يحتفل اللبنانيون في الخامس والعشرين من أيار من كل عام بذكرى تحرير الجنوب اللبناني من الإحتلال الصهيوني ، بإستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقسم من قرية الغجر، لكنّ الإحتفال اليوم وبعد 15 عاماً على التحرير يأتي في ظلّ تصاعد الصراعات في لبنان والمنطقة ، حيث تقدّمت أزمة الرئاسة اللبنانية والخوف على المصير على كل القضايا داخلياً ، وأمّا خارجياً فالأوضاع في اليمن وسوريا والعراق ودول أخرى ، وبروز تنظيم داعش ، كلّ ذلك أصبح له الأولوية على تحرير فلسطين ومواجهة العدو الصهيوني .

لكن رغم كل ما يجري في لبنان وحولنا من أوضاع خطيرة ، فإنّه لا يمكن إلا أن نوجه التحية لكل المقاومين والمناضلين الذين ساهموا في تحرير الأراضي المحتلة ، وهم ينتمون إلى كل القوى الوطنية واليسارية والقومية والناصرية والإسلامية ، إضافة لأهمية دور القوى الفلسطينية ودعم إيران وسوريا وكلّ الشعب اللبناني ، وللجيش اللبناني ومؤسسات الدولة اللبنانية وحالة التضامن الوطني والتناغم بين المقاومة والدولة وخصوصاً في السنوات العشر الأخيرة ما قبل التحرير ، فكل ذلك ساهم في تحرير الجنوب .

ولا تزال تجربة تحرير الجنوب تشكل قضية هامة تستحق الإهتمام والدراسة للإستفادة منها ثقافياً وسياسياً وتاريخياً واستراتيجياً .

لكنّ السؤال الأخطر الذي نواجهه اليوم وبعد 15 عاماً على التحرير : ماذا بقي من 25 ايار؟ وهل لا تزال هذه الذكرى حاضرة وطنياً وإسلامياً ولبنانياً وعربياً؟ وأين أصبحت الأوضاع في الجنوب وخصوصاً في المناطق المحررة بعد كل هذه الاعوام ، وخصوصاً على الصعد الإقتصادية والتنموية؟

طبعاً إنّ إستمرار الإستعداد لمواجهة أيّ إعتداء صهيوني مسألة أساسية ، ولا بدّ من توجيه للجيش اللبناني ولمجاهدي المقاومة الإسلامية الذين يستعدون لمواجهة ايّ إعتداء صهيوني ، كما لا بدّ من الإشارة لحالة الأمان والإطمئنان التي يعيشها الجنوبيون واللبنانيون بسبب تحرير الجنوب ومن يذهب إلى أقصى الجنوب ، وخصوصاً للقرى الأمامية والقريبة من الحدود من الناقورة وحتى شبعا وكفرشوبا مروراً بالضهيرة وراميا وعيتا الشعب وكفركلا ومارون الراس والخيام والوزاني وغيرها من القرى الجميلة يشعر بالأمان والسعادة والراحة .

لكن في مقابل ذلك فإنّ الخطرعلى لبنان أصبح يأتي اليوم من أماكن أخرى من الحدود الشرقية والشمالية ، وأصبح الخوف على مصير لبنان والمنطقة بسبب الصراعات القائمة يتقدم على الخطر الصهيوني، وإن كان البعض يتحدث عن وجود توافق غيرمعلن بين الخطر الصهيوني والخطر الذي تشكله التنظيمات المتطرفة كداعش وأخواتها . إذن أصبحنا اليوم أمام واقع جديد ومعطيات جديدة والخوف من الفتنة والتقسيم وزوال الأوطان والصراعات الداخلية تجتاح كل دول المنطقة .

كل ذلك يجعلنا نسأل أين أصبحت ذكرى 25 ايار ، وهل يكفي فقط الاحتفال بهذه الذكرى والتذكير بإستمرار خطر العدو الصهيوني ، أم أنّنا نحتاج إلى رؤية جديدة تنقذنا من المخاطر الجديدة وتعيد الأولوية للصراع مع العدو الصهيوني .

المسألة أصبحت أكثر تعقيداً من مجرد الحديث عن خطر تكفيري إلى جانب الخطر الصهيوني ، نحن بحاجة إلى منطق جديد ينقذنا من المأزق الذي نعاني منه حتى نستعيد الإحتفال الكبير بتحرير الجنوب في 25 أيار وفي كل يوم .