نشر مركز كارنيغي للشرق الأوسط تقريرأ أعده رافاييل لوفيفر(باحث زائر) حول انتخاب جماعة الإخوان المسلمين في سورية قيادة جديدة لها، مفنداً البعد الداخلي التنظيمي والسوري، في هذه الانتخابات، والبعد الإقليمي والعربي، وتأثير وتأثـُّر الجماعة بالواقع العربي المستجد، منذ انطلاق الثورة السورية في العام 2011، وصولاً إلى أزمة العلاقات بين المملكة العربية وجماعة الإخوان المسلمين في مصر.

اتسم التقرير في معظم جوانبه بالموضوعية، وخاصة في مقاربة واقع العلاقات الإقليمية (التركية والإيرانية) والعربية (السعودية والإماراتية)، في حين أنه أوغل في توسيع دائرة البحث حول الصراعات الداخلية في جماعة الإخوان، وهي خلافات لا شك أن لها أثراً، لكن الجماعة منذ استعادتها وحدتها إثر الانقسام الشهير الذي قاده المراقب العام الأسبق عدنان سعد الدين، تمكنت من تجاوز الكثير من آثار الانقسام.

في تقييم الوضع الداخلي وموقع الشباب في الجماعة، كانت المقاربة قريبة من الواقع، مع نقص في تبيان أسباب بقاء الشباب خارج دائرة القرار، ولعل أهمها الشتات والصراع الدائم الذي حفلت به مسيرة الجماعة، الأمر الذي لم يتح لها المجال لإدخال عنصر الشباب الى مواقع القرار إلا بعد الثورة السورية وعودة التواصل بين الداخل والخارج في المناطق المحررة من سطوة النظام.

يتسم التقرير بأهمية خاصة، من حيث مضمونه ومن حيث توقيت نشره، لذلك وجدنا من المهم تقييمه ونشره ووضعه على طاولة النقاش والمتابعة، الأكاديمية والسياسية والإعلامية.

مقدمة

دلّ انتخاب قيادة الإخوان المسلمين للعام 2014 إلى أن هذه المجموعة الإسلامية تفتح صفحةً جديدة. لكن بعض أعضائها الشباب كانوا يرغبون في تغيير أكبر.

كانت جماعة الإخوان المسلمين السورية تعمل في السنوات الأخيرة على إعادة بناء نفوذها داخل سورية، بعد ثلاثين عاماً أمضتها في المنفى. وفي هذا السياق، تمت الإطلالة على انتخابات قيادة هذه الجماعة في العام 2014 على أنها اختبار أساسي عما إذا كان الإخوان قادرين على القيام بالتغييرات اللازمة لتوطيد منظمتهم وتعزيز دورها في البلاد.

نص التقرير

مع أن جماعة الإخوان غالباً ماتوصف بأنها إحدى القوى الأكثر فعالية ضمن المعارضة السورية في المنفى، إلا أنها شهدت انقسامات في صفوفها. فقد أتمّ زعيم الجماعة السابق، محمد رياض الشقفة، ولايته البالغة أربع سنوات في صيف العام 2014، حاصداً مستويات متدنّية من الشعبية في صفوف قاعدة الإخوان، التي ألقت اللوم عليه بسبب فشله في تحويل الجماعة إلى لاعب سياسي وعسكري متّسق، من بين أمور أخرى.

في ظل تصاعد المطالب الداخلية بالتغيير، دعا قادة الإخوان في خريف العام 2014 إلى إجراء انتخابات مجلس الشورى، وهو الهيئة العليا لصنع القرار في الجماعة، ثم انتَخب أعضاءُ هذا المجلس الجدد قادة المنظمة كلها. ومع القرار الذي صدر في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أطلق مجلس الشورى رسالة واضحة مفادها أن جماعة الإخوان بدأت أخيراً بكتابة فصل جديد في تاريخها.

