من نافلة القول ان هناك مظلة دولية لتحييد لبنان عن الصراع الاقليمي وتجنيبه النار المشتعلة في دول الجوار وخصوصا في سوريا والعراق وبالتالي فإن هناك توافق ايراني سعودي على أبعاده عن تداعيات مشكلات المنطقة العربية. إلا ان هذا لا يعني بالضرورة وضع لبنان بكل ملفاته وازماته العالقة والمتراكمة في أولوية الاهتمامات الدولية والإقليمية. بل ربما ان بعض الأزمات الداخلية اللبنانية نشأت على خلفية صراعات إقليمية وجاءت نتيجة لاختلاف الرؤى بين المشروع الذي السعودية والمشروع المناوىء له والذي تقوده ايران في المنطقه حيث يرتفع لهيب هذه الحرب بين هذين في كل من سوريا والعراق ويتطاير شررها في دول الجوار.

ويأتي موضوع انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية كواحد من تداعيات الصراع الاقليمي السعودي الإيراني. والخلاف ليس على اسم الرئيس الجديد للبنان بقدر ماهو اختلاف على شكل لبنان الذي يقوده هذا الرئيس وموقعه في الترتيبات التي يتم التحضير لها في المنطقه. فإذا كان هناك توافق دولي إقليمي على أبعاد شبح الحروب الأهلية عن لبنان إلا ان هذا لا يجنبه إمكانية استخدامه كورقة قوية في المساومات او المفاوضات القادمة على المنطقة.

من هنا جاء الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل استكمالا للمشهد السياسي الذي بدت ملامحه ترتسم في الافق اللبناني دون أن تحمل ريشة الفنان الإيراني الذي يساهم بشكل اساسي وكبير في رسم هذا المشهد أي آمال يحلم بها اللبنانيون بإمكانية إنجاز ملف الاستحقاق الرئاسي وانهاء شغور كرسي الرئاسة في قصر بعبدا الذي قارب الثمانية شهور. فالحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل برعاية الرئيس بري ومباركة النائب وليد جنبلاط.

والحوار الثنائي الآخر الذي لم يبدأ بعد بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع وقد يبدأ في القادم من الايام. فهذا الحوار قد ينجح في الحد من التوترات والتشنجات السياسية والمذهبية ووقف الحملات الإعلامية المتبادلة والتصريحات المتشددة والخطب المتشددة تنظيما للخلاف لأن الجميع يحرصون على استمرار الاستقرار والامن في البلد لكنه قد لا ينجح في المدى المنظور في الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية. فاصرار حزب الله على ضم لبنان الى المحور الإيراني في صراعه الاقليمي هو الذي يساهم في تعطيل انتخاب الرئيس العتيد.

وما أكد دور حزب الله المعطل قول رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان عندما قال أن الحزب تيار فاعل في المنطقه أكثر من بعض الدول. ما استوجب ردا من تيار المستقبل معتبرا ذلك تقديما لدولة حزب الله على الدولة اللبنانية. فايران ترى إنه لا زال لحزب الله دورا أساسيا في الصراع الاقليمي.

وكل ما تفعله إيران اليوم هو تشجيع الحوار بين الأقطاب اللبنانيين ليس للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية ولا حتى للاتفاق على قانون جديد للانتخابات إنما لتنظيم خلافاتهم ليبقى لبنان مستقرا الى حين ينتهي الصراع في المنطقه بعد تحقيق تقارب سعودي إيراني ينتجه رئيسا للبنان كما أنتج حكومة الرئيس تمام سلام. فايران هي التي تقود المركب اللبناني......