في الفترة الأخيرة تكررت إسم"القلمون " كثيراً ، وأصبحت المنطقة الأكثر عرضة للأحداث والأكثر ذكراً في وسائل الإعلام ، فلا نسمع حديثاً يخلو من "القلمون" . فما هي هذه المنطقة ؟ وما حدودها الجغرافية وأهميتها الاستراتيجية ؟

 

 

 القلمون هي عبارة عن منطقة جبلية قاسية التضاريس والمناخ، وتشكل إمتداداً لبادية الشام كما تمتد من البريج  شمالاً إلى الدريج جنوباً في الشمال الغربي من مدينة دمشق ومساحتها على طول حوالي مائة كلم تقريباً . تشكل القلمون حوالي 40% من مساحة ريف دمشق ومساحة 70% على طول الحدود مع لبنان وتقع شمال دمشق وتشكل  جبالها المدخل الى دمشق وإلى الغوطة، كما تتصل بمحافظة حمص شمالاً والبادية السورية شرقاً بينماً تتكي غرباً على سلسلة جبال لبنان الشرقية وتمتد على ما يزيد عن 60 كلم من الحدود اللبنانية السورية بتضاريس جبلية وعرة غاية في الصعوبة.

أما طبيعيا، تنتشر  بين ثنايا جبال القلمون في سوريا الكثير من الاثار التاريخية  والمغاور والكهوف والمعابد والكنائس والمقدسات المسيحية التاريخية الهامة  التي جعلت من القلمون منطقة سياحية ذات اهمية كبيرة .وتتميز مناطق جبال القلمون السورية بمناطقها الجميلة واطلالاتها الساحرة ومصايفها الشهيرة حيث تتوضع البلدات والمدن في احضان الجبال أو على القمم ويسود المنطقة جو جميل معتدل إلى بارد صيفا، وبارد مع تساقط كثيف للثلوج في فصل الشتاء ، تكثر الينابيع على امتداد السلسة الجبلية في مناطق القلمون ؛ويبلغ إرتفاع أعلى القرى في هذه المنطقة وهي بلدة راس المعرة التي يبلغ عدد سكانها نحو 14000 نسمة وهي تقع عند سفح طلعة موسى وهي أشهر قرى سوريا .

ولجبال القلمون أهمية استراتيجية فهي القاعدة الخلفية وخزان الامداد الرئيسي (البشري والعتادي) لدمشق وريفها وللمنطقة الوسطى في سوريا (حمص وريفها) . وهي الى ذلك عبارة عن شريط استراتيجي يمتد نحو 120 كلم وعرضه نحو عشرة كلم أس ما يعادل مساحة لبنان وفي مناطق اخرى بمساحة 25 كلم مربع يحده من الغرب سلسلة جبال لبنان ومن الشرق العراق المؤدية إلى بادية الشام مع مجموعة كبيرة من القرى والمدن الصغيرة .إضافةً إلى ذلك فإن لمنطقة القلمون في المفهوم العسكري استراتيجية لعدة نواحي أبرزها:

تشكل جبالها مدخل دمشق الرئيسي خصوصا من جهة الغوطة الشرقية ، ومنطقة القلمون هي اقرب نقطة تربط بين حمص ودمشق وتعد نقطة إنطلاق الى المحافظتين ، وتسمح بطبيعتها الجغرافية بتأمين المقاتلين نظرا لمساحاتها الشاسعة ووجود أودية ومرتفعات وجرود. فهي تضم أيضا اكبر قطع عسكرية ومخازن اسلحة لجيش الاسد وتقع فيها مطارات عسكرية مثل الناصرية – الضمير.و لأن منطقة القلمون محاذية ومتاخمة لمنطقة البقاع اللبناني أبرزها عرسال – بعلبك ، وتعّد المنفذ الوحيد المتبقي كخط إمداد وتواصل للمعارضة السورية مع الداخل اللبناني.

لذلك إن معركة القلمون سيكون لنتائجها العسكرية والميدانية تأثير كبير على صعيد الصراع الدائر في سورية لأن الحسم العسكري فيها سيرتّبْ عليه إنتهاء المعارك في ريف دمشق وإبتعاد التهديد العسكري عن العاصمة التي ما زالت في يد نظام البعث ، كما سيؤدي الى الامساك بجبهة حمص وحصر المعارك في محافظتي حلب ودرعا.و السيطرة على منطقة القلمون من شأنها إقفال ملف الحدود مع لبنان بعدما شكلت جزءا جديا من عمليات تهريب السلاح والاموال والمقاتلين الى سورية.