تم اختيار محمد حكمت وليد، وهو شاعر وجرّاح عيون من اللاذقية يبلغ السبعين تلقّى تعليمه في المملكة المتحدة، ليكون المراقب العام الجديد لجماعة الإخوان السورية. كما عُيّن منافسه الرئيس لهذا المنصب، حسام الغضبان، وهو مهندس كمبيوتر في الأربعينيات من ضواحي دمشق، نائباً له. على خلاف زعماء الجماعة السابقين، ليس لدى وليد تاريخ من العنف في ثمانينيات القرن المنصرم، كما أنه يتقن اللغة الإنكليزية. أما غضبان، فسيكون أحد أصغر الأشخاص الذين تولّوا منصب نائب المراقب العام في تاريخ الجماعة. ولايتحدّر أي منهما من حلب أو حماه، مركزَي القوة التقليديين في جماعة الإخوان السورية.

مع ذلك، يرى بعض أعضاء الجماعة أن هذين الخيارين لايُعتبران مؤشّراً قويّاً على التغيير. فقد توقّع كثيرون تعيين مُصلِح أصغر سنّاً يتحلّى بالكاريزما ويكون ملتزماً بتغيير جماعة الإخوان من الداخل، من خلال توفير مزيدٍ من الشفافية في عملية صنع القرار، وتعزيز دور الشباب في جميع مستويات المنظمة. لكن، وعلى الرغم من أن الانتخابات لم تشكّل ربما الثورة التي كان هؤلاء الأعضاء يأملون بها، إلّا أنها تشي بعددٍ من التحولات المهمة داخل الجماعة.

ميزان قوى جديد

بعد فترة وجيزة من صدور نتائج انتخابات القيادة، أعرب مسؤولون في جماعة الإخوان عن رضاهم لأن الانتخابات خيضت على مستوى الأفكار، وبين برامج انتخابية متنافسة. لكن الانقسامات الجهوية كانت بالأهمية نفسها على الأقل في خلق حالة استقطاب الجماعة وفي تقرير مصير الانتخابات.

معروفٌ أنّ جناحَي حماه وحلب في جماعة الإخوان يتنافسان منذ الثمانينيات. وفي العام 2010، أدّت انتخابات مجلس الشورى إلى فوز تكتّل حماه، الذي يتضمّن أيضاً شخصيات من محافظة إدلب، ومدينة دير الزور في شرق سورية. وهذا مامهّد الطريق لاحقاً إلى تسمية الشقفة، رجل حماه القوي، مراقباً عامّاً. غيّرت انتخابات مجلس الشورى الأخيرة ميزان القوى الحالي: فالهيئة الراهنة تتكوّن من عددٍ متساوٍ تقريباً من شخصيات تكتّلَي حلب وحماه، إضافةً إلى أقلية من الإخوان المسلمين المحايدين.

تجسّد هذا التنافس الجهوي أيضاً خلال السباق على المنصب الأعلى في جماعة الإخوان. فقد رشّح تكتّل حلب بدايةً المنظّر الإيديولوجي الحلبي زهير سالم، إلّا أنه سحب ترشيحه لصالح الغضبان الذي كان يشغل منصب رئيس مكتب الشباب في جماعة الإخوان، والذي اعتُبر مرشّحاً أقوى. يتحدّر الغضبان من ضواحي دمشق، لكنه عاش في العقد الأخير في الأردن حيث لجأ العديد من الإخوان بعد حظر الجماعة في العام 1982 عقب صدامات دموية مريرة مع نظام حافظ الأسد.

وخلال الفترة التي أمضاها الغضبان في الأردن، أبرم صداقات مع شخصيات بارزة من إخوان حلب الذين يعيشون في المنفى. أما وليد من جهته، فقد انتُخب بفضل أصوات تكتّل حماه الذي لم تتفق شخصياته على اسم من داخل صفوفها. هذا كلّه يشي بأن أهمية التنافس الجهوي داخل المجموعة مستمرّة.

