ماإن بزغ فجر ثلاثاء حلب، حتى بدأت التنسيقيات بنشر أخبار تفيد بتحرير تلة الميسات، المطلة على دوار البريج شمال شرق المدينة.

ولم تكتفِ الأخبار بذكر أن (تلة الميسات) قد تحررت من قبضة النظام، حيث توالت الأخبار حتى وصل عدد قتلى النظام إلى 35 عنصراً (بحسب مواقع التواصل الاجتماعي)، بينهم ضابط يقود العمليات، وأسر 14 عنصراً أخرين من القوات التي بدأت تتقهقر على جبهة البريج.

يقول الناشطون "إن الثوار في الأونة الآخيرة اتبعوا أسلوب مغاير للذي كانوا ينتهجونها في عملياتهم الهجومية، مما جعلهم أكثر ثقة وثباتاَ، حيث تميز هذا الأسلوب بإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف مقاتلي النظام من خلال عمليات خاطفة تعود بنتائج كبيرة".

أسلوب العمليات الخاطفة أوجع قوات النظام المنهكة أساساً من معارك هذا المحور، الذي يطلق عليه الناشطون " محور الموت".

تقدم الثوار في حلب، تزامن مع انسحاب تنظيم داعش من كوباني عين العرب، وتزامن أيضاً مع ترتيب الثوار لصفوفهم في قيادة واحدة (الجبهة الشامية)، حيث بدت هذه الجبهة أكثر تماسكاً من التجمعات السابقة التي سعى إليها الثوار وفشلت في معظمها، كما أن قرارها بدا أكثر قوة من أي تجمع أخر، سيما احتوائها للقتال الذي اشتعل في ريف حلب بين حركة حزم وجبهة النصرة، وانتهى بقرار من الجبهة بضم (حركة حزم) إليها، ومطالبة (جبهة النصرة) بالرجوع إلى قيادتها لحل اي نزاع، وهو ماقبلته النصرة.

ويعتبر تقدم الثوار في حلب خلال الفترة الأخيرة مؤشرا على عدم تأثر الفصائل بمشاكل الثوار الداخلية، حتى أن الهدوء يغلب على أي فساد كان يدور في القرى المحررة من قبل بعض الفصائل، وكل شيء يبدو على مايرام مقارنةً بالأشهر التي شهدت فيها حلب معارك بين النظام والثوار، وكذلك بين الثوار وداعش.

ولكن استمرار هدوء جبهات ريف حلب الشمالي لم يعد مضموناً بحسب قياديين عسكريين، بعد محاولة تنظيم داعش اقتحام بلدات هناك، إلا أن المعطيات لاتؤشر على مواجهات كبيرة ومباشرة مع ثوار ريف حلب الشمالي، حيث أن التنظيم وفي أوج قوته، لم يستطع دخول هذا الريف قبل عام من الآن، فكيف يحاول وقد انهكت قوات التحالف ومعارك كوباني قوته.

في ريف حلب الشرقي الذي تتواجد فيه داعش بقوة، كانت أورينت نت قد نشرت تباين الآراء والتكهنات باحتمال انسحاب تنظيم الدولة من ريف حلب الشرقي نحو الرقة بعد عدة وقائع شهدتها هذه المناطق منذ شهر وحتى اليوم، فقسم يرى أن انسحاب التنظيم بات قريباً بسبب ضعفه وتشتته، معللين ذلك من وجهة نظرهم أن تركيز التنظيم على جبهة واحدة أفضل من توزيع القوة على أكثر من منطقة.

على الصعيد السياسي، يعود المبعوث الدولي إلى سورية، (ستيفان دي ميستورا)، بأطروحته "تجميد النزاع في حلب"، حيث يؤكد أن الأطروحة لاتزال تمثل "الاقتراح الوحيد" المطروح على الطاولة من أجل تجميد النزاع و"وقف العنف": "لعله يكون أساسا إذا نُفِّذ لتفاهمات أخرى".

ويبدو أن (ديمستورا) يعود دائماً بأطروحته، حينما يتأخر النظام أو يتراجع في حلب ، ومايعزز ذلك هو مداخلته أم النواب الأوروبيين، حيث أصرّ على وجوب ألا تدمر حلب مثل ماحدث في مدينة حمص حيث دمرت بالكامل.. وكأن المبعوث يشير أنه في حال سيطر الثوار على المحافظة الثانية في سورية فإن الأحياء المتبقية ستتعرض لدمار كبير على غرار الأحياء الشرقية جراء قصف الأسد لها، أو أن المبعوث الدولي يجهل مدى الدمار الحاصل في حلب!

صحيفة السفير المحسوبة على النظام نقلت أمس عن مسؤول سوري حمَل الأتراك "مسؤولية أي فشل" يمكن أن تتعرض له مهمة المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، معتبراً أن الجانب التركي ما زال يشكل "العقدة الأكثر ضرراً في مشروع التسوية السورية ومشروع مكافحة الإرهاب الدولي"في مؤشر على الوضع الحرج الذي يعيشه النظام في حلب، ومحاولاته إحياء خطة (ديمستورا).

ذات الصحيفة قالت قبل حوالي الشهر، إن النظام لم يعد يرغب بشخص دي مستورا، وأنه أبلغه " سيكون من الأجدى تأجيل موعد زيارتك"، جاء ذلك بعد أن طلب ديمستورا موعداً لزيارة دمشق من أجل استكمال محادثاته مع نظام الأسد، وذلك بعد فشل مبعوثه ونائبه السفير رمزي رمزي في إحراز أي تقدم في الاتفاق على تفاصيل وكيفية أفكار البعثة حيال مشروع تجميد القتال في حلب.

مابين الشق الميداني العسكري والشق السياسي، يلوح سيناريو آخر في حلب، متطور عن الذي شهدناه منذ عامين حينما تحرر الريف الشمالي، خصوصاً أن مسألةاستعادة النظام للريف الشمالي والأحياء الشرقية في حلب باتت بالفكرة المستحيلة!     المصدر: اورينت نت الكاتب : محمد عزيزي