واضح أنّ حساب حقل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لم يتطابق مع حساب بيدر الجيش اللبناني في عرسال . إذ أنّه وخلافاً لحسابات السيد نصرالله فإنّ الجيش دخل البلدة وتوغل في بعض أحيائها .

حيث إتخذت وحدات من اللواء الثامن إجراءات أمنية واسعة قوبلت بترحيب من الأهالي على مداخل البلدة ومخارجها وأقامت حواجز تفتيش عند محلة المصيدة وحميد حيث تنتشر مخيمات النازحين السوريين ، وصدرت بيانات من أهالي البلدة ترحب بدخول الجيش إليها وتؤكد ثقتها به وبقيادته على وقع نثر الأرز والورد على آليات الجيش .

مصدر عسكري رفيع نفى أن يكون إنتشار الجيش في عرسال رسالة سياسية إلى أطراف الحكومة ، بل هو رسالة موجهة إلى أهالي البلدة مفادها أنّ الجيش يحميهم من أيّ هجوم ، وهو بمثابة طمأنة للبنانيين جميعا بأنه لن يقبل بأي إعتداء على أي بلدة لبنانية .

والأهم هو رسالة إلى الجماعات الإرهابية بأنّ الجيش موجود وبجهوزيته التامة ولن تكون عرسال ممراً أو مأمناً لهم في حال فكروا بمهاجمتها ، كذلك فإنّ الرسالة الرابعة من هذا الإنتشار هي أن الجيش لن يقبل أن يشاركه احد في السيادة على أراضيه .

لا شك أن خطوة إنتشار الجيش في عرسال تعني ميدانياً أنّه يمسك بأمنها وأمان أهلها وأمن النازحين السوريين فيها ، كما تعني إبعاد أي صدام محتمل بين عائلات وعشائر منطقة بعلبك الهرمل وبين أهالي البلدة والذي لم يتردد السيد حسن نصرالله في طرحه ولأكثر من مرة خلال إطلالاته الإعلامية الأخيرة على الهواء مباشرة بإستنفاره لأهالي المنطقة بأنهم يرفضون وجود إرهابيين وتكفيريين على حدود قراهم وبلداتهم .

وكذلك فإنّ هذه الخطوة تقطع الطريق على حزب الله من الدخول في مواجهة كارثية مباشرة مع أهالي عرسال وتفصل ميدانياً بينها وبين معركته في القلمون السوري ، ورداًعلى تهديد السيد حسن نصرالله عندما توجه للدولة بأنها إذا لم تتولى مهاجمة الإرهابيين وإنهاء وجودهم بالقضاء عليهم في عرسال وجرودها فإنّ حزب الله سيتولى هذه المهمة لنزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة .

قد تكون خطوة انتشار الجيش في عرسال كرست عنصر إطمئنان لأهالي البلدة ، إلا أنه ثمة من يفسرها أنها أيضاً عنصر تطمين لحزب الله أو معطى جديد سيؤدي إلى تفريغ حملته الأخيرة من زخمها ويفقده أوراقاً أساسية ، لكنها بالتأكيد ليست إغلاقاً لباب الإحتمالات لقضية أقضت المضاجع ، وقد لا تثني الحزب عن سعيه المتواصل لتوريط المؤسسة العسكرية في أجندته السورية دفاعاً عن بقايا سلطة الرئيس بشار الأسد المتهاوية .

إشارة لا بد منها وهي أنّ الجيش اللبناني تصرف بكثير من المسؤولية والحكمة بحيث يستحق تحية إكبار وتقدير وإحترام له ولقيادته من جميع اللبنانيين .