على الرغم من هذه الديناميكية، من غير المرجّح أن يكون لقادة الإخوان الجدد مؤيدوهم في "معسكراتهم الجهوية" الخاصة. ففي أوساط الإخوان، وليد معروف بمهاراته الدبلوماسية وشخصيته التوافقية – أي أنه سيبذل قصارى جهده لتجنّب نشوب النزاعات الداخلية (..) كما أن علاقة العمل الجيدة التي تجمع وليد مع علي صدر الدين البيانوني من حلب، الذي شغل منصب المراقب العام للجماعة بين عامَي 1996 و2010 وانتُخب للتو رئيس مجلس الشورى، ستكون حاسمة في وضع الخلافات الداخلية جانباً والتركيز على التحديات الكبرى التي تنتظر الجماعة.

الشباب بين الأمل والخيبة

أحد التحديات التي تواجهها جماعة الإخوان في سورية هو تجديد الأجيال الذي ينبغي أن تخوضه إذا ما أرادت أن تبقى قوة سياسية مهمة في المعارضة السورية.

حتى وقت قريب، كانت المجموعة تتألف بشكلٍ أساسي من متشدّدين إسلاميين في الستين من عمرهم على الأقل، غادروا سورية خلال القمع في الثمانينيات. لكن انتفاضة العام 2011 في سورية غيّرت المعادلة وجذبت العديد من الشباب إلى قاعدة الجماعة. وهكذا، أُنشئ مكتب للشباب كُلّف بعقد مؤتمر كبير في اسطنبول في كانون الأول/ديسمبر 2012، جمع مئات الشباب المتعاطفين مع الإخوان. وقد بدأ الشباب بالانتظام على شكل لوبي، دافعين قدامى أعضاء الجماعة إلى البدء بإجراء إصلاحات وإفساح مجال أكبر أمام الشباب لتولّي مناصب قيادية. ولذا، من غير المستغرب أن يشكّل انتخاب وليد خيبة أمل كبيرة للكثير من الإخوان الشباب.

لكن يبدو أن الزعيم الجديد يدرك أن مهمته الداخلية الأولى تكمن في إبقاء الشباب في فلك جماعة الإخوان، من خلال منحهم مناصب كبرى وتوجيههم نحو مستقبل باهر داخل الجماعة. ففي كلمته الأولى بعد انتخابه، شدّد وليد على أهمية تعزيز دور الشباب في المنظمة. لكن صدقيته سوف تعتمد إلى حدٍّ كبير على عدد الصلاحيات التي سينقلها إلى نائبه حسام الغضبان.

تشير شخصية مقرّبة من المراقب العام الجديد إلى أن الاثنين قد يتقاسمان الأدوار وفقاً لنموذج علاقة الرئيس التنفيذي/مدير العمليات – إذ يحدّد وليد المزاج العام ويتيح للغضبان مجالاً للتحرّك وتطبيق القرارات على الأرض. فقد قال هذا الشخص المقرّب من وليد: "ستكون هذه مرحلة انتقالية تسعى إلى تدريب جيل جديد من القادة". ولم يستبعد احتمال أن يشغل الغضبان منصب المراقب العام بعد أربعة أعوام. فقد بدا بالفعل أنه شخصية تحظى بتواجد واسع على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لجماعة الإخوان.

تغيير أم مراوحة؟

على الصعيد الإيديولوجي، من المستبعد أن يؤدّي انتخاب وليد إلى تغييرات مهمة في موقف جماعة الإخوان المسلمين السورية. فبعد عقود أمضاها قادة الجماعة في مقاتلة نظام الأسد، تخلّوا عن العنف في العام 2004. كما تعهّدوا بنبذ الطائفية، واحترام حقوق الأقليات، والعمل مع القطاعات الأخرى في المجتمع السوري من أجل الحثّ على تغيير النظام بطريقة تشمل كل هذه القطاعات. ويُذكَر أن وليد كان داعماً لاعتدال الجماعة منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، وقد كوفئ التزامه الراسخ بهذه الأجندة في وقت سابق من العام 2014 عندما انتُخِب رئيساً لحزب وعد، وهو حزب سياسي معتدل ومستقل مبدئياً يضمّ إخواناً مسلمين وإسلاميين مستقلين وبعض السنّة العلمانيين، وحتى بعض المسيحيين والعلويين.

