جيد في الإجمال وفي التفاصيل دخول الجيش، أو إعادة انتشاره داخل بلدة عرسال، خصوصاً وأن أهلها رحّبوا بالخطوة ووجدوا فيها، على ما يُظن، كبتاً لبعض القلق الذي يشعرون به في هذه الأيام.

وما هو جيد، من حيث المبدأ لعرسال، جيد من حيث المبدأ أيضاً لكل منطقة البقاعين الشمالي والغربي، ولمجمل الخريطة المفترضة لخطوط التماس الفتنوية جغرافياً، مثلما هو جيد للوضع العام سياسياً وأمنياً ونفسياً.. الخ.

والخطوة تعني ميدانياً، أن عرسال ليست «نهر البارد«، ولن تكون. بحيث إن الجيش موجود في داخلها، وعزز ذلك الوجود. وذلك يعني أنه يمسك بأمنها وأمان أهلها وضيوفها السوريين. كما يعني إبعاد احتمال الصدام العشائري المرعب والكارثي، والذي لم يتردد الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في طرحه على الهواء مباشرة! وبطريقة خاصة به، لا يمكن إزاءها سوى تذكّر (والترحّم على) أيام الإمام السيد موسى الصدر والطريقة التي قارب بها الاعتداءات الرعناء التي طاولت بعض القرى المسيحية في البقاع الشمالي في بدايات الحرب الاهلية في سبعينيات القرن الماضي.

وعدا عن ذلك، فإن خطوة الانتشار داخل عرسال تمنع «حزب الله» من ارتكاب خطيئة كبرى هي المسّ المباشر بالبلدة. وتفصل ميدانياً بينها وبين معركته في القلمون السوري.. لكن هل تطفئ هذه الخطوة، ومعها تأجيل حسم «النقاش» في مجلس الوزراء في شأن الوضع العام فيها وفي جرودها، إلى يوم الاثنين المقبل، كل بواعث التوتر والقلق التي أطلقتها وتطلقها حملة الحزب الإعلامية والسياسية بالتوازي مع حملته العسكرية في القلمون؟ وهل يعني ذلك في جملته تغييراً في قراره الخاص بالإمساك بكل المنطقة الحدودية وتحصين مواقعه فيها؟

في محاولة الجواب يأتي اليقين، بأن ما حصل لن يُعدّل في الأهداف الاخيرة للمعركة الراهنة. ولا في استمرار سعي الحزب الى توريط المؤسسة العسكرية في أجندته السورية العامة المشتملة في قمة بنودها على القيام بأي شيء تتطلبه حرب الحياة أو الموت التي يخوضها دفاعاً عن بقايا سلطة بشار الأسد.. ومع ذلك فإن الاستدراك واجب: يمكنه ذاتياً القيام بأي شيء، لكن لا يمكنه يقيناً، اعتبار الجيش مُلحقاً به، مثلما لا يمكنه دمغ أجندته بختم الشرعية الدستورية المتمثلة بقرار مجلس الوزراء.. مثلما لا يمكنه «إجبار» الآخرين على التسليم بقراراته، أو الأخذ بسردياته عن الوضع السوري، من ألفها إلى يائها!

المهم في الإجمال، هو ان الجيش تصرف ويتصرف بحكمة ومسؤولية كبيرة ومشهودة، وهذا يستوجب تقديم تحية تقدير واحترام له ولقيادته، من أهل عرسال العزيزة خصوصاً، كما من سائر اللبنانيين عموماً.

بقلم: علي نون