إستضافت الجماعة الإسلامية في مقرّها المركزي في بيروت مساء الاثنين الماضي رئيس ملتقى الأديان والثقافات ومؤسسات السيد محمد حسين فضل الله ، العلامة السيد علي فضل الله ، وكان الحوار حول العلاقات السنية – الشيعية ، ومشاكل الغلو والتطرف ، والأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة وتجربة الحركات الإسلامية وخصوصاً الإخوان المسلمين في الحكم .

وهذا الحوار الشهري يأتي في إطار المبادرة التي أطلقها المسؤول السياسي للجماعة في بيروت عمر المصري من خلال إستضافة قيادات سياسية وحزبية من مختلف الجهات ، للحوارالصريح والمباشر مع عدد كبير من كوادر الجماعة في بيروت .

وقد تميّز الحوار بين السيد علي فضل الله مع كوادر الجماعة ، بالصراحة والشفافية وطرحت فيه معظم القضايا التي تثير الخلافات المذهبية ، إن على الصعيد الفكري أو العقائدي أو السياسي أو الإجتماعي، من جهته قدّم فضل قراءة نقدية لتجربة الحركات الإسلامية محذراً من مخاطر الأزمة القائمة اليوم وإنخراط القوى الإسلامية في الصراعات التي تأخذ طابعاً مذهبياً، داعياً للحوار حول كل القضايا وخصوصاً الفقهية والتراثية والسياسية ، وعدم تكوين صورة عن بعد عن الآخر، مؤكداً :"أنه لا يمكن للإسلاميين إلا أن يكونوا مع المظلومين في كلّ مكان وضد الظالمين في كل مكان " .

وشارحاً أسباب إنتشار العصبية المذهبية في هذه المرحلة بسبب الخوف المتبادل بين السنة والشيعة . من جهتهم كوادر الجماعة طرحوا كل إشكالاتهم السياسية والفقهية والواقعية ، إن على الصعيد المذهبي أو لجهة الأداء السياسي للقوى الشيعية في هذه المرحلة ، أوعلى صعيد غياب الأصوات الشيعية الفاعلة القادرة على وقف الغرق في الصراعات السياسية وتحوّل الجميع الى دواعش . وكانت الأسئلة والملاحظات صريحة وجارحة احياناً، وقد حرص السيد علي فضل الله على إستيعاب الجميع وعدم الإنجرار إلى سجال حاد مع كوادر الجماعة ، بل سعى لتوضيح الصورة والواقع بوضوح وصراحة .

وخلاصة هذا اللقاء الحواري السني - الشيعي ، إن صحّ القول ، أنّه يمكن أن يشكل نموذجاً للحوارات المطلوبة في هذه المرحلة بين مختلف القوى السياسية والدينية والحزبية ، من أجل إزالة الهواجس والمخاوف وتوضيح كل الأمور والتوصل إلى مشاريع عمل مشتركة لمواجهة الفتنة المذهبية القائمة اليوم والوقوف بوجه مشاريع التقسيم وتدمير الدول العربية والإسلامية .

ولذا لا بد من توجيه التحية للجماعة الإسلامية وكوادرها ، وخصوصاً مسؤولها السياسي في بيروت عمر المصري ، وكذلك التحية للسيد علي فضل الله على جرأته وصراحته وقدرته على تقديم خطاب إسلامي وحدوي وهذا الحوار هو النموذج المطلوب بين القوى والحركات الإسلامية وبين كل القوى السياسية والفكرية والثقافية ، وبذلك نسير في الإتجاه الصحيح لمعالجة مشاكلنا القائمة اليوم بدل الغرق في الصراعات والأزمات .