لم أفهم لماذا تم التخلّي عن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق عندما أعلن أن لا إقفال للطرق بعد اليوم؟ قام الوزير بواجبه تجاه المجموعة الأوسع من اللبنانيين العالقين في زحمة تحول دون بلوغ أعمالهم والمستشفيات. وزير الصحة وائل ابو فاعور يقوم بواجبه في ملف الامن الغذائي، وشكره واجب.

كذلك وزير المال علي حسن خليل اقدم على خطوة مماثلة ويستحق الثناء.

اما خطوة وزير الاقتصاد ألان حكيم فظهرت دعسة ناقصة، لم تكتمل بايضاحات أو متابعة شفافة.

إذاً كل وزير يقوم بمهمة انتدب لها، وإذا قصر في مجاله فيجب مساءلته، حتى لا نقول معاقبته.

وحده وزير الداخلية لم يؤيده احد في حركته التي اتخذها للمصلحة العامة، ربما لأسباب شخصية، أو لمزايدات سياسية صارت طاغية ما بين السياسيين، يدفعهم إليها بعض الإعلام الذي يبالغ في التحريض من دون الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية.

اتخذ الوزير المشنوق القرار الصائب، لان اللبنانيين يتعاطفون ويتضامنون مع أهالي العسكريين المختطفين، لكنهم لا يتمنون للأهالي ان يتحولوا جلادين لمواطنيهم فيلعبون دورا مشابها للمسلحين الزعران في "جبهة النصرة" و"داعش"، ولا فارق بين التنظيمين إلا في الوسيلة المعتمدة لتنفيذ القتل.

اما في الجوهر فحقيقتهما الارهابية واحدة، ولا يجوز للحكومة اللبنانية ان تتعامل معهما بهذا القدر من التراخي والانسحاق، لان القوة تحتاج الى قوة، كما قال الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، عندما نصح الدولة باستعمال اوراق القوة التي تملكها، وهي كثيرة، بدءا بالسجناء الاسلاميين المحكومين باعدام ينتظر قرار التنفيذ، وصولا الى آلاف المعتقلين من الارهابيين لدى الأجهزة الأمنية.

وإذا كان لا بدّ من مبادلة فلتكن، انما من موقع القوة.

هكذا يتم تخليص الجنود، إخوتنا وأهلنا، وتخليص أهلهم من الذلّ والهوان.
والحقيقة تقال ان قوى الامن الداخلي لم تعامل المتظاهرين بعنف، ولا الاعلاميين، (وهذا كلام لن يعجب كثيرين) الا بعدما رفضوا الانصياع لأوامر إبعادهم من المكان.

وقد تهجمت النسوة على عناصر الأمن قبل أن تصرخن بأعلى صوتهنّ "انتم تعتدون على النساء".

فهل المطلوب من قوى الامن ان تعصي الاوامر العسكرية؟ وهل المطلوب منها ان ترفض القيام بواجبها؟

عيب هذه الحملة على القوى الامنية والعسكرية التي تقوم بواجبها لمصلحة كل منا.
أما بعد، فإن على وزارة الداخلية، وإن تراجعت في فتح الطرق مساء اليوم عينه رحمة بالأهالي (وهم فعلا لا قولا يستحقون كل تضامن ودعم)، المضي في توفير الامن للبنانيين المجردين من السلاح الميليشيوي الذي يحمي البعض ويعتدي على الآخرين.

وعليها قبل أي خطوة مقبلة، ان تأمر القوى الامنية مجتمعة، بطرد المحتلين من مؤسسة كهرباء لبنان، اذ لا يجوز ان تحتل مؤسسة رسمية طوال هذه المدة، وتعطل المصلحة العامة، من دون ان تقدم الدولة على القيام بأي اجراء يثبت انها دولة.