صحيح أن الفساد ليس جديدا على اللبنانيين فروائح الفضائح تفوح من كل درج من ادراج كل مؤسسة من مؤسسات الدولة اللبنانية فأي معاملة في اي دائرة لا يكتب لها أن تبصر النور دون وقوع صاحبها رهينة للابتزاز لدفع الرشوة المناسبة للموظف المعني بهذه المعاملة.و يتفاوت مقدار الرشوة تبعا لأهميتها ولمخالفتها للقانون. وأي مشروع حيوي في أي منطقة من المناطق اللبنانية لا يمكن ان يأخذ طريقه إلى التنفيذ فبل وقوعه في أيدي مافيا من المرتشين ومتخصصة في علم الصفقات والسمسرات ألتي تمكنها من إختراق المنافذ الخفية للقانون مما يحصنها من إي ملاحقة قانونية مهما توغلت في إهدار المال العام. ويكاد لا يمر يوم على المواطن دون الكشف عن صفقة او فضيحة او رشوة لدرجة ان الفساد اقترن بالإدارة العامة للدولة وبات على المواطن صاحب الحاجة الاستفسار عن قيمة الرشوة المتوجبة عليه للحصول على المعاملة ألتي يحتاجها ولا يسأل عن الضريبة القانونية لهذه المعاملة والتي قد لا تتجاوز طابعا اميريا بقيمة الف ليرة لبنانية فيما معظم الصفقات الكبيرة تتم بالعملة الصعبة وخصوصا الدولا الأخضر. إلا ان ما يقلق الشعب اللبناني اليوم وبكافة طرق انه الفقيرة والمتوسطة والغنية هو أن الفساد بلغ حدا من الرواج والاستفحال لدرجة انه تجاوز حدود المؤسسات الرسمية والادارات العامة ليطال المؤسسات الخاصة وخصوصا المؤسسات الغذائية من مطاعم وفنادق ومقاصف ومرابع ومؤسسات لصناعة الأغذية وغيرها. وقد كشفت الحملة ألتي يقودها ومنذ عدة أسابيع وزير الصحة النائب وائل أبو فاعور عن مدى الاستهتار بصحة المواطن ولقمة عيشه والاستخفاف بحياته لدرجة أن الفساد ثقافة ولغة يومية تتسرب إلى حياة المواطن يتناولها مع رغيف الخبز ومع شربة المياه وأصبح نهجا في الحياة العامة. وقد بلغ السيل الزبى خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزير وائل أبو فاعور خلال زيارته التفتيشية لمرفأ بيروت حيث قال ( هناك اماكن في المرفأ شبيهة بوليمة يومية للجرذان والقوارض. وغرف الصيانة في الداخل تعتبر بيئة مثلى لوجود الجرذان. أن اللبناني يتقاسم حبة القمح ولقمة الغذاء مع الجرذان... فهذه بيئة اسنة ومن الضروري محاسبة المسؤولين  ).. فالفساد الذي يطال مأكل ومشرب المواطن اللبناني ليس وليد ظروف عابرة او عهد من العهود او انه محصور في زاوية او ناحية او دائرة ويختص بنوع من المأكل او المشارب بل هو مزمن ويعود الى الأيام الأولى لتأسيس الإدارة. وهو نتيجة انحطاط مريع في الأخلاق والنفوس والعقول و التنشئة و البيئة. فهذه الفضائح وليدة مناخ فاسد يخيم فوق هذا البلد وينخر مؤسساته العامة والخاصة. ومحاربة هذا الفساد لا تتم بالكشف عنه والقاء الضوء عليه فقط بل بانتصاب ميزان العدل واعتماد مبدأ الثواب والعقاب والاقتصاص من المخالفين والفاسدين والمفسدين والمتاجرين بلقمة عيش المواطن. فلكم في القصاص حياة يا أولي الالباب