إذا غزا وإجتاح كافر حربي بلداً من بلاد المسلمين ولم يكن يستهدف باجتياحه وغزوه معتقداتهم وشعائرهم الدينية ، وإّنما كان يستهدف السيطرة على السلطة السياسية أو الهيمنة على قرارها السياسي لكي يتحكم بأسعار ثرواتها الطبيعية ولكي يجعل سوقها الاستهلاكية سوقاً  لمنتوجاته وفي الوقت ذاته كان المسلمون في هذا البلد المُعتدى عليه يعيشون في ظل سلطة سياسية ظالمة أو حاكم سياسي جائر مستبد لا يحكم بالعدل ومنتهكاً حقوق الإنسان الواضحة لدى عقلاء الأمم والشعوب كافة ومستأثراً بالدولة وثرواتها لصالح أسرته وفريقه المعاون له ومحتكراً السلطة له ولذريته في مثل هذه الحالة يُصبح الجهاد والتضحية في وجه الكافر الغازي ليس إلاَّ تفريطا بالأرواح وتبذيراً بالدماء وإتلافاً للأموال وتدميرًا لمقومات المجتمع ..

لماذا ؟

لأنه ينطبق على هذا الجهاد العنوان التالي : إنه جهاد ضد حاكم ظالم غاز كافر دفاعاً عن حاكم مسلم جائر ظالم مثله غاصباً للسلطة مثله وذلك جهاد وتضحية بأغلى ما في الوجود وهي الروح من أجل غاية رخيصة سفيهة وتلك تضحية السفهاء ؟

من هو الفقيه الذي تجرأ أن يقول هذا الكلام الفقهي وهذه الفتوى ؟

إنّه الفقيه الشهير بالجواهري الذي يعتبر من أبرز فقهاء الشيعة في القرن العشرين والذي أشاد بفقهه الإمام الخميني (رض) بقوله لم يذق طعم الفقه من لم يقرأ فقه الجواهري ، وهذا نص الجواهري حرفياً : " نعم قد يُمْنَع وجوب الجهاد  بل قد يُقَال بحرمته ضد الكفار الغزاة لو أرادوا تملك بعض بلاد الإسلام أو جميعها لممارسطة السلطة عليها مع بقاء المسلمين على إقامة شعائر الإسلام من دون أن يتعرضوا لهم بوجه من الوجوه كما في هذه الأزمنة وإن حرمة الجهاد في هذه الحال ناشئة من حرمة التغرير بالنفس حيث إن الجهاد في هذه الحال هو في الحقيقة إعانة لدولة الباطل على مثلها " .

إنتهى كلامه رضوان الله عليه ، وقد ذهب جملة من الفقهاء مذهب الجواهري في هذه المسألة الحساسة والخطيرة لأن الجهاد حسب اجتهادهم متوقف على شروط  وإن ابرز شرط فيه ، هو أن تكون الدولة التي يجب الدفاع عنها يحكمها رجال حق وعدل وقسط ورحمة ودين لا رجال ظلم وباطل واستبداد وشدة وقساوة وغلظة ، والشرط الآخر أن يكون الغازي مستهدفاً عقائد الإسلام وشرائعه يريد إخراج الناس من ديانة الإسلام إلى ديانة أخرى ، لا أن يكون هدفه التحكم بأسعار الطاقة والثروات الطبيعية عندهم واستغلال أسواقهم الإستهلاكية والإستثمار فيها كما هو حال الكفار في عصرنا .

فخلاصة القول إنّ وجود السلطة الشرعية العادلة المنتخبة بحرية من الشعب شرط لوجوب الدفاع عنها في وجه أي غازٍ وطامع بالسيطرة عليها وفي غير هذه الحال فلتذهب السلطة غير الشرعية وغير العادلة إلى الجحيم هي والطامع بها سواء مسلماً ظالماً أو كافراً جائراً ، وسلط الله الظالمين على الظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين .