تحول الانقسام الفتحاوي ــ الفتحاوي بين القيادة المركزية للحركة في "رام الله" والقائد السابق للكفاح المسلح محمود عبد الحميد عيسى "اللينو" في عين الحلوة، إلى هاجس امني لبناني بامتياز. فأبدت السلطات الأمنية اللبنانية المعنية تخوفا ملحوظا من حصول عمل امني كبير يستهدف المخيم في حال وقع الانقسام الفتحاوي وتحولت إضاءة الشعلة المقررة غداً الخميس في احتفالين، إلى وقيعة أمنية، من خلال طابور خامس او دخول طرف ثالث على الخط لإحداث فتنة.

 

واستدعى هذا الوضع المريب واحتمالات الانفجار الامني الواسع في المخيم، تحركاً عاجلاً من قبل رئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور الذي طلب موعدا طارئاً من كل من النائبة بهية الحريري والامين العام لـ "التنظيم الشعبي الناصري" الدكتور اسامة سعد لم يكن مدرجا على جدول اللقاءات.

 

وعلم أن شحرور وضع الحريري وسعد في جو المعلومات الامنية المتوفرة لدى مخابرات الجيش عن مخطط امني يستهدف المخيم خلال الاحتفالين باضاءة الشعلة، مؤكداً أن هذه المخاطر جدية للغاية. وطالبهما باجراء الاتصالات السريعة مع قيادة "فتح" و"اللينو" لإلغاء الاحتفالين لان المعركة ستحصل بينهما. كما شدد شحرور أمام الحريري وسعد على ان ما لدى الجيش والمخابرات من معلومات ليس تهويلا إنما هو واقع. وقال: "نحن متخوفون من زعزعة امن المخيم عبر الاحتفالين الفتحاويين وهذه هي معلوماتنا". وأكد أن "الجيش لن يقف مكتوف الايدي في حال وقع أي خرق أمني، كما لن يسكت عن اي استهداف للجوار اللبناني، وقد يتدخل حتى داخل المخيم إذا وقعت الواقعة وتكرس الانقسام الفتحاوي".

 

وقد وعد كل من الحريري وسعد بالقيام بالاتصالات اللازمة لمنع تنفيذ المخطط الذي يستهدف المخيم.

 

وفي سياق متصل، جمع اجتماع أمني، عقد في مكتب العميد شحرور في ثكنة الجيش في صيدا، كلا من: قائد "الامن الوطني الفلسطيني" اللواء صبحي ابو عرب من جهة و"اللينو" من جهة ثانية بحضور الناطق الإعلامي باسم "عصبة الأنصار" ابو شريف عقل عن القياده الفلسطينية العليا في المخيم.

 

وقد وضع شحرور الوفد الفلسطيني، في الاجتماع الذي استمر لأكثر من ساعة ونصف الساعة، في أجواء المخاطر المحدقة بالمخيم في حال وقع الانقسام الفتحاوي.

 

وخاطب شحرور الوفد بالقول: "انقسام فتح يعني نهاية القضية وشطب قرار حق العودة، وتحول المخيم الى بؤرة امنية من خلال صراع عسكري مسلح لا احد يعرف من يدخل على مسرحه ولن يستفيد منه سوى العدو الإسرائيلي".

 

وقدم شحرور للطرفين الفتحاويين حلا يقضي بإلغاء الاحتفالين معا والاستعاضة عنهما بحفل استقبال موحد او منفصل، ولكن في القاعات المغلقة. كذلك قدم أمثلة على إلغاء احتفالات لبنانية بمناسبات مهمة، لا سيما منها إلغاء الرئيس نبيه بري احتفالا سنويا بذكرى تغييب الامام الصدر بسبب المخاطر الأمنية".

 

وختم شحرور كلامه متوجهاً إلى الوفد بالقول: "الكرة الآن في ملعبكم و.. اللهم اشهد اني قد بلغت".

 

وعُلم أيضا أن أبو شريف عقل كان مع جو التهدئة والاحتكام إلى العقل خوفا من تدخل طرف ثالث والقيام بما يربك الساحة الفلسطينية مستغلا الانقسام الحاصل. كذلك أخذ "اللينو" و"أبو عرب" هواجس العميد شحرور على محمل الجد ووعدا بالعودة كل الى مرجعيته لدرس الامر واتخاذ القرار المناسب.

 

وأكد اللينو لـ "السفير" انه استمع بإمعان لهواجس شحرور وقال: "نحن تحت سلطة القانون اللبناني ونحتكم الى رأي السلطات الامنية اللبنانية والى معلومات الجيش. ونحن على استعداد لالغاء احتفالنا باضاءة الشعلة والاستعاضة عنه بحفل استقبال، شرط أن تحذو قيادة فتح المركزية والسفير الفلسطيني الحذو نفسه". واعتبر أنه "اذا لم تلغِ القيادة المركزية احتفالها، فنحن ايضا ماضون في احتفالنا حتى الآن، وليتحمل الجميع مسؤولياته".

 

الا ان رد اللواء صبحي ابو عرب لـ "السفير"، مساء أمس، كان حاسما وجازما بأن فتح ماضية باضاءة الشعلة وباحتفالها كالمعتاد "ولن نلغي احتفالنا، نحن القيادة الام والسلطة والشرعية ولن يثنينا أي شيء". أضاف: "إنها حركة فتح، وشعلة فتح مضى عليها خمسون عاما ولن يبعدنا عنها أو يحول بيننا وبينها أي شيء". وشدد على ان "قيادة فتح قررت اضاءة الشعلة في المكان نفسه من دون أي تعديل أو التفاتة إلى الوراء". وأعرب عن تقديره "لحرص العميد شحرور وقيادة الجيش على الفلسطينيين وعلى الدم الفلسطيني".