ويتوقَّع أن يواصل وليد، في منصبه الجديد، الدفاع عن فوائد تحوّل جماعة الإخوان إلى الوسطية.

وكان بيانٌ أصدره مجلس الشورى بعيد انتخاب وليد قد تضمّن أيضاً رسالة تشي بالاستمرارية. إذ شدّد أعضاء المجلس في البيان على نبذهم التطرّف، الذي وصفوه بأنه "عدو الإسلام". لكنهم طلبوا أيضاً من التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية بقيادة الولايات المتحدة، التركيز على ما أسموه إرهاب الرئيس السوري بشار الأسد. فضلاً عن ذلك، دعوا المجتمع الدولي إلى تزويد الثوار السوريين بأسلحة عالية الجودة – أي أسلحة متطوّرة مضادة للدبابات والطائرات – وهو مطلب يتماشى مع مواقف كانت قيادة الجماعة عبّرت عنها في الماضي.

بيد أن أي نقاش عن الاستمرارية الإيديولوجية يحجب الجدل المحتدم في صفوف الجماعة حول الخطوات التالية التي يجب أن تقوم بها. وعلى الرغم من بعض النجاح الذي حقّقته الجماعة في مجال الأعمال الخيرية والإغاثة الإنسانية، إلا أنها فشلت في بعض مبادراتها الأخرى.

ويسلّط انتخاب وليد الضوء بشكل خاص على المشاكل البنيوية التي واجهها حزب وعد منذ البداية في فصل العمل السياسي لجماعة الإخوان عن أنشطته الأخرى. فالحزب المعروف باسم وعد، وهو مختصر اسمه الرسمي، "الحزب الوطني للعدالة والدستور"، أُسِّس في العام 2013 ليكون جزءاً من عملية انتقالية ديمقراطية في سورية، كما أمِلَت جماعة الإخوان. إلا أن ثمة ارتياباً كبيراً الآن من أن الحزب لطالما عمل بصفته مجرد ذراع سياسية للجماعة.

استقال وليد من الحزب ليصبح المراقب العام لجماعة الإخوان، مُصِرّاً أن وعد ليس "غطاءً" لأنشطة الجماعة، بل هو "مستقل تماماً". وسيكون على قائد الجماعة الجديد الآن أن يختار إما منح وعد الاستقلالية التامة – الأمر الذي يعني أن الإخوان سيضطّرون إلى ترك السياسة كلياً للحزب، والتركيز عوضاً عن ذلك على أنشطة أخرى مثل الدعوة والإحسان – أو التخلّي عن الفكرة برمّتها ودفن الحزب بصمت.

كما يمكن أن يؤثّر اختيار وليد والغضبان على مجال آخر هو مجال العمل العسكري. فخلافاً للتقليد، لايمتلك أي من الرجلين خلفية عسكرية، ويمكنهما مراجعة سياسة التنظيم المتعلّقة بدعم هيئة دروع الثورة، وهي مجموعة من الكتائب الثورية صغيرة ومتوسطة الحجم تتعاطف مع جماعة الإخوان، وتُعَدّ نافذةً بشكل خاص في محور حمص-حلب في الجزء الشمالي الغربي من البلاد.

والواقع أن دعم الدروع أثار جدلاً حول دور الجماعة في القتال، كما كلّف الإخوان مبالغ طائلة، إلا أنه فشل في تحقيق نتائج سياسية وعسكرية ملموسة. ويشير بعض الأشخاص الذين تربطهم علاقات وثيقة بقائدَي الإخوان الجديدَين إلى أنهما بدآ بعقد سلسلة من ورش العمل مع قاعدة الجماعة، ولاسيما الشباب، ومع أطراف من خارج جماعة الإخوان، ترمي إلى تقييم الأخطاء السابقة وتحديد مسار عمل جديد.

