ما أحوجنا اليوم إلى رفيق الحريري. وكم نحن بحاجة إلى صوت الاعتدال الذي رفعه بوجه أصوات التطرف وأصوات النشاز. وتبدو حاجتنا ملحة اكثر إلى شبكة علاقاته العربية والإقليمية والدولية وإلى قوة شخصيته ومدى تأثيره المعنوي في صياغة قرارات خارجية لخدمة الداخل اللبناني.
ففي خضم الأزمات الإقليمية المتفاقمة في المنطقه وما أنتجته من تطرف ديني وشحن مذهبي انعكس بشكل سلبي ومباشر على الساحة اللبنانية رفع من منسوب الاحتقان المذهبي السني الشيعي بما ينذر بظهور ملامح لفلتان أمني قد يؤدي إلى الإطاحة بالسلم الأهلي ويعود بالبلد إلى الحروب الأهلية تبدو الحاجه ملحة وأكثر من أي يوم مضى إلى الصوت المعتدل الذي رفعه الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع انطلاق مسيرة السلم الأهلي مطلع التسعينيات من القرن الماضي مترافقا مع بداية مرحلة البناء والعمران وبناء الدولة الحديثة ألتي انطلقت مع اتفاقية الطائف ألتي أنهت خمسة عشر سنة من الحروب الأهلية المدمرة حيث ساهم الرئيس الشهيد بإنجاز هذا الاتفاق الذي حظي بتوافق خليجي وعربي ودعم دولي وشكل مفصلا بين مرحلة من الدمار والخراب خلت ومرحلة من العمران والبناء بدأت.
واليوم ونحن في أجواء الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فإننا وبنفس المقدار الذي نحتاجه لخط الاعتدال الذي بدأه الرئيس الشهيد وللصوت المعتدل الذي رفعه. فإننا وبالمقدار ذاته بحاجة إلى صوت العدالة وإلى الحكم القضائي العادل الذي ننتظره من المحكمه الدولية الناظرة في عملية الاغتيال ليس ثأرا ولا انتقاما من طائفة لمصلحة طائفة أخرى ابدا بل لنزع فتيل الشحن المذهبي المتأجج في بعض النفوس المريضة وكي يسود الأمن والاستقرار في ربوع الوطن وكي ترفرف العدالة فوق رؤوس جميع اللبنانيين وكي لا يغتال رفيق الحريري مرتين مرة عند قتله بالتفجير ومرة عند ضياع حقه.
فعندما ينال الجاني عقابه تسود عدالة السماء على الأرض ( ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب ).