ولدت حركة 14 اذار فعليا في مرحلة حساسة ودقيقة في تاريخ لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تحت مسميات عديدة أبرزها  ثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال, ومن أبرز مطالبها في تلك المرحلة المطالبة بانسحاب القوات السورية من لبنان وتشكيل محكمة دولية للنظر في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري واستطاعت هذه الحركة إثبات وجودها مع التطورات والاحداث السياسية والامنية التي شهدها لبنان خصوصا والمنطقة عموما وحرصت على تظهير موقفها بشكل دائم من هذه الاحداث والتطورات بما ينسجم مع تطلعاتها وأهدافها على الساحة اللبنانية .
بقيت حركة 14 أذار حركة ناشطة على الساحة اللبنانية واستطاعت الإستفادة من قضية اغتيال الرئيس الحريري وما أعقبها لاحقا من عمليات اغتيال لعدد من القيادات السياسية التي تنتمي إلى هذه الحركة .
بقيت مواقف حركة 14 اذار خاضعة للتطورات والاحداث على الساحة اللبنانية وحصرت مواقفها دائما حول هذه الاحداث والتطورات والمستجدات .
 وبالرغم من وجود عدد كبير من القيادات السياسية على رأس هذه الحركة إلا أنها اخفقت في تحقيق خرق سياسي شامل يؤدي الى تحقيق رؤيتها السياسية في لبنان وبقيت في معظم مواقفها في دائرة " رد الفعل " دون أية إضافات أساسية في الشارع اللبناني وعملت في السياسة على مبدأ انتظار الخصم  لتحدد موقفها لاحقا , هذا الخصم الذي يتمثل في نظر هذه الحركة بحزب الله وفريق 8 اذار إذ لم تستطع الحركة ومنذ نشأتها مواكبة الاحداث والتطورات التي يصنعها الخصم " حزب الله " وبقيت بعيدة عن صناعة الحدث أو الفعل مقتصرة دائما على الرؤية السياسية العامة, وقد يعود ذلك إلى تعدد القيادات وكثرة الزعامات فيها وربما إلى خلافات سياسية عديدة بين الأقطاب السياسيين في هذه الحركة ,ولا شك أن الغياب الدائم للرئيس سعد الحريري وهو من الأقطاب الأساسيين فيها أدى إلى حالة انكفاء كبيرة في عمل ودور هذه الحركة .
وقد شاء الدكتور سمير جعجع في حديثه التلفزيوني الأخير الدفاع عن حركة 14 اذار معتبرا أنها حققت إنجازات كثيرة إلا أنه لم يحددها مشيرا الى أن مشروعها هو مشروع الدولة علما أن أحدا لم ير أي مشروع عملي تقدمت به قوى 14 أذار يسهم في إعادة إحياء العملية السياسية في لبنان .
وفي الذكرى العاشرة على انطلاقة هذه الحركة تضج الساحة السياسية في لبنان بالحوارات بين الاحزاب السياسية الاساسية من بينها الحوار بين حزب الله والمستقبل والحوار بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وكذلك الحوار بين المستقبل والتيار الوطني الحر ما يشير إلى حركة سياسية جديدة في البلاد على 14 اذار أن تواكبها وتتوقف عندها وبالتالي تعيد ترتيب سياستها على ضوء ما سينتج عن هذه الحوارات .
لم تستطع الحركة بعد عشر سنوات من استقطاب العامل الشيعي إليها وبقيت المشاركة الشيعية فيها خجولة جدا أو معدومة وهي تحاول الآن ومع انطلاق اعمال تأسيس المجلس الوطني استيعاب مجموعة من الشخصيات الشيعية التي تعتبر نفسها خارج الثنائي الشيعي المتمثل بحزب الله وحركة أمل .
وفي خضم الأحداث والتطورات الجديدة التي عصفت بالساحة اللبنانية والاقليمية تحاول حركة 14 اذار اليوم ان تستعيد الحضور الذي يليق بالمستجدات السياسية حيث سيتم الإعلان عن تشكيل المجلس الوطني الذي سيتقدم ببيان سياسي جديد يعبر عن أهداف وتطلعات 14 أذار بما يشبه إعادة الحضور والإعتبار إلى هذه الحركة بعد خروجها وانكفائها نتيجة عدم القدرة على مواكبة الاحداث والتطورات في لبنان والمنطقة .

كاظم عكر