البعد الإقليمي

على الصعيد الإقليمي، يُرجَّح أن يعزّز انتخاب وليد نفوذ تركيا على معارضةٍ سوريةٍ منقسمةٍ بين مناصرين لقطر والسعودية. فالمراقب العام الجديدشكَرَ في ملاحظاته الأولى "الشعب [التركي] الشقيق والصديق"، وأشاد بـ"القيادة الحكيمة" للبلاد ودعم تركيا للثورة السورية. وقد ارتبط وليد، بصفته رئيساً لحزب الوعد الذي يقترب برنامجه السياسي من الناحية الإيديولوجية من برنامج حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، بعلاقات وثيقة مع السلطات التركية التي قدّمت دعماً كبيراً للمعارضة السورية. ويُتوقَّع أن تتوطّد هذه العلاقة أكثر الآن وقد أصبح وليد القائد الجديد لجماعة الإخوان.

لكن في الوقت نفسه، يقوم القائدان الجديدان للجماعة بكل ما في وسعهما للحفاظ على الهدنة مع السعودية، وهي هدنة أعفت الجماعة من المعاملة القاسيةالتي تلقّتها جماعات إسلامية أخرى في المنطقة من المملكة. وفي آذار/مارس 2013، حين صنّفت المملكة جماعة الإخوان المسلمين على أنها منظمة إرهابية، أبلغ صانعو السياسات السعوديون قادة فرع الجماعة السوري بأن هذه الخطوة لن تؤثّر عليهم تأثيراً مباشراً.

 ويُذكَر أن وليد أقام في السعودية لمدة طويلة ومارس الطب في عيادة في جدة قبل أن ينتقل مؤخّراً إلى اسطنبول التي قصدها ليكون قادراً على الانخراط في الأنشطة السياسية بشكل أفضل. وهو بالتالي يفهم عقلية المملكة بشكل جيد، ويعرف ما الخطوط الحمراء التي لايجوز أن تتخطّاها جماعة الإخوان.

كما أن الغضبان، الذي خصّص ملاحظاته الأولى بصفته نائب المراقب العام للتطرّق إلى تصنيف الإمارات العربية المتحدة الأخير لـ83 مؤسسة خيرية إسلامية وحزب سياسي باعتبارها منظمات إرهابية، وصَفَ خطوة الإمارات بأنها متسرّعة، إلا أنه امتنع عن انتقادها علانية. بدلاً من ذلك، أصرّ على العلاقات الأخوية التي يجب أن تربط بلدان الخليج بجماعة الإخوان المسلمين السورية في مواجهة محاولات إيران لتوطيد نفوذها في المنطقة. لكن يبقى أن نرى ما إذا كانت السعودية والإمارات العربية المتحدة ستواصلان معاملة الفرع السوري لجماعة الإخوان باعتباره حالة منفصلة، أو ما إذا كانتا ستبدآن، عوضاً عن ذلك، بقمع أنشطة الجماعة الهادفة إلى جمع الأموال، والتي تُجرى بشكل أساسي على أراضيهما.

خلاصة

قد لا يجسّد انتخاب وليد لتولّي منصب المراقب العام الجديد للجماعة الثورةَ التي كان يتوقّعها العديد من أعضاء جماعة الإخوان السورية. فهو من دون شك جزء من المؤسسة، إذ أنه شخصية توافقية ترضي تكتلات القوة الرئيسة في الجماعة، وهو من قدامى الإخوان. لكن بدلاً من أن تكون هذه الصفات ضعفاً، قد تمنحه الشرعية الداخلية التي يحتاج إليها للمباشرة بمجموعة من الإصلاحات ضمن الجماعة قبل أن يتولّى السلطة الجيل الجديد من الناشطين. ومقاربته هذه للسياسات قد تؤشّر أيضاً إلى بروز شكل من القيادة أكثر توافقية وأكثر دهاءً من الناحية السياسية؛ قيادة ستكون أساسيةً في النجاة من العاصفة الإقليمية التي تضرب المنطقة، وفي تحسين صورة الجماعة في سورية والخارج.