منذ عام 2008 وحتى تاريخه، سلسلة من الإنتفاضات المتلاحقة وأعمال الشغب وحالات التمرّد التي شهدها سجن رومية، لا سيّما المبنى "ب" الذي صار علماً بذاته نظراً لاحتوائه الموقوفين الاسلاميين، ومعظمهم ممن ارتكبوا جرائم إرهابية، وكانوا يصلون إليه منذ مطلع العام 2000 مع توقيف أعداد كبيرة ممن اعتدوا على الجيش في كفرحبو في جرود الضنية.

 

 

أبرز الإنتفاضات في هذا الإطار كانت في 24 نيسان 2008، حيث حصلت عملية شغب في مبنى المحكومين، استمرت نحو 9 ساعات، أحرق خلالها السجناء فرشهم والأغطية وأسروا عريفاً و5 مجندين من قوى الامن.

 

منذ حينه توالت حوادث الشغب والتمرد في مباني السجن، وحصلت حوادث فرار ومحاولات فرار من المبنى "ب" على اثر التمرد اولها كان فرار الموقوف السوري طه احمد حاجي سليمان وهو من "فتح الاسلام" من المبنى "ب".

 

وفي صباح 18 ايلول 2009، ألقت القوى الامنية القبض على سبعة سجناء آخرين من المنظمة عينها حاولوا الفرار بعدما ربطوا أغطية ببعضها على شكل حبال ووصلوها من الطبقة الثالثة من مبنى المحكومين الى باحة السجن الرئيسة، بعدما قطعوا حديد نافذة المبنى بنصلة منشار حديد.

 

وصبيحة 22 تشرين الثاني 2010 (وكان يوم عيد الأضحى) فر السجين وليد البستاني، فيما باءت بالفشل محاولة زميله السوري منجد الفحام اللحاق به. وبيّنت التحقيقات في حينه تورط مجند في قوى الامن في تسهيل عملية الهرب.

 

في مطلع نيسان من العام 2011 بدأ السجناء تمرداً واسعاً ضد ما اعتبروه إجراءات انتقامية قام بها ضدهم ضابطان من قوى الأمن الداخلي في بداية احتجاجهم على سوء المعاملة. استمر التمرد ثلاثة أيام ما بين 5 نيسان و8 منه، أشعل السجناء في أثنائها حرائق في المبنى ودمروا بعض محتوياته، فقتل السجين روي عازار في انفجار قنبلة صوتية حاولوا رميها على عناصر القوة الأمنية أثناء قيامها بعملية دهم السجن لإنهاء التمرد. أما السجين جميل أبو غني فقضى بأزمة قلبية حادة في نهاية عملية الدهم.

 

ليل 13 آب 2011، نشر خمسة سجناء في المبنى "ب" حديد شباك زنزانتهم، وخرجوا منها تباعاً هابطين بواسطة شراشف موصولة إلى باحة السجن الخارجية، ثم اندسوا بين الزوار وفروا. ثلاثة منهم ينتمون إلى "فتح الإسلام"، هم السوريان عبدالله سعد الدين الشكري وعبد العزيز أحمد المصري، واللبناني عبد الناصر سنجر. أما الآخران فهما موقوف سوداني وآخر كويتي من تنظيم "القاعدة" يدعى "أبو طلحة". لكن الفضيحة تجلت في أن فرار السجناء الثلاثة جرى بالتواطؤ مع عناصر أمنية، وفي أن كاميرات المراقبة في السجن معطلة منذ العام 2010.

 

في 19 كانون الثاني 2012 اوقفت القوى الامنية امرأة حاولت إدخال أجهزة هاتف خليوية في وجبة طعام تحملها لابنها السجين. ما أن علم الابن بتوقيف أمه، حتى عمد مع رفاقه السجناء إلى إثارة شغب في السجن.

 

في 1 تشرين الثاني 2012 أحبط رجال الأمن محاولة فرار سجناء من "فتح الإسلام"، بعد ضبطهم شادوراً نسائياً وحبالا في إحدى قواويش السجن.

 

في 13 كانون الأول، أحبطت قوى الأمن محاولة فرار جماعية لعشرين موقوفاً من "فتح الإسلام"، قاموا بقطع حديد نوافد مشغل السجن.

 

وفي 23 من الشهر عينه حدث تململ بين سجناء مبنى المحكومين، بعد تلقيهم أوامر بنقلهم إلى مبنى آخر.

 

في 2 كانون الثاني 2013، وقعت أعمال شغب وإحراق فرش وأغطية في المبنى "ب" احتجاجاً على انقطاع المياه، وقام سجناء بخطف عسكريين من الحراس، ثم أطلقوا سراحهم.

 

لكن المريب كان الانتحار المشبوه للسجين الفلسطيني في المبنى "ب" غسان قندقلي الذي قيل إنه شنق نفسه بوشاح من الصوف في المرحاض، في 17 كانون الثاني الماضي. في حين ساد اعتقاد قوي بأن قندقلي تم شنقه، وربط معنيون بين الامر وبين إحباط قوى الأمن في 21 من الشهر نفسه، عملية فرار جماعي لإسلاميين في المبنى "ب" بعدما خططوا طوال ثلاثة أشهر للعملية، وشاع في حينه أن خلية أو حلقة من السجناء الإسلاميين أجرت محاكمة لقندقلي بعدما وجهت إليه تهمة الاغتصاب والقتل، وحكمت عليه بالإعدام ونفذته شنقاً في المرحاض.

 

في 5 /12 /2014 اعلنت شعبة العلاقات العامة في قوى الامن الداخلي أن عدداً من سجناء مبنى المحكومين في رومية قاموا بأعمال شغب، فعمدوا الى افتعال الحرائق وخلع بعض الابواب الداخلية، احتجاجاً على التفتيشات الفجائية والاجراءات الامنية التي تنفذها العناصر المولجة حراسة السجن، الامر الذي استدعى تدخل قوة من قوى الامن الداخلي لفرض الامن والنظام.

 

ما حصل أمس ربما يعيد الى الاذهان واقعة الكتاب الذي كان وجهه المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي في 27 آب من العام 2010 إلى مجلس الوزراء يحذر فيه من احتمال "انفجار" كبير في سجن رومية.

 

الكتاب الذي استند إلى تقرير، وتم تنفيذ محتوى مقترحه أمس بعد حوالى 5 سنوات، كان اشار إلى الخطر المتفاقم الناجم عن عدم احالة عدد كبير من الموقوفين الاسلاميين إلى المحاكمة، وعن عدم توزيعهم وعزلهم، ما دامت التوجهات إياها تجمع بينهم وتشكل خطراً عليهم وعلى سواهم من السجناء. واعترف الامنيون، وفقاً للتقرير، بأن الفساد اصاب الجسم الامني في السجن، مما سهل حصول السجناء على الهواتف الخليوية والحبوب المخدرة، وغيرها من الادوات التي تمكّنهم من الفرار.

 

(عباس صالح)