شكلت الانتخابات الرئاسية في تونس أحد أهم الأحداث المشرِّقة والإيجابية في العالم العربي والإسلامي في ظل ما نعيشه من تطورات خطيرة وصراعات سياسية وعسكرية وطائفية ومذهبية.

وأهمية هذه الانتخابات أنها اكدت أن العالم العربي والإسلامي قادر على إنتاج تجربة جديدة على صعيد الديمقراطية وتداول السلطة وإعادة الاعتبار للناس والشعب في اختيار المجلس النيابي والحكومة والحاكم.

ويضاف لذلك أن هذه الانتخابات اكدت  أنه لا تزال هناك حركات سياسية متنوعة  ومن ضمنها الحركات الاسلامية واليسارية والقومية والليبرالية مستعدة للانخراط في الصراع الديمقراطي وعدم التشبث بالحكم والحكومة، وذلك من أجل مصلحة الناس والمجتمع.

ولا بد من الاشارة بشكل خاص الى ان اداء حركة النهضة الإسلامية في تونس بقيادة الشيخ راشد الغنوشي  قدم نموذجاً جيداً حول استعداد الحركة الإسلامية للقبول بالتعاون مع بقية القوى السياسية حتى لو كانت هي الأقوى شعبياً، كما أنها قبلت التنازل عن رئاسة الحكومة لصالح شخصية مستقلة حفاظاً على التجربة السياسية وللتمهيد لاستكمال المرحلة الانتقالية.كما انها لم ترشح ولم تدعم شخصية معينة لرئاسة الجمهورية مما يعطيها الفرصة للتعاون مع الجميع وترك كل الخيارات مفتوحة. 

إذاً نحن أمام تجربة جديدة ومضيئة في العالم العربي والإسلامي في ظل هذا الظلام الذي يحيط بنا.

ولذا لا بد أن نوجه التحية أولاً إلى الشعب التونسي الذي أثبت أنه يستحق الثورة والديمقراطية ومستعد للمشاركة في العملية السياسية ومحاسبة القوى السياسية والحزبية.

كما نوجه التحية إلى كل القوى السياسية والحزبية والاجتماعية ولا سيما النقابات ومؤسسات المجتمع المدني لأنها ساهمت في إنجاح هذه التجربة واستكمالها.

والتحية بشكل خاص لحركة النهضة وقائدها الشيخ راشد الغنوشي لأنها أعطت الأمل بوجود حركة إسلامية مستعدة للقبول بتداول السلطة السلمي وحماية الديمقراطية والمنجزات الشعبية.

وبانتظار استكمال هذه التجربة  بعد اعلان النتائج وتشكيل حكومة جديدة، ندعو الله أن يحفظ تونس وشعبها، وأن تنتقل هذه العدوى إلى كل العالم العربي والإسلامي.

قاسم قصير