بعد غارة القنيطرة واستشهاد قادة في الحزب والمقاومة أصبح من المناسب الردّ على العدو الذي أمتهن العدوان على حزب الله في سورية ويؤيّد الردّ السريع متسرعون كثيرون من المؤمنيين بعدالة الردّ رغم ما للردّ من ردود لا قدرة لجمهور المقاومة على تحملها في مرحلة حرجة جداً وعصيبة سياسياً واقتصادياً وأمنيّاً واجتماعيّاً بحيث يعاني النسيج اللبناني من تمزقات طائفية ومذهبية تنتظر بفارغ الصبر الفرص السانحة للتعبير وبشراسة أكثر عن التصدّع في التركيبة اللبنانية .

ان لحظة الانفعال والاندفاع تجاه عاطفة صادقة تدفع بقيادة الحزب التمهل والاستمهال ريثما تمضي غصّة الغضب وموجتها الجارفة لعقل يبقى مسؤولاً عن بلد وشعب مهما كانت الخسارة فادحة ولكن هناك امكانيّة دائمة لتعويضها بآخرين .

البعض يعيب على الآخرين من دول وأحزاب مقاومة استخدام كلمات ممجوجة منذ نشؤ الكيان الاسرائيلي مثل الاحتفاظ بحق الردّ على العدوان في المكان والزمان المناسبين في حين أنها تعبّر وفي أوضاع كثيرة عن دبلوماسية سياسية استراتيجية تنقذ البلاد والعباد من حروب مدمرة واذا ما قارنا بين عمل عسكري استهدف نخبة من المجاهدين أو المناضلين وتطلب الأمر التوقف عند حمل جثماين الشهداء والردّ على عمل عسكري سيؤدي الى قيام حرب ضروس تأكل الأخضر واليابس فأيّهما نختار ؟ فقهاء المسلمين المعتبرين من السنة والشيعة أختاروا التوقف عند حدود الجريمة الصغيرة وعدم الدخول في آتون المحارق الكبيرة لأن سلامة العامة منقبة للخاصة . كما أن منطق المقاومة نفسها دلّ على مروحة من الخيّارات  الناجعة على عدوان عدو طالما أن الطرق لايذائه مفتوحة وفي طرق شتى وعناوين مختلفة .

في ظروف كثيرة تصبح مقولة الردّ المناسب من أهم ما جاء في كُتب التجربة السياسية ولو لم تكن موجودة في القاموس السياسي لوجب وجودها طالما ميزان القوّة راجح لصالح الباطل .

واذا تماشينا مع المندفعين والمطالبين بحق الردّ السريع ودارت حرب مع اسرائيل فما هي النتائج التي سنحصدها ؟ وهنا لن أتكلم عن حجم المعاناة لشعب يمشي على حافة الفقر ولن أسرد قصصاً اجتماعيّة ولكن سأتكلم في السياسة .. فالحرب اذا ما اندلعت فهي لصالح داعش في لبنان والمنطقة لأن الحرب نفسها اضافة الى نتائجها لن تكون لصالح خيارات غيرداعشية وبالتالي سيصيب لبنان فوضى الأمن وستخرج الأسلحة النائمة من كل حيّ وشارع وساعتئذ من هو القادر على الامساك بورقة الأمن في ظل نيران متصاعدة في الداخل والخارج .

 نحن أمام خيارين لا ثالث لهما و يبدو الأول أسهل وأقوى والثاني أصعب وأسوأ ولنا في التجربة والانتظار أسوة بما مضى من حكمة الرد المناسب في الزمان والمكان المناسبين .