لم يعد خافيا أنّ حزب الله مُنِيَ بخسائر جسيمة بسبب انخراطه في الحرب السورية إلى جانب قوات النظام التي تخوض حروباً شرسة ضد المعارضات السورية على اختلاف ايديولوجياتها والتي اشتعلت في البداية ضد الشعب السوري الذي طالب بإصلاح النظام .

وخسائر حزب الله تتزايد يوماً بعد يوم وخصوصاً الخسائر البشرية بسبب دفع المزيد من المقاتلين إلى الميدان السوري وذلك لتلبية الحاجات المتنامية في مختلف الجبهات القتالية التي فتحها عبر تحالفه مع النظام .

وكان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أعلن خلال خطابه يوم 24 أيار الماضي أنّ قواته موجودة في سائر أنحاء سوريا وستستمر في الوجود والإنتشار وستعزز بالمزيد .

إلا أنّ الخسارة الأكبر التي مُنِيَ بها حزب الله منذ بداية إنطلاقة الثورة السورية في آذار 2011 تتمثل في فقدانه تأييد الشعوب العربية والإسلامية التي اكتسبها خلال حروبه مع إسرائيل والتي تمحورت حول قضية تحرير الجنوب اللبناني .

وقد استطاع الحزب خلال خوض المعارك ضد القوات الإسرائيلية التي كانت متمركزة في المواقع التي احتلتها خلال اجتياحها للجنوب اللبناني .

ومن خلال الهالة الإعلامية التي أحيطت بهذه المعارك والتي كانت تلقي الضوء على الأعمال البطولية التي كان يقوم بها مجاهدو المقاومة الإسلامية ، إلى جانب الخطاب التعبوي والعاطفي أن يكسب قلوب الكثير من أبناء الشعوب العربية والإسلامية وحتى قارب كسب عقول النخب المثقفة في تلك المجتمعات رغم إدراك هذه الأخيرة أنّ موضوع حزب الله يدخل في إطار حسابات الإستراتيجية الإيرانية .

وبلغ التأييد الشعبي لحزب الله حده بحيث أنّ صور السيد حسن نصرالله رفعت في شوارع العديد من العواصم العربية.

غير أنّ الحزب لم يتمكن من الحفاظ على هذا المستوى من التأييد نتيجة ارتباطه بالإستراتيجية الإيرانية التي فرضت عليه الدخول في تحالف مع النظام السوري الذي يخوض حرباً شرسة ضد شعبه .  

وكان الحزب قد بدأ يفقد شعبيته في الشارعين العربي والإسلامي عندما بدأ بانتهاج سياسة الإفتراق عن فريق لبناني يقارب تعداده أكثر من نصف الشعب ، إثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وإغتيال العديد من القيادات السياسية والرموز الثقافية والإعلامية الوطنية اللبنانية .

ثم إجتياح الحزب للعاصمة اللبنانية بيروت والجبل في السابع من أيار عام 2008  ليؤكد دخوله مرحلة الإلتزام الصارم والحاسم بالإستراتيجية الإيرانية التي أوجدته وحددت  له المسار .

فحزب الله ونتيجة التزامه تنفيذ السياسة الإيرانية فقد الكثير من تأييد وتعاطف الشعوب العربية والإسلامية وتكبّد الكثير من الخسائر وسيتكبد المزيد منها إذا ما استمر في سياسته الراهنة التي حوّلته إلى مجرد قوة عسكرية تفتقر إلى مشروع سياسي ،  يُطمئن اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم بمن فيهم أبناء الطائفة الشيعية نفسها الذين يشعرون بأنهم أُقحموا في معركة لا تخصهم  ، وهم يعلمون بأخطار اللعبة السياسية ، وبإمكانية أن تتخلى إيران عن حزبها اللبناني ومقاومته بعد أن تكون قد حققت المرجو من إستثمار دور الحزب في لبنان والمنطقة .