لقاء رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في الرابية لم يكن مفاجئاً ، فقد تمَ الحديث كثيراً عن مثل هذا اللقاء .

لكنَ المفاجأة كانت في التوقيت الذي تزامن مع الجولة التي يقوم بها الموفد البابوي الكاردينال دومنيك مو مبرتي في محاولة لإعادة تحريك الملف الرئاسي .

وإذا كان من غير الطبيعي تحميل هذا اللقاء أكثر ممّ يحتمل لجهة أنه يشكل مناسبة لحلحلة الكثير من الملفات الخلافية بين الرجلين وفي مقدمتها إنهاء الشغور الرئاسي .

إلا أنّه لا يجب التقليل من إيجابياته بحيث أنّه يحمل رسائل في عدة إتجاهات .

 

فهو أولاً رسالة إلى المسيحيين اللبنانيين بأنّ وحدة الصف المسيحي التي كانت عبر التاريخ مطلباً مسيحياً بدأت بالتحقق على أرض الواقع ، ذلك أنّ مجرد الحوار شكل ارتياحاً لدى المسيحيين فإنّ هذا اللقاء وما قد ينتج عنه من إيجابيات تخدم التضامن المسيحي سيبعث الكثير من الإطمئنان في النفوس .

وكذلك فهو رسالة إلى الشركاء في الوطن ، عن الخيارات الوطنية ، أنّها لا تعني إطلاقاً التفريط بالبعد الميثاقي المتمثل بالشراكة المسيحية - الإسلامية وحسن التمثيل المسيحي .

وأيضاً فهو يحمل رسالة على جانب من الأهمية إلى المسيحيين في المشرق تفيد بأنّ الوجود المسيحي في لبنان سيبقى الركيزة والمنطلق لإعادة انتشار المسيحية في الشرق العربي والتي تراجعت إلى حد الإنكفاء وتقلصت بسبب التطورات العسكرية والأمنية التي إجتاحت المشرق العربي في السنوات الأخيرة .

وفي السياق ذاته تحميل الموفد البابوي إنطباعات إيجابية إلى الفاتيكان ، بأنّ لا شرذمة مسيحية في لبنان.

وبنهاية اللقاء تولى الطرفان ( عون - جعجع  ) التوقيع على الوثيقة أو ما إصطلح على تسميته بـ إعلان النوايا الذي تلاه النائب إبراهيم كنعان ورئيس جهاز الإعلام في القوات ملحم رياشي اللذين باركا لجميع المسيحيين واللبنانيين هذه الخطوة .

لا شكّ أنّ اللقاء حدث إيجابي في الساحة المسيحية ، رغم أنّ المسائل الخلافية لا زالت عالقة ويلزمها رحلات طويلة من الحوار الجدي وهذا بدا واضحاً في كلام العماد عون حين إعتبر أنّ الأمور الجدية لن يكشف عنها اليوم مطمئناً إلى أنها ستبقى في القفص الذهبي إلى أن يحين موعد تحريرها ، على أنه لا بد من الإشارة إلى أنّ إعلان النوايا المشترك المؤلف من ستة عشر بنداً  صاغ رؤية مشتركة أيدها الطرفان ،  لكن تبقى العبرة في ترجمتها عملياً بنوايا صادقة .