بلد الشغور... بلد الفراغ... بلد تمديد الأزمات... مدفن الديمقراطية... مُعتقل الدستور... ومسلخ القانون... تعددت الأسماء والموصوف واحد. بلدٌ باتت كلّ ملفاته واستحقاقاته تسير تحت غطاء الدولة إلى الفراغ والتمديد. ولعلّ كل تصريحات واجتهادات الطبقة السياسية المتسلحة بحجج واهية عرّتها المواقف، ضجيج مُزعج لا ينبئ إلا بكارثة ديمقراطية لا تبشّر بمستقبلٍ أفضل.
أكثر من ثمانية أشهر وفخامة الفراغ ما زال يعتلي كرسي رئاسة الجمهورية اللبنانية، أكثر من سبعة أشهر مرّت على وفاة النائب ميشال الحلو، والشغور مستمر في المقعد الجزيني، وأكثر من ثلاثة أشهر على التمديد الثاني لمجلس النواب اللبناني.

في السابع والعشرين من شهر حزيران الماضي شغر المقعد النيابي في قضاء جزين بوفاة عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال الحلو. ونحن اليوم بتاريخ 9 شباط الـ2015 ولم يتم ملء المقعد الشاغر في جزين بعد، بينما تتذرّع وزارة الداخلية بأن الأوضاع الأمنية تمنع إجراء انتخابات فرعية، مع العلم أن جزين هي من المناطق "الهادئة جداً" في لبنان. ما أثار حفيظة الجمعيات المدنية التي لم تملّ من محاولات إنعاش ديمقراطيةٍ نكّل بها أصحابها.

أهداف الحملة
"القضية مش فرعية"... بهذه العبارة أطلقت "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" حملتها الجديدة ضد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وذلك لإجراء الانتخابات الفرعية في جزين وإنهاء الشغور في المقعد النيابي الجزيني الذي تجاوز عمره السبعة أشهر.
في هذا الإطار، أكدت يارا نصار، المديرة التنفيذية للجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات، لـ"صدى البلد" بأن الحملة تهدف الى "إجراء انتخابات فرعية بأسرع وقت ممكن، وذلك بعد صدور قانون التمديد لمجلس النواب للمرة الثانية، الأمر الذي يلزم تطبيق نص القانون على المقعد الشاغر في جزين". 
موضحةً بأن "النائب ميشال حلو توفي في حزيران، وكان من المفترض أن يتم إجراء الانتخابات العامة في لبنان في تشرين الثاني الماضي من العام 2014، وعندما حصل التمديد أصبح من الضرورة أن يتم انهاء الشغور في المقعد النيابي في جزين".

أسباب الحملة
وعن أسباب الحملة تقول نصار "بعد التمديد بدأنا بالمطالبة بإجراء الانتخابات الفرعية في جزين، فهناك حوالي الـ56 ألف ناخب في جزين من حقهم أن يعبروا عن آرائهم، بخاصة أن لا اسباب منطقية تمنع إجراء الانتخابات الفرعية في منطقة هادئة جداً. وحاولنا مراراً وتكراراً مطالبة وزير الداخلية نهاد المشنوق بالدعوة لتنظيم انتخابات في جزين، مرّة عبر البيانات وأخرى عبر الرسائل الرسمية، ولكن ما من رد. بل كانت تصلنا رسائل متناقضة من وزير الداخلية، فمن فترة أكثر من شهر قال بأن الوضع الامني بجزين هادئ وأنه سيدعو للانتخابات، بينما منذ أسبوعين وخلال مقابلة مع الإعلامي مارسيل غانم سئل المشنوق عن انتخابات جزين الفرعية وكان جوابه بأن الأسباب التي أدّت إلى التمديد للمجلس ما زالت موجودة، والوزارة ليست بوارد تنظيم انتخابات فرعية.
بناءً على ذلك بدأنا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لتوعية الناس على ضرورة إجراء انتخابات جزين وضرورة إنهاء الشغور في مقعدها النيابي، فمن حق أهالي جزين التعبير عن رأيهم وعلى وزير الداخلية أن يطبق القانون".

خطوات متبعة
ومن الخطوات المتبعة للوصول إلى أهداف الحملة بدأت الجمعية حملتها على مواقع التواصل الاجتماعي، عبر نشر "بوستات" ومعلومات عن انتخابات جزين الفرعية وأحقيتها، وتسليط الضوء على لامنطقية تأجيلها، بالإضافة إلى إجراء نشاطات داخل جزين واستطلاع آراء أهلها "لنطالب، معهم وعبرهم، وزارة الداخلية بدعوة الهيئات الناخبة في جزين بأسرع وقت".
تشير نصار إلى أن "أغلب أهالي جزين، الذين تمت مقابلتهم خلال الحملة، هم مؤيدون للانتخابات، ويرون بأن ذريعة الوضع الأمني مضحكة ولا منطقية كونهم يعيشون بمنطقة هادئة".

خطوات تصعيدية
تتوقّع "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" أن تثمر جهودها بتحريك الرأي العام في لبنان بشكل عام وفي جزين بشكل خاص، وأن تتجاوب وزارة الداخلية مع حملتها وتبدأ بتنظيم الانتخابات الفرعية، وتتمنى على الأحزاب السياسية أن تلعب دوراً أيضا في تسليط الضوء على الحاجة الملحة لإنهاء الشغور في المقعد الجزيني، كون الأسباب سياسية. 
أما في حال عدم التجاوب فللجمعية خطواتها السلمية التصعيدية "عبر وسائل الاعلام والتظاهر لتحقيق هذا المطلب القانوني والحقوقي البحت، والتحرك في جزين والتظاهر باتجاه وزارة الداخلية".

مسألة استنساب
ومن جهةٍ قانونية يؤكد النائب غسان مخيبر بدوره لـ"صدى البلد" بأن القانون لا يسمح "قطعاً" بمثل الشغور القائم منذ عدة شهور في المقعد الجزيني، وهو "حالة مخالفة لقانون الانتخابات، ولا رأي قانونيا مخالفٌ".
"إذ أن هناك مسألة استنساب ذات طابع سياسي وهذا الاستنساب مخالف للقانون، وإن كان يُفهم أنه في حال وفاة الزميل ميشال الحلو، ألا تجرى انتخابات فرعية في جزين، لان انتهاء الولاية كان ما دون الستة أشهر وبعد إقرار مجلس النواب لقانون التمديد باتت هذه الولاية أطول، وبالتالي على الإدارة ووزارة الداخلية حتماً أن تنظما انتخابات".

مخالفة صريحة
موضحاً بأنه "حتى في الانتخابات العامة لم يكن الظرف الأمني يحدّ من تنظيم انتخابات، فكان الأحرى في منطقة آمنة مثل جزين أن تنظم الانتخابات الفرعية، لأن الاستمرار بالشغور هو استمرار بمخالفة القانون بشكل واضح وصريح، ولا يحمل اللبس".
.