استعادت «هيئة علماء المسلمين» في لبنان نشاطها السياسي بعد أن تجاوزت صدمة استقالة رئيسها السابق الشيخ مالك جديدة، وردت عليها بانتخاب فوري للشيخ سالم الرافعي رئيسا جديدا لها، وباعادة تنظيم بيتها الداخلي.
وشكلت زيارة وفد الهيئة برئاسة الرافعي الى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أمس ترجمة عملية لخطوات الانفتاح التي أعلنت عنها بعد انتخاباتها الأخيرة، وهي ساهمت الى حد بعيد بكسر الجليد الذي تراكم بينها وبين دار الفتوى على خلفية التجاذبات التي شهدتها انتخابات المفتي دريان عندما شكلت الهيئة رأس حربة ضده.
ثمة قناعة لدى «هيئة العلماء» بأن عليها أن تبذل جهودا مضاعفة لتبديل النظرة السياسية إليها، والتي تصنفها في خانة التطرف، وهي تدرك أن استمرارها في نهجها السابق سيؤدي حتما الى عزلها وخسارة تأثيرها، خصوصا بعد الارباك الذي أحدثته استقالة جديدة في صفوفها، وفي ظل إجماع اللبنانيين على رفض ومحاربة كل أشكال التطرف، لذلك وجدت أن ديمومة حضورها رهن بانفتاحها، لا سيما على المؤسسة الدينية الأم.
وتشير المعلومات الى أن الهيئة ستقوم خلال المرحلة المقبلة بزيارات الى مختلف القيادات السياسية، بما يؤدي الى تعزيز حضورها على الساحتين الاسلامية والوطنية، لذلك فقد عادت لتأخذ قضية العسكريين بصدرها مجددا من خلال طرح المبادرات وإعلان استعدادها للتفاوض مع الخاطفين، شرط أن تحظى بتكليف رسمي من قبل الحكومة اللبنانية، لا أن تترك بمفردها كما حصل في المرة السابقة عندما دفعت الثمن من دماء مشايخها وعلى رأسهم الشيخ سالم الرافعي والشيخ جلال كلش الذي لا يزال يعالج في الخارج.
وكان المفتي دريان استقبل وفد «هيئة العلماء»، واعتبر الشيخ الرافعي أن «دار الفتوى هي مرجعية المسلمين في لبنان بكل اطيافهم، وتمثل المرجعية الاسلامية والوطنية الجامعة»، وأشار الى أن الهيئة أطلعت دريان على تفاصيل «مبادرة الكرامة والسلامة» التي تقضي اولا باطلاق سراح النساء المعتقلات، وقد طلب وضعها بعهدة رئيس الحكومة الذي يرأس خلية الازمة.
وأشار الرافعي الى أن «الهيئة» مستعدة للمضي بالمبادرة بناء على شرطين أساسيين هما: تكليف رسمي من الحكومة للهيئة، والقبول بمبدأ المقايضة. لافتا الانتباه الى أن «ملف المخطوفين يشكل تهديدا جديا للسلم الاهلي والعيش المشترك».
وأكد الرافعي «أننا لا نرضى أن تعتقل إمرأة بجريرة أن زوجها مطلوب لأن ذلك مخالف للشرع والقانون. ولا نتمنى، ونحن في بلد الحريات، ان تتكرر سيرة النظام القمعي السوري. وقد قرأت كلاما لوزير الداخلية انه ليس على النساء أي أمر قضائي، وانما جُعلن ورقة تفاوض في قضية العسكريين المخطوفين، وإذا كن قمن بعمل امني في لبنان، فليظهر هذا للناس».
ولفت الرافعي الى أن أهالي العسكريين طلبوا أن يكون لـ»الهيئة» دور في المفاوضات، ونحن لا نريد ان نتخلف عن واجبنا، ولا نريد ان نتعدى على صلاحية الحكومة.