لا يوجد مدافعون عن داعش حتى من يدعم تنظيم الدولة الاسلامية يتبرأ ويغسل يديه من جرائم هزّات الوجدان والضمير العالمي وهي مُدانة بكل المعايير الانسانيّة والسياسية والقانونيّة وتأسّس ضدّ الدولة حلف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لوضع حدّ طويل الأمدّ لداعش التي هزّت شباك الأمن في أكثر من بلد عربي وبات تأثيرها مخيف للغرب وللعرب معاً .

لا أريد التوسع في توصيف الكراهية العربية المسيطرة على النخب باختلاف رتبها السلطوية والتي تستعدي تصرفات داعش من جهة و تعمل على التخلص منها من جهة ثانية ولن أشير الى آذاها الكبير لأن ذلك من بديهيات صفات تنظيم داعش .. وعلى قاعدة رُبّ ضارة نافعة نجد في داعش ومن خلال النتائج التي أحدثتها في العراق وسوريا حسنات كثيرة أسهمت في تصحيح المسار السياسي في العرق من خلال خلع المالكي من قبل ايران بعد أن ثبتته كرئيس وزراء أوحد للعراق الذي ذبحه المالكي ومن معه بسكين الفساد من قبل مجيء سكين داعش الى البصرة والأنبار .

اذاً فتح داعش في العراق فتحاً سياسياً كبيراً كان مستحيلاً قبل دخول التنظيم اليه وكانت الأزمة العراقية الداخلية مُنذرة مما هو أخطر من وجود داعش كان التفتيت للنسيج السياسي والمذهبي يسلك طريقه و يأخذ مداه  الأبعد في الجسم العراقي وقد كشف التنظيم عن هشاشة الأمن الوطني والاقليمي على حدّ سواء وتبين ضعف الدولة العراقية والايرانية في المحافظة على هدية أميركية لا تعوّض ولا تتكرر.

لم تتجاوب القيادة الايرانية مع نداءات العراقين من الأصدقاء لها وقبل الأعداء قبل تنظيم الدولة وأغلقت مسارب سمعها عن كل دعوة صريحة للتخلص من المالكي رمز الفسادين السياسي والمالي لأنه أخلص لها في موارد العراق وفي الموقف المشبع بالدعم المادي لها في سورية .

في لبنان كلفنا خلاف حزب الله تيّار المستقبل الكثير من السنين التي لا تعوض ولم يقتنع الحزب لا بسعد الحريري ولا بتيّاره ولا بالمملكة العربية الداعمة لعائلة الحريري ونعت الحريري بنعوت شتى ووسم المستقبل بما لا يوسم به تيّار وطني مؤثر وفاعل في الحياة السياسية ودفع الداعون آنذاك الى الحوار مع المستقبل فاتورة كبيرة من خلال هجمة الحزب الشرسة والتخوينية لكل من يعتبر المستقبل شريك وطني وازن ومعتدل في الحسابات السياسية اللبنانيّة . كما أن المستقبل بدوره رفض الحزب جملة وتفصيلاً لأنه قوّة مصادرة للسلطة من موقع الدولة التي أقامها على حساب الدولة المركزية والتي أمست "دويلة"يتحكم بها الحزب كيفما شاء واتخذ سعد الحريري ومن خلال جهابذة 14آذار مواقف أكبر من حجمه وحجم تيّاره والجهة التي يتزعمها بحق الحزب على مواضيع خلافية وما أكثرها لحظة الخلاف وما أقلها لحظة الحوار الأمر الذي أدّى الى 7أيار المجيد والى اخرج المستقبل من المعادلة الحكومية فيما بعد نتاج أسباب عديدة أهمها قصر نظر المستقبل في العمل السياسي .

بعد سنوات من حرب حزب الله المستقبل وبعد أن رفض حزب الله دعوات دول كان يعتبرها من محور الممانعة والمقاومة للتلاقي مع الرئيس سعد الحريري باعتباره نكرة سياسية وبعد أن رفض المستقبل التعاون من خارج الحكومة مع حزب الله لتصحيح علاقة مأزومة لأنها محكومة ببعد اقليمي سعودي - ايراني  جاءت داعش ومن معها من تنظيمات شبيهة سورية ولبنانيّة متعاطفة الى حدّ الجهاد والموت دفاعاً عن سورية في سورية ومن لبنان. لتغيّر من ذهنيّة الحزب والتيّار لأن مصالحهما تقاطعت في لحظة استطاعت فيها داعش تغيير توازنات دقيقة آثّرت وبشكل مباشر على حزب الله والمستقبل في آن معاً .لذا بادر الطرفان الى التلاقي من موقع الوطنية الجامعة لتحرير ملفات عالقة ولمواجهة مدّ التطرف الذي أضرّ بمصالحهم ودفع بهم الى غزل سياسي بات فيه سعد الحريري رجل المرحلة دون سواه بالنسبة لحزب الله الذي أمسى جهة مسؤولة عن الدولة بالنسبة للمستقبل .

كان من الممكن أن يتغازل المتغازلون ودون سبب مكروه وشيطاني لأن المصلحة الوطنية معيار لفحص وطنيّة النخب وكان من الممكن تلافي الخسائر التي مُني بها الجميع جرّاء خلاف سيأخذهم في نهاية المطاف الى حوار يلبي حاجة الطرفين منه و"لكن" هي دائماً  كلمة تُستخدم كمبرر كاف ليقنع المتزعمون المتزعمين لهم أسباب التكفير في مرحلة وأسباب الايمان في مرحلة أخرى لنفس الجهة أو الشخص .

ربما تكون داعش خيّرة في نتائج معيّنة رغم الشر الذي تمثله والشيطنة التي تسكن عقل قادتها ومن المخزي أن نقول شكراً داعش لأنك حررتي العراق من أخطبوط فاسد ودفعت باللبنانيين الى حوار كان قبل التنظيم مستحيلاً وحراماً يعاقب عليه من قبل الجهات المختصة