خلال عشر سنوات، بذَل القيّمون على انتفاضة «الاستقلال» جهداً في استقطاب شيعة مستقلّين «يحبّون الحياة» لتعبئة الفجوة الشيعية التي يعانون منها. بعمائم أو من دونها، استغل فريق 14 آذار الطموحات السياسية، بل والمالية، لبعض من يطلقون على أنفسهم صفة «مستقلين» من أبناء الطائفة الشيعية الباحثين عن دور ما خارج «الثنائية الشيعية». إلا أن النتيجة كانت «شراكة» باهتة، لم تفلح في إكمال ألوان الطيف الوطني داخل «الفريق السيادي»، وحصرت «التلوينة» الشيعية في شخصيات مغمورة أو سياسيين ليسوا ذوي حيثية تمثيلية أو رجال دين لم يجدوا مكاناً لهم في طائفتهم، فكان هؤلاء يُستدعون الى المنابر متى دعت الحاجة!

وبعد عقد من الزمن، يُعيد فريق 14 آذار، عبر مجلسه الوطني المزمع تشكيله، المحاولة مجدداً. 37 شخصية شيعية لا حيثية سياسية أو شعبية أو تمثيلية لأي منها مدعوة الى الانخراط في هذا المجلس الذي سيُنتخب أعضاؤه السبت المقبل.
الأمانة العامة لقوى 14 آذار لم تنتهِ بعد من الاستعدادات ليوم السبت. في اليومين المتبقيين، سيجتمع أعضاء الأمانة لترتيب البرنامج والاتفاق على البيان السياسي الذي سيناقشه المجتمعون، إضافة إلى الجهات المدعوة التي ستشمل مشاركات أوسع من الأحزاب، منها «مجموعات شيعية كبيرة» بحسب مصادر في الأمانة. وبالاستفسار عن «هذه المجموعات الكبيرة» يتضح أنها مجموعة من 37 شخصاً ينتمون إلى عائلات بقاعية وجنوبية تحت مسمّى «الائتلاف الشيعي». هؤلاء، على ذمّة المصادر، «هم من اتصلوا وطالبوا بالمشاركة، وجمعتهم جلسات عدة مع منسّق الأمانة فارس سعيد والنائب السابق سمير فرنجية». وبما أن شكوى «الليبراليين الشيعة» كانت، ولا تزال، من عدم تقديم 14 آذار الدعم اللازم لهم لإحداث اختراق في «البلوك الشيعي»، وبسبب خشيتهم من ملازمة تسمية «شيعة عوكر» أو «شيعة 14 آذار» لهم، تقول المصادر إن «المجلس الوطني سيسعى إلى إظهارهم كمؤسّسين وليس كأتباع».
ولكن هل من من يضمن عدم التضحية مجدداً بهؤلاء، كما حصل مع من سبقوهم ممن خفتت أصواتهم مع خفوت حدّة الاستقطاب السياسي، لا سيما أن الحوارات الجارية قد تفرض تحالفات جديدة على الساحة كما فرضت التحالف الرباعي سابقاً؟ وهل سيكون من السهل على تيار المستقبل، الشريك الأساسي في هذا المجلس، إبراز شخصيات شيعية، على شاكلة باسم السبع ومحمد بيضون، الأمر الذي قد يثير حفيظة الرئيس نبيه بري عرّاب الحوار القائم؟ أحد مصادر الأمانة العامة، التي لا تمتلك أي تصوّر حتى الآن في ما يخص وضع «الشيعة» داخل المجلس، يقول إنه «لا يجوز الهروب من حقيقة أن هناك أزمة كبيرة نواجهها مع المكوّن الشيعي. وإذا كانت هناك رغبة جدّية في أن يكون هذا المكوّن شريكاً لا تابعاً، فلم لا يصار الى انتخاب رئيس للمجلس من بين هذه الشخصيات، أولاً لتأكيد أن شيعة 14 آذار ليسوا ملحقين، وثانياً بهدف استقطاب المزيد من المستقلين الشيعة؟». وهو سؤال يصطدم، في رأي المصدر نفسه، بافتقاد وجود أي شخصية ذات حيثية تمثيلية، ما يدفعه الى القول ساخراً: «ربما ينبغي علينا أن نطلب من الرئيس بري أو حزب الله اقتراح بعض الأسماء لهذا المنصب؟»!