من فشل إلى فشل ، ومن إخفاق إلى إخفاق ، ومن إرباك إلى آخر وحزب الله ما زال مستمراً في دفع المزيد من الأثمان من رصيد دماء فتية آمنوا يوما بالسير على درب إحدى الحسنيين ، إما النصر أو الشهادة ،فإستحقوا بحق وسام الشهادة ثمناً لإجبار العدو الإسرائيلي على مراجعة حساباته في الإستمرار بإحتلال الجنوب اللبناني فإختار الإنسحاب.

إلا أنّ قيادة حزب الله وفي 25 أيار للعام 2005 هالها الإنسحاب الإسرائيلي السريع من لبنان لما ما كان قد يتركه هذا الإنسحاب المفاجىء من حرمان الحزب من مبررات إحتكاره لوظيفة لعب دور المقاومة والإحتفاظ بمنظومته العسكرية بعدما تحوّلت هذه المقاومة إلى ورقة راجحة في لعبة التوازنات الإقليمية.

لكن سرعان ما إستعادت قيادة الحزب روعها وتنفست الصعداء بعدما تأكدت أنّ إسرائيل باقية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المتنازع عليها بين الدولتين اللبنانية والسورية ، ممّ يعطي حزب الله جرعة إضافية من مبررات الإستمرار في إمتلاك مقومات القوة والهيمنة ما يمكنه من الإمساك بمفاصل البلد والتحكم بالمقررات المصيرية بمَ يخدم مصلحته وسياسته على حساب مصلحة الوطن ، حيث كان يبتكر معادلات وعناوين ويقدم على إعتداءات لا هدف لها سوى مصادرة القرار اللبناني لمصلحة إرتباطه بالمشروع الإيراني ما يؤدي إلى تعطيل البلد وشل عمل المؤسسات فيه ، دون أن تنسى قيادة الحزب بمناسبة وبغير مناسبة أن توزع الإتهامات في كل الإتجاهات وعلى كافة المستويات والتي تصل إلى حد الاتهام بالعمالة لدول خارجية أو ربما الخيانة الوطنية ، وذلك بعدما إنتهت صلاحية الإنتصارات الإلهية كعلاج ناجع للتغطية على العثرات والإخفاقات التي يقع فيها الحزب بسبب خياراته العبثية.

فمن الثلث المعطل إلى معادلة جيش وشعب ومقاومة إلى إجتياح العاصمة بيروت إلى الانخراط في وحول الحرب السورية إلى معركة القلمون وصولاً إلى التحريض على المشاركة في خوض معركة مفترضة في بلدة عرسال الحدودية ، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يؤكد دائماً أن حزبه ليس قوياً فحسب بل أن لديه فائضاً من القوة ما يمكنه من حماية كافة الطوائف اللبنانية من أخطار الجماعات الإرهابية وأنّ حزب الله يشكل ضمانة للمسيحيين والسنة في لبنان.

إلا أنه وخلال الإحتفال بذكرى التحرير ما كان للسيد نصرالله أن يتهم قطاعاً واسعاً من طائفته وتصنيفه بأنه شيعة السفارة - الأميركية - ويهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور لأنهم يرفضون مشروعه الإيراني ولا يتعاملون معه بالسمع والطاعة ، لو كان فعلاً مطمئناً إلى تأثير فائض القوة التي يتباهى دائماً بإمتلاكها في تغيير المعادلة في سوريا أو أي بلد آخر.

فشيعة السفارة هم الذين يحملون المشروع الوطني وهم الذين يسعون لحماية مؤسسات الدولة من التعطيل والإنهيار مع شركائهم في الوطن وهم أم الصبي الحريصون على بلدهم من عبث المتاجرين بدم الشهداء أصحاب الرهانات الخارجية ، حرصهم على أبنائهم لأنّ مستقبلهم يجدونه في الدولة اللبنانية وليس في دويلة حزب الله المذهبية..