ما جرى داخل التيار الوطني الحر من خلال إلغاء الإنتخابات وتعيين جبران باسيل رئيساً وما يقوم به التيار من تحركات سياسية أدّت وتؤدي لتعطيل الحكومة ، كل ذلك يتطلب وقفة نقدية لأداء التيار وحول مواقفه وبشأن مستقبله .

فقد  قدّم التيار الوطني الحر نفسه كحزب إصلاحي تجديدي وديمقراطي وأنه سيكون البديل عن القوى المسيحية التقليدية وكذلك أنه سيكون حزباً لبنانياً اصلاحياً وتغييرياً وعابراً للطوائف وعاملاً من أجل اصلاح النظام السياسي في لبنان.

لكن للأسف ها هي التطورات الداخلية في التيار بعد الاتفاق الأخير على إلغاء الإنتخابات وانسحاب النائب آلان عون لصالح الوزير جبران باسيل كي يتولى رئاسة التيار بعد تقاعد العماد ميشال عون، وإعطاء الصلاحيات للعماد عون كي يعين نائبين للرئيس وغير ذلك من الصلاحيات ، كل ذلك يؤكد أنّ التيار تحول أيضاً إلى ما يشبه المملكة العائلية لصالح العماد عون وأصهرته، وتمّ تصفية مشروع التحول إلى مؤسسة حزبية ديمقراطية، ومع أنّ بعض قياديي التيار المعارضين لهذه التسوية برروا القبول بها لمصالح حزبية وحرصاً على وحدة التيار ونظراً للظروف الإستثنائية، فإنّ كل ذلك لا يبرر ما جرى وهو يؤكد غياب المنافسة الحزبية الداخلية وينهي الأمل بتحوّل التيار إلى مؤسسة حزبية مستقبلية ويضع التيار مستقبلاً أمام تحديات عديدة وخطيرة.

اما بشأن المعركة السياسية والشعبية التي يخوضها التيار اليوم حول أداء الحكومة والإصلاح السياسي وتحت عنوان حماية الدستور، فإنّ هذه المعركة تحولت الى معركة طائفية ومذهبية وتركزت على حماية الوجود المسيحي وعن دور المسيحيين وحقوقهم.

 وبالإضافة للنغمة الطائفية والمذهبية، فإنّ الإصرار على تعطيل العمل الحكومي ومجلس النواب ، كل ذلك يؤدي إلى تعطيل مصالح المواطنين ولا يغير في الواقع السياسي أي شيء، ولذا فإن الإستمرار بالتعطيل لم يعد مفيداً ولا بد من مراجعة الأداء السياسي في هذا المجال.

وتبقى النقطة الثالثة وهي الأكثر أهمية فهي مسألة ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة وهو له الحق الكامل في ذلك ، لكن مع تعذر انتخابه والإستمرار في تعطيل الإنتخابات الرئاسية، ألا يستدعي ذلك إعادة البحث في آليات الحوار السياسي وكيفية الخروج من المأزق القائم والبحث عن تسوية سياسية تنقذ البلاد من المأزق وتؤدي لإنتخاب رئيس جديد ضمن حزمة إصلاحية متكاملة، وهذه ليست مسؤولية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر وحده بل هي مسؤولية كل القوى السياسية والحزبية وخصوصاً حزب الله وتيار المستقبل وحركة أمل وبقية القوى السياسية والحزبية، لكن إعلان العماد عون عن الإستعداد لسحب ترشيحه للرئاسة مقابل اتفاق شامل حول كل القضايا قد يفتح الأبواب أمام تسويات سياسية جديدة.

فليذهب التيار الوطني الحر وزعيمه الحالي العماد ميشال عون ورئيسه المستقبلي الوزير جبران باسيل إلى مراجعة شاملة ووقفة نقدية عسى أن يفتحوا الباب أمام معالجة جذرية للأزمة السياسية في البلاد.