خلال ما بات يناهز السنتين من انخراط "حزب الله" في الازمة السورية بذريعة الدفاع عن مقام السيدة زينب في دمشق وفق ما اعلن مسؤولو الحزب انفسهم، وفي مقدمهم الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، تطورت المبررات لهذا الانخراط تباعاً الى الدفاع عن اللبنانيين الموجودين في القرى الحدودية في الجزء السوري منها وصولاً اخيراً الى الدفاع عن لبنان كما يقول مسؤولو الحزب في مواجهة التكفيريين خصوصا بعد انتقال تنظيمات سورية الى جرود عرسال وهجومهم على بريتال ايضاً. ومحاربة التنظيمات الارهابية التي نشأ تحالف دولي من اجل محاربتها في العراق وسوريا يعتبر كثر من القوى الحليفة للحزب انها اعطته مشروعية اكبر للمواجهة التي بات يضعها عنواناً لمشاركته في الحرب السورية الى جانب النظام الذي لا يزال يدعي منذ انطلاق الثورة ضده بان المعارضة ارهابية وهو يحاربها.   تدرج مراجع ديبلوماسية خارجية مشاركة الحزب في الحرب السورية على انها كانت الركيزة الاساسية التي انقذت نظام بشار الاسد من السقوط وهو ما تسجله في رصيده على الصعيد الميداني العملاني والذي يوازي انقاذ موسكو النظام ديبلوماسياً. فهناك اقتناع خارجي واسع وواثق بان الحزب هو الذي منع النظام من الانهيار وهو ساعده في لملمة نفسه واستعادته السيطرة في بعض المناطق السورية ومن دونه لكانت الامور مختلفة تماماً في سوريا راهناً بغض النظر عما اذا كان ذلك افضل بمعنى المساعدة في انهاء مسار الحرب أو اسوأ. كما يكتسب بعض ما اقر به مسؤولو الحزب من ان "قتالنا في سوريا هو لحماية المقاومة وطرق امدادها " صدقية بالمقدار نفسه لواقع انقاذ الحزب النظام السوري من الانهيار باعتبار ان مصيره مرتبط جدا بمصير النظام من حيث بقائه كالذراع الايرانية الابرز الذي تتمسك به ايران والذراع القوية لها على المتوسط وعلى الحدود مع اسرائيل وكان مستقبله او بالاحرى مصيره سيكون عرضة للخطر مع سقوط النظام. فهذان العاملان هما بمثابة وقائع او حقائق لا يمكن دحضها باعتبارها تستند الى معلومات وحيثيات واقعية وموثقة وبغض النظر عما خلفه ذلك على صعيد تقويم الحزب في الخارج اكان ذلك سلباً او ايجاباً. الا انه في المقابل يلاحظ مراقبون محاولة الحزب منذ بعض الوقت خوض معركة تسويق انخراطه في الحرب السورية من خلال ادخاله عنصراً جديداً يسعى الى توظيفه لمصلحته الا وهو ان تدخله في سوريا انما هو للدفاع عن لبنان ومنعا من وصول تنظيم داعش الى المناطق اللبنانية مستفيداً من جملة وقائع خدمته في الواقع بدءاً من خطف الجنود اللبنانيين في عرسال وصولا الى الخرق الامني الذي حصل في بريتال واخيرا الى احداث طرابلس. وهذه الفكرة يتم توظيفها بالاجمال بكثرة من جانب الحزب في الآونة الاخيرة بعدما بات اسم داعش يرن سلباً في اذان اللبنانيين في محاولة لاسباغ واقع جديد للحزب وهو مهمة الدفاع عن لبنان ليس في وجه اسرائيل فحسب بل في وجه من يسميهم التكفيريين مما يجعله بمثابة الضرورة التي لا يتم الاستغناء عنها. لا يستبعد المراقبون في ضوء حملة دعائية ومتواصلة للحزب النجاح في ترسيخ انطباعات مختلفة على المستوى الشعبي في بعض الاوساط عن تدخله في سوريا على غرار تلك التي يروجها منذ بعض الوقت لولا ان هناك جملة عوائق لعل ابرزها اولاً: وجود خطاب متفاوت وغير متماسك لديه بحيث لم يثبت بعد فعلا منطقه القائل بالدفاع عن لبنان خصوصا في ظل منطق لم يستطع الحزب نقضه او دحضه يقول بانه كان الافضل لو بقي على الحدود في لبنان مانعا لعبور اي تكفيري او ارهابي بدلاً من محاربة هؤلاء في سوريا ما ادى بداية الى جملة تفجيرات وانفجارات في مناطقه وهو ما شكل ولا يزال يشكل ترجمة لربط لبنان عملانيا بالازمة السورية. كما لا تساعده اطلاقاً في المستوى نفسه التصريحات المتواصلة والمتزايدة للمسؤولين الايرانيين الساعين الى جعل لبنان ورقة من اوراق المساومة لدى طهران مع الغرب او مع العرب، والذين يستمرون في التلويح بامتلاك هذه الورقة الى جانب امتلاكهم اوراق كل من سوريا والعراق واليمن حديثا. كذلك لا يساعده ان يكون "جنود ولاية الفقيه" من حمى لبنان من التكفيريين باعتبار ان ذلك يشرع لبنان اكثر فاكثر لحرب مذهبية تجري بالواسطة. اذ يحتاج الحزب الى ملاقاة الطوائف الاخرى في مسعى تثبيت هذا الاقتناع في حال كان يستهدف اللبنانيين في هذه الحملة ولا يستهدف اقناع الغرب فقط بتغير مقارباته ليكون في موقع مختلف عما يصنفه الغرب عموماً (وهو ما بات يغيب في خضم محاربة الارهاب في المنطقة) وفي موقع واحد مع التحالف الدولي لمحاربة داعش مثلما اقنعهم بجدوى محاربته لهؤلاء في القصير مثلاً. فثمة كثر مقتنعون بان الحزب يسعى الى مشروعية مختلفة لوضعه من الخارج بناء على ما تقدم، وهو ما يهمه في الدرجة الاولى، علماً ان ثمة من يعتقد ان ثمة مقاربات يحتاج اليها الحزب من اجل بيع منطقه او تسويقه استنادا الى الداخل.