بالرغم من أن تفاهم لوزان النووي، ليس مُلزماً للطرفين، حيث أنه عبارة عن بيان وليس اتفاق موقّع عليه، ولكنه لحدّ الآن ترك مفعولاً نفسياً كبيراً، حيث تتسابق الشركات الأوربية للهجوم الى السوق الإيراني، أسوة بالتفاهم النووي، وتنتهج تلك الشركات أسلوب التفاهم مع الشركات والمؤسسات الإيرانية، من أجل الدخول إلى السوق الإيراني الذي يفتح مجالاً إقليمياً لها.

ولكن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان مباغتاً في اللحظة الراهنة، حيث فيما المسؤولون الإيرانيون والأميركيون، منشغلون بتقدير انتصاراتهم في التفاهم النووي، وهم يواجهون انتقادات حادة في الداخل، تعول على تقرير الطرف الآخر للتفاهم وتثق به، خاصة فيما يتعلق برفع العقوبات على إيران، رفع بوتين الحظر الرئاسي السابق من تزويد إيران بالمنظومة الدفاع الصاروخي أس 300، بقرار حاسم، يسمح بتلسيم تلك المنظومة لإيران، في داخل الإراضي الإيرانية، وروسيا بذاك القرار تضمن سلامة طريق إيصال تلك المنظومة إلى إيران. رحّبت إيران، بهذا القرار، ورغم أنه جاء متأخراً وبعد مقاضاة إيران للمحكمة الدولية، مما أدّت إلى الحكم على روسيا بدفع أربع ميليارات دولاراً كغرامة على نقضها الصفقة التي كانت قيمتها 800 ميليون دولاراً ولكن أن تأتي متأخراً أفضل من أن لن تأتي أبداً.

فضلاً عن أن قيمة تلك المنظومة في الوقت الراهن، لإيران، أكثر من ثمنها وبل غرامة 4 ميايارات دولاراً. لأنّ تلك المنظومة تتمكن من رفع منسوب الأمني للمنشأت النووية الإيرانية، وتخفض من شأن مفاعل فوردو التي تقع في باطن الأرض وتعهدت إيران بوقف التخصيب فيها.

ويشكل هذا الموضوع، محوراً رئيسياً لانتقادات حادة، من قبل المحافظين المتشددين للفريق المفاوض. وعند ما يتمكن منظومة أس 300 من استهداف 100 هدف في آن واحد، فهناك ضمان لمفاعل نطانز وأراك، ولم تعد حاجة للتخصيب في باطن الأرض بـ 60 متراً كما في منشأت فوردو. أثار قرار الرئيس بوتين استياء كل من الولايات المتحدة، وإسرائيل، ولكن من شأنه أن يثير استياءاً سعودياً، في ظل توتير العلاقات بين الطرفين، ومن شأن هذا القرار تأمين توازن عسكري بين الطرفين.

كما أن تلك المنظمة تؤمن قبة حديدية للمنشأت النووية والمواقع العسكرية الإيرانية. ورغم أن قرار الرئيس مدفيديف في 2010 بحظر تزويد إيران بتلك المنظومة الصاروخية، تم إصدارها بحجة تطبيق العقوبات الدولية، والحقيقة أنه جاء تحت ضغظ أميركي وإسرائيلي واضح، إلا أن سيرغي لافروف أكد في اليوم الماضي على أن سبب نقض روسيا تلك الصفقة كان تشجيع إيران -أو الضغظ عليها- للذهاب إلى طاولة المفاوضات، ولم يكن تطبيق العقوبات.

تسليم إيران تلك المنظومة، يحسّن صورة روسيا في الرأي العام الإيراني، ويقوي موقع إيران العسكري، إقليمياً، والأهم منهما يقوي موقعها في المفاوضات المقبلة من أجل التوصل إلى اتفاق نووي.