تتطلع طرابلس الى مزيد من تعزيز الأمن والاستقرار في ربوعها، خصوصا أن ما دفعته على مدار 20 جولة عنف بين التبانة وجبل محسن، إضافة الى جولتين غير تقليديتين بين المجموعات المسلحة وبين الجيش اللبناني، يجعلها غير قادرة على القبول مجددا بأنصاف الحلول الأمنية، وهذا ما وضعها على حافة الانهيار الحقيقي أمنيا واقتصاديا وتجاريا وسياحيا، فضلا عن التشويه المتعمد لصورتها.
ويتابع الجيش اللبناني أعماله في المناطق التي دخلها للمرة الأولى في التبانة. وأكدت مصادر عسكرية لـ«السفير» أنّ الجيش يقوم بمهام إضافيّة تتعلق بمساعدة المواطنين في كثير من الأمور التي يحتاجونها، وذلك بناء لتوجيهات قائد الجيش العماد جان قهوجي خلال زيارته أمس الأول، حيث شدد على ضرورة تسهيل مصالح الناس والتعاطي الايجابي معهم ومساعدتهم بكل الامكانات المتوفرة.
كما تابع الجيش مداهماته وأوقف، أمس، ثمانية لبنانيين متهمين بإطلاق النار ورمي القنابل على مراكزه في طرابلس في فترات سابقة، كما أوقف ستة سوريين.
وقد وسّع الجيش من مروحة مداهماته الى أبي سمراء فاقتحم مبنى عائداً الى الشيخ بلال دقماق يضم منزلا له ومنزلين مؤجرين الى سوريين وآخر مقفلا خاصا بوالديه. وبعد تفتيش المنزل المقفل عثرت وحدات الجيش على عدد من البنادق الفردية والرشاشات المتوسطة والقناصات والقذائف الصاروخية والقنابل اليدوية والذخائر، بالاضافة الى كميات من المتفجرات والاعتدة العسكرية المتنوعة.
وظهراً تكشّفت خطط كان يضعها المسلحون في حال صمدوا، ونجحوا في استدراج الجيش الى حرب شوارع. إذ عثرت وحدات الهندسة على خمس عبوات ناسفة، زنة كل منها عشرة كيلوغرامات، معدة للتفجير ومجهزة بأجهزة لاسلكية للتفجير عن بعد، وذلك في سوق الخضار الذي يربط بين «مسجد الرشواني» و«مصلى عبد الله بن مسعود» الذي كان يتحصن فيه المسلحون.
وقد عمل الخبير العسكري على تفكيكها ونقلها من مكانها. وأشار مصدر عسكري مطلع الى أن هذه العبوات كان يخطط المسلحون لتفجيرها بالآليات عند اقتحام مواقعهم، مذكرا بنحو 12 عبوة مماثلة كانت موضوعة في أماكن متفرقة من المربع الذي كانوا يتواجدون فيه، لافتا الانتباه الى أنه لو تمكن المسلحون من تفجير هذه العبوات، لوقعت كارثة حقيقية على الأهالي الموجودين في منازلهم التي كانت ستدمر بالكامل.
كذلك فقد واصل الجيش عمليات التمشيط والبحث عن المطلوبين في بلدة بحنين ومنطقة المنية وصولا إلى منطقة عيون السمك والطرقات المؤدية إليها لجهة الضنية وعكار.
وعزز الجيش انتشاره على معظم الطرقات المؤدية الى عيون السمك، حيث يعتـقد ان الشــيخ خالد حبلص ومجموعتـه قد فروا إليها. في وقت نفذ الجيش عدة عمليات دهم لمنازل مشتبه بهم ومخيمات نازحين سوريين، وتم توقيف عدد من الأشخاص، كما قام البعض بتسليم أنفسهم.
ونفذت قوة من فوج المغاوير مداهمات في بلدة فنيدق بحثا عن مطلوبين، ودهمت منزل العسكري الذي قتل مع اﻻرهابيين في الضنية بحثا عن شقيقه خالد اﻷكومي المعروف بتأييده للمجموعات اﻻرهابية.
كما تمت مداهمة عدد من المنازل في بلدة ذوق الحبالصة في عكار وافادت معلومات عن توقيف كل من فادي إبراهيم وفؤاد حبلص، المعروفين بانتمائهما الى مجموعة الشيخ خالد حبلص.
وحضرت طرابلس في لقاءات مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي استقبل النائبين أحمد فتفت وجمال الجراح.
وشدّد دريان على أن «مبادرة الرئيس سعد الحريري التبرّع بمبلغ 20 مليون دولار للمناطق التي تضرّرت في طرابلس، تتكامل مع الموقف المبدئي الذي أعلنه الحريري، والذي يشكل خارطة طريق إسلامية ووطنية تقوم على أساس التمسك بالدولة اللبنانية وبمؤسساتها الشرعية، ونبذ الإرهاب والتصدي للإرهابيين الذين يشوهون صورة الإسلام.
واعتبر فتفت أن «الجيش اللبناني هو جيش وطني أساسي، ولكن نعتبر أيضا ان معالجة المشاكل لا تكون بمعالجة النتائج بل بمعالجة الأسباب».
وشدد الجراح على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار من البقاع الى طرابلس.