أخفق الايرانيون في المحافظة على بلد قدّمته لهم الولايات المتحدة  كعربون صداقة ودفعت تجربة الحكم الأمني الإيراني للعراق إلى إستنهاض سلفيّات سُنية ما كانت لتكون لولا سيل من المبررات المذهبية والسياسية والأمنية والاقتصادية  .

وبعد أن طفح كأس السُمّ الإيراني هاج أهل السُنة في العراق وإستغلت التيارات المتطرفة الفرص الإيرانية الثمينة وتمكنت من السيطرة على مناطق حدودية ومحافظات ذات الغالبية السُنية وإقامة دولة الخلافة في المناطق التي سيطروا عليها في سورية والعراق ولولا الشيطان الأمريكي لتمكن تنظيم الدولة من  الوصول إلى بغداد .

فاق الإيرانيون من سكرة النصر الذي منحته لهم واشنطن وقاموا بتعبئة مذهبية مماثلة حشدت من خلالها حشداً شعبياً عراقيّاً في الشكل إيرانيّاً في المضمون ، وإستطاعت بمباركة أمريكية أن تُسهم في تحرير أراض كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة وإحتفاءً بهذا النصر الإلهي قام قاسم سليماني بشرب الشاي على أنقاض أراض عراقية  وفوق رؤوس شيعية وسنية لم تدفن بعد .

المشهد نفسه تكرر بالأمس من خلال شرب الليموناضة على وقع مراسم التشييع اليومي لشهداء سورية وكأنّ الدم عموماُ والشيعي خصوصاً مجرد عصير بندورة أو مشروب من مشروبات الطاقة .

لقد أفقدت الثقافة الإيرانية الموت خصائصه الكثيرة وعبره ، وحولّته الى مجرد سلعة وعملية إعتيادية كأيّ عمل من الأعمال التي يزاولها الانسان في الحياة لقد بات الموت مهنة في الفهم الإيراني وعليه لا شعور ولا حزن إتجاه الأموات لذا يتصرفون في" الأطراح " ، تماماً كما يتصرفون في الأفراح لذا فلا عجب عندهم من شرب "الأنخاب "على الضحايا لأنهم يؤمنون بأنّ الشهيد عريس زُفّ إلى عروسته في الجنة ويوزعون الحلوى ويقيمون مجالس التبريكات ، والنبيّ الأكرم محمد (ص) بكى شهداء بدر وأحُد وأسمى العام الذي مات فيه كل من خديجة وحمزة بعام الحزن .

 لقد أعلن نبيّ الرحمة الحزن عاماً على فقد أحبة ، ولم تكن سُنته في الموت الضحك وشرب النخب على شباب تذرف العيون من أجلهم دماً ، ولا يُشرب الشاي والليمون على طوابير توابيتهم وكأنّ الشيعة طائفة فارسية تعبد النار وتقدم قرابينها لربّها الذي لا يشبع من لحم الشباب وهيّ فرحة في عطائها السخيّ لإله الفرس  .