى أنّ قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، التقى مع الميليشيات الشيعية في بغداد في خلال الأسبوع الماضي. وفي هذا الصدد، نُقل عن الباحث في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" طوني بدران، قوله إن التنسيق بين روسيا وإيران في العراق "حساس جداً".

وأضاف بدران: "ينبغي للروس أن يعملوا مع إيران داخل العراق بهدف استخدام المجال الجوي العراقي لنقل الأسلحة وتزويد الطائرات بالوقود في طريقها إلى سوريا".

وعاد الموقع لنقل ما قاله مسؤول أميركي لصحيفة "وول ستريت جورنال" عن أنّ تعزيز الوجود الروسي في غرب سوريا، يأتي بالتنسيق مع الإيرانيين، فقد أشارت تقارير إلى أنّ الروس يستخدمون حالياً قاعدة جوية في همدان في إيران، بغية تزويد طائرات الشحن والمقاتلات بالوقود في طريقها إلى سوريا.

واعتبر أنه إذا كان هدف روسيا الأساسي في سوريا إقامة موطئ قدم تفرض منه سيطرتها على المنطقة، وتتحدى النفوذ الأميركي، فمن غير المستبعد أن "يجس بوتين النبض" في العراق أيضاً.

ونقل عن كليف كوبشان، الخبير في شؤون روسيا وإيران في مجموعة "أوراسيا"، قوله إن بوتين "يقدم على خطوة، وينظر من حوله، ثم يقوم بأخرى، فهو تكتيكي التفكير، أكثر من كونه استراتيجياً".

لكنه لفت إلى إنه بالرغم من هذا الواقع، قد تكون العراق خارج مجال طموح روسيا، ورأى أنّ التنسيق بين روسيا وإيران ممكن، إلاّ أنّ وجود خلية تنسيق عسكري يبدو مبالغاً فيه.

وتابع كوبشان قائلاً: "قد يكون هذا موضوعًا جيداً للنقاش، لا سيّما عندما لا تريد روسيا الحديث عن أوكرانيا".

واعتبر أن دفع بوتين نفسه ليكون في واجهة "ائتلاف مناهض لداعش"، وتشتيت الانتباه عن أوكرانيا، أجبر الولايات المتحدة الأميركية على تقبل، بل ربما احتضان، دور روسيا في النزاع.

ورأى الموقع أن روسيا تأمل أن يقنع تقديمها لنفسها كمقاتلة شرسة لـ"داعش" في المنطقة، الغرب بتخفيف العقوبات المفروضة عليها على خلفية ما حصل في أوكرانيا.

هذا وكتب ياروسلاف ترفيموف في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية: "يكمن سعي انتهازي لتحقيق مصالح وطنية في قلب الاستراتيجية التي تعتمدها روسيا في الشرق الأوسط".

وأضاف تروفيموف: "يأتي إنعاش الاقتصاد الروسي، الذي يعتمد على صادرات الطاقة، والمتضرر بسبب أسعار النفط المتدنية والعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب بعد الهجوم على أوكرانيا في السنة الماضية، على رأس هذه المصالح".

وخلص الموقع إلى أنّ عَمَلَ بوتين على التواجد عسكرياً في العراق، بالإضافة إلى المدى الذي سيبلغه في خطوته هذه غير واضح، لكنه إذا تم، يُرجح أن يخدم إحدى مصالح روسيا الرئيسية على الأقل: تقويض الولايات المتحدة الأميركية.

وختم بنشر ما كتبه كل من إيريك نيلس كروس ومولي ماكيو في موقع "بوليتيكو" هذا الأسبوع: "غالباً ما يناقش المحللون ما إذا كان الكرملين استراتيجياً أو تكتيكياً في مقاربته الخاصة بالسياسة الخارجية، إلاّ أنّ الجواب على هذا السؤال ليس مهماً. فلا تحتاج موسكو إلى خطة رئيسية عندما يسيّر هدف استراتيجي واضح عملية اتخاذ القرار فيها: جعل الولايات المتحدة الأميركية العدو، وجعلهم يبدون ضعفاء".

 

لبنان 24