تصادف الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعد أيام قليلة. ولبنان يعاني هذا العام من فراغ في كرسي الرئاسة الأولى مضى عليه منذ ما يقارب التسعة أشهر. حيث لم تفلح الجلسات العشرون للمجلس النيابي في إنجاز هذا الاستحقاق بسبب إصرار فريق سياسي على تعطيل هذه الجلسات بالغياب المتعمد عن الانتخابات خلال جلسات التصويت.

والفريق الذي استهدف الرئيس الحريري بالاغتيال لم يستهدفه بالجسد فحسب بل استهدف المشروع الوطني الكبير الذي كان يحمله الرئيس الشهيد في فكره وعقله وقلبه. المشروع الذي يقوم على مبادىء الحرية والسيادة والاستقلال والهادف إلى بناء دولة القانون والمؤسسات.

دولة العدالة والمساواة بين المواطنين دولة العلم والتطور ومواكبة العصر الحديث بكل تقنياته وحضارته.

الدولة التي تمسك بكل مفاصل السلطة والحكم لا ان تبقى موزعة بين قوى الأمر الواقع. الدولة التي يتمركز القرار في مؤسساتها الدستورية لا دولة المزارع والقصص.

فالشهيد الحريري كان يسعى لبناء لبنان. الوطن للجميع. وليس لفريق دون آخر لبنان الأمن والاستقرار فسعى لنزع فتائل الحروب الداخلية الموقوتة حيث تمكن من نقل البلد من هواجس الحروب المدمرة الى واحة السلم والسلام. لكن كان هناك من يريد للبنان ان يبقى في حال حرب أهلية مفتوحة يشعلها ساعة يشاء ويخمدها متى أراد فاستشعر ان الرئيس الشهيد قادر على إخماد الحرائق وحتى على منع الاعتداءات الإسرائيلية وإحباط تداعياتها.

إذ انه كان يتحرك بدافع من عروبته ووطنيته وكان قادرا على توظيف صداقاته وعلاقاته الدولية والإقليمية للحفاظ على البلد وعلى التجربة اللبنانية وحماية العيش المشترك بين اللبنانيين.

الأمر الذي بدا وكأنه يشكل حجر عثرة في الطريق. فكان لا بد من ازاحته وتصفيته ليتمكن هذا الفريق من العبث بالأمن والتحكم بالقرارات المصيرية ومن التلاعب بصيغة النظام وتركيبته. ولم يكتفي هذا الفريق باغتيال الرئيس رفيق الحريري بل تابع مسيرته بالعمل على إضعاف مؤسسات الدولة وخصوصا المؤسسة العسكرية إلى مصادرة قراري الحرب والسلم إلى غزو العاصمة بيروت وحصار بيوتها واستباحتها إلى زرع الرعب في قلوب أبنائها من خلال القمصان السود إلى إسقاط الحكومة بالترهيب وصولا إلى إبقاء المنصب ألاول في الدولة شاغرا ومصادرة إنتخابات الرئيس بالإصرار على تعطيل جلسات الانتخابات الرئاسية.

ويبدو أن مسيرة الاغتيالات مستمرة حتى يتم إغتيال